قطبا جدة.. تقويض أحلام

محمود تراوري

TT

كملاكمين ودودين، ارتقيا جيدا لمثل رياضية نبيلة في نزال جولتهما الأولى، عادا أمس (السبت) للتدريبات مقتربين من قرع جرس بدء الجولة الثانية، في منافسة لا تحتمل أكثر من جولتين. الأربعاء، جولة أخيرة فرص الاتحاد لتجاوز الأهلي فيها، والوصول إلى النهائي تبدو أكبر. هكذا يبدو الأمر نظريا، على الأقل إن بقيت المسألة في دائرة احتمال التعادل السلبي بين الفريقين في لقاء الرد على أضعف الإيمان، خاصة إذا ما تأملنا في طبيعة الاتحاد كمتحد دفاع ذاتي، ينزع لتشكيل حلم مشترك يذود أفراده عنه بضراوة أثارت إعجاب وتعاطف الآلاف على مدى العقد الأخير. لكن أكثر ما يخشاه الاتحاديون (العقلاء منهم طبعا لا المتقلبون في عواطفهم) هو بالتحديد تضافر الانبعاث الثأري للأهلي، لكي يسجل نتيجة مرضية في أسرع وقت من المباراة المرتقبة، والتي يتوقع وينتظر أن تكون أكثر إثارة وإمتاعا من مباراة الذهاب الفاترة والفقيرة فنيا إلى حد الملل.

ثم ما هو ثابت تاريخيا في لقاءات قطبي جدة، وهو الطابع الحاسم، والتراكمي الذي لا رجوع عنه للتقدم نحو مسافة ترضي عشاق الفرقتين، شيء ما يصبح أكثر قابلية للانفجار جماليا حين يكون الأمر متعلقا بحسم ضروري لا مناص منه، يجعل أنصار كلا الفريقين متعلقا بتفاؤل تفرضه معطيات كثيرة، حتى وإن كانت هذه المعطيات تبدو مائلة لكفة الاتحاديين أكثر هذه المرة. دون أن نغفل عن أن النزعة التفاؤلية قد تنقلب في بعض المرات لتكون مرضية، وعمياء، تبلغ من الخطورة ما يجعلها لا ترى جموح مساحات وفرص ورغبة وإمكانات الطرف الآخر، إذ قد يسبب التفاؤل أحيانا من الشرور ما قد لا يتسبب به قدر بسيط من التشاؤم.

وإذا كان الاتحاديون عازمين على المضي قدما نحو استعادة حلمهم الآسيوي، فالأهلي لا يقل عنهم عزما، بل هو قادر أيضا على تقويض هذا الحلم وتصعيد حلمه الخاص، وإنهاء هذه السطوة الاتحادية من التعاطف الجماهيري الإقليمي معه امتدادا من سواحل الخليج حتى شاطئ عدن، طبقا لما تفرزه باستمرار مواقع الشبكة العنكبوتية، لتأكيد أن الأهلي - أيضا - يملك إرثا لا يستهان به، كانت له سطوته الجماهيرية قبل عهود انفجار الميديا التي كانت شاهدا على تسيد اتحادي آسيوي. حتى وإن انحرفت بعض مسارات تلك الميديا عن (الرصانة) وغلبت ممارسات (الصحافة الصفراء) فمالت لتضخيم ما هو (خاص) كخطوبة لاعب أو ما شابه ذلك، في مفارقة لافتة لتقاليد الثقافة الشرقية.

أما مسألة تجسيد مفاهيم (اللعب النظيف) واقعا مطبقا، فستظل قصة صحافية مؤجلة، ريثما تقرع طبول ختان الطفل الأول لنايف هزازي!