الجزارون يتحدون العدوى البكتيرية بتناول «أصبع الكبد» نيئا

تتسيد «الكبدة» موائد الإفطار الحجازية أول أيام عيد الحج

يعتقد الكثير من الجزارين أن تناول الكبدة دون طهي يعد أكثر فائدة لكونها تحوي كميات كبيرة من الحديد («الشرق الأوسط»)
TT

تصدر أمس طبق «الكبدة» معظم موائد الإفطار في المنازل الحجازية، وخصوصا أن ذلك الطبق بات يرتبط كثيرا بموسم عيد الأضحى المبارك ليتسيد بقية المأكولات التي قد تحويها مائدة إفطار أول أيام العيد، فضلا عن العديد من الأطعمة المعتمدة في إعدادها على اللحم باعتبار أن الحج يتميز بالأضاحي والفدى وغيرها، وهو ما أكسبه اسم «عيد اللحم» لدى الدول العربية الأخرى.

رحلة «الانغماس» في طعم الكبدة تبدأ منذ ذبح خروف العيد، فبمجرد الوصول إلى منطقة الكبد يلاحظ على الكثير من الجزارين التقاط قطعة منها والتهامها «نيئة» قبل طهيها لاعتقادهم بأنها أكثر فائدة، وسط تحذيرات باحتمالية انتقال العدوى البكتيرية إليهم في حال كانت الكبد مصابة بأي بكتيريا. ذلك الموقف كان بالنسبة للكثير مجهول السبب، إذ إنهم يرون اعتياد الجزارين على أكل قطعة نيئة من الكبد أثناء تقطيع اللحم دون معرفة الهدف من ذلك سوى أن هذا التصرف ربما يكون نابعا من قسوة قلوبهم أو جبروتهم، بحسب ما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» إيمان القرني.

ولكن العم أحمد سالم، الذي اعتاد على فعل ذلك، أرجع سبب تناول قطعة من كبد الخروف أثناء تقطيعه للحم إلى وجود زائدة تشبه الإبهام، والمسماة بـ«أصبع الكبد»، حيث تتم إزالتها من الكبد دون أن تؤثر على شكلها لكونها مجرد قطعة زائدة، ثم أكلها لما تحمله من فائدة كبيرة.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» العم أحمد سالم «منذ الصغر وأنا أتناول الكبدة دون طهي، ولا سيما أنها عبارة عن الدم الذي يحوي كميات كبيرة من الحديد المفيد لحالات فقر الدم، إلا أنه في حال طبخها بشكل كامل فإنها تفقد قيمتها الغذائية بعكس تناولها (نيئة) أو مطهية للنصف فقط».

في حين يفيد لـ«الشرق الأوسط» سعود بن عايض، أحد العاملين في مجال بيع المواشي، بوجود أفراد يحرصون أيضا على نزع عرق زائد تحمله كرش الخروف ليتم أكله في وقتها دون طهي، مضيفا أن «ثمة اعتقادا بأن هذا العرق مسؤول عن تقوية أنسجة الجسم».

واستطرد في القول «جرت العادة أن نقوم بإعداد الكبدة والمقلقل على مائدة الإفطار في أول أيام عيد الأضحى المبارك، فضلا عن الأرز و(المعرق) المتضمن قطعا صغيرة من اللحم يتم طهيها بالطماطم والبصل والبهارات شريطة أن تقدم بمائها المطبوخة فيه وليست جافة».

وهنا، حذرت الدكتورة عبير معالي، متخصصة التغذية في أحد المستشفيات الخاصة بجدة، من تناول كبد الخروف دون طهي، وذلك على خلفية احتمالية انتقال البكتيريا أو الفيروسات التي قد يحملها هذا العضو تحديدا بين أنسجته.

وقالت الدكتورة عبير معالي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن طهي اللحم بشكل عام يعمل على تعقيمه من أي ميكروبات، وخاصة أن البكتيريا والفيروسات تموت عند درجات الحرارة المرتفعة، لافتة إلى أن طبخ الطعام للنصف لا يعد كافيا كي يتخلص مما قد يحمله من فيروسات، بحسب قولها.

وفي ما يتعلق بأنواع الفيروسات التي قد تصاب بها كبد الخروف، أفادت الدكتورة عبير معالي بأنها قد لا تكون فيروسات مباشرة، وإنما ربما تنتقل عن طريق بعض الطفيليات والديدان التي توجد في جسد الخروف.

طريقة إعداد الكبدة على مائدة الإفطار الحجازية ليست بالشيء الصعب، وإنما، بحسب ما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» خديجة خوجة، تتمثل في تقطيعها وطهيها على الصاج وإضافة البهارات والملح والفلفل الأسود عليها، إلى جانب الطماطم المقطعة لمكعبات صغيرة بحسب الرغبة.

وقالت خديجة خوجة لـ«الشرق الأوسط»: «نقوم بإعداد الكبدة والمقلقل أيضا، ويتضمن أوصال اللحم التي يتم طبخها في المقلاة مع الملح والفلفل الأسود والطماطم بحسب الرغبة»، مبينة في الوقت نفسه أن أول أيام عيد الأضحى المبارك لا بد أن يشتمل على أحد هذين الطبقين، وخصوصا أن أبناءها ينتظرون إعدادهما منذ يوم عرفة. الجدير بالذكر أن الأهالي في معظم مناطق السعودية يحرصون على إعداد مختلف الأنواع من الطعام باستخدام اللحم، وذلك طيلة أيام عيد الأضحى المبارك سواء كانت على موائد الإفطار أو الغداء أو حتى العشاء. وتختلف مسميات تلك الأطباق باختلاف كل منطقة عن الأخرى، فـ«المقلقل» اسم متعارف عليه في الحجاز، بينما لا يعرف في المنطقة الشمالية إلا باسم «الحميس» مع احتوائه على البصل بعكس الأول.