«عين دار».. أفضل منازل العرب قديما تجاور أضخم حقل نفط في العالم

أقدم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية والمملكة عموما

TT

هجرة عين دار التي شهدت حادثا مفجعا راح ضحيته 25 ضحية في حادث صعق كهربائي تعرض له مدعوون لحفل زفاف أقيم مساء أول من أمس في واحد من أفجع الحوادث التي تعرضت لها المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، والسعودية بشكل عام، في السنوات الأخيرة.

يقول محمد علوش من أهالي عين دار: «يسكن عين دار قرابة 8000 نسمة غالبيتهم من موظفي الحكومة ونسبة لا بأس بها منهم من موظفي شركة (أرامكو) السعودية»، وبحسب علوش فإن هجرة عين دار الهجرة رقم واحد في الهجر والقرى التابعة لمحافظة بقيق، حيث تضم محافظة بقيق 28 قرية وهجرة.

وينقص الهجرة مركز للدفاع المدني ومركز للإسعاف (الهلال الأحمر) ومركز للشرطة، وتعاني الهجرة من خطوط الكهرباء شديدة الجهد التي تمر بالقرب من المنازل.

يقول علوش: «تقام الأفراح والمناسبات للرجال في ساحة وسط الهجرة، حيث تنصب خيمة كبيرة وتعلق الثريات بها، بينما يكون موقع المساء في الأحواش، حيث يجهز صاحب المناسبة حوش منزله بالإنارة والفرش لاستقبال المدعوات، وتعتبر أقرب منطقة بها صالات أفراح هي مدينة بقيق التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن عين دار».

وتاريخيا تعتبر عين دار من أكبر هجر محافظة بقيق وتبعد عن مدينة بقيق 40 كيلومترا تقريبا باتجاه الشمال الغربي وتحيط بها آبار النفط من عدة جهات، وبحسب الباحث الأثري والمؤرخ السعودي عبد الخالق الجنبي فإن تاريخ هجرة عين دار يعود إلى ما قبل 12000 عام، حيث وجد بها من خلال المسوحات الأثرية السطحية متعلقات وآثار إنسان العصر الحجري الحديث الذي شكل سمة حضارية امتدت ما بين 10000 سنة إلى 6000 سنة قبل الميلاد، حيث عثر على أسلحة صوانية نسبة إلى حجر الصوان وسهام برؤوس من الصوان والتي تعتبر من آثار الإنسان الحجري».

كما عثر في محيط عين دار على قطع فخار العبيد نسبة إلى عصر العبيد الذي امتد ما بين 6000 - 4000 سنة قبل الميلاد، هنا يقول الجنبي، إن الآثار والشواهد تدل على تواصل سكن منطقة عين دار منذ أكثر من 12000 سنة.

وتشكل عين دار مركز ما عرف بوادي الجوف، وهو واد من أخصب وأشهر أودية إقليم البحرين قديما وكان واديا كثير المياه والعشب وكان منطقة جذب للقبائل الرحل.

ورد ذكر عين دار بحسب الجنبي في تاريخ المدينة لصاحبه عمر بن شيبة، كما ورد ذكرها في «معجم البلدان» للمؤرخ ياقوت الحموي، وورد ذكرها باسم دار، وكان بها عين عظيمة تعرف باسم عين دار سميت لاحقا المنطقة باسمها.

وقال الجنبي إن معظم المؤرخين الذين ذكروا عين دار، وعلى رأسهم ياقوت الحموي، وصفوها بأنها من أفضل وأجمل منازل العرب وأكثرها مياها، وتعد عين دار بحسب الجنبي من أقدم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية والمملكة بوجه عام وقد زارها فريق مسحي تابع لوكالة الآثار قبل أكثر من 30 سنة وعثر على اللقى والآثار في عمليات المسح السطحي، إلا أن الكشف عن الكنوز الأثرية لعين دار لم يتم حتى الآن، حيث لم تتعرض المنطقة لعمليات تنقيب حقيقية وعميقة للآثار.

وكانت عين دار في العصور السابقة واحة غناء يحيط بها بر اشتهر بأنه من أفضل مراعي الإبل في الجزيرة العربية، حيث يقول الجنبي، إن الأشجار التي تنبت في بر عين دار كانت في الغالب من أشجار الحمض والعرفج، ولذلك اشتهرت كموقع مهم لتربية الإبل.

في الفترة الأخيرة سكنها خليط من القبائل العربية من الهواجر والعجمان وبني مرة، وكانت قبل عصر صدر الإسلام وفي العصر الإسلامي من منازل قبيلة بني عبد القيس، ثم في العصور التي تلت ذلك انتزعتها منها قبيلة تميم، وفي الوقت الحاضر يسكنها خليط من القبائل. وتعتبر بلدة عين دار في الوقت الحاضر بلدتين: عين دار القديمة وعين دار الحديثة، وذلك بعد اكتشاف النفط في المنطقة الشرقية، حيث يقع بجوار عين دار أضخم حقل نفط في العالم وهو حقل الغوار.

ويظهر على سكان هجرة عين دار أنهم من الطبقة المتوسطة، حيث أبرز البيوت الحديثة الطراز بشكل واضح رغم افتقار الهجرة لبعض الخدمات الأساسية مثل مركز للدفاع المدني ومركز للهلال الأحمر، كما تفتقد الهجرة إلى القاعات المجهزة وقصور الأفراح، لذلك أقيم الحفل في موقع غير مهيأ مما تسبب في الحادث المفجع.