انفجار عبوة ناسفة قرب مقام السيدة زينب وسيارة مفخخة في معضمية الشام

أهالي تلكلخ بحمص يستغيثون.. واستمرار الغارات الجوية على ريف دمشق

عنصر بالجيش الحر يطلق النار من أحد النوافذ خلال اشتباكات مع القوات النظامية في حي صلاح الدين بحلب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت مناطق سورية عدة أمس قصفا عنيفا واشتباكات واسعة، مع استمرار القوات النظامية في استهداف النقاط التي يوجد فيها عناصر من «الجيش السوري الحر»، مما أسفر في حصيلة أولية أمس عن مقتل 90 شخصا على الأقل، فيما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «25 ألفا و667 مدنيا، وتسعة آلاف و44 جنديا نظاميا، و1296 منشقا» قتلوا منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد منتصف شهر مارس (آذار) 2011.

وأدى انفجار عبوة ناسفة أمس قرب مقام السيدة زينب، جنوب شرقي دمشق، إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، فيما أصيب العشرات بجروح، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد في بيان أن الانفجار نجم «عن عبوة ناسفة كانت مزروعة في دراجة نارية بحسب معلومات أولية»، وذكر أنها «انفجرت أمام فندق (ياسر) قرب مقام السيدة زينب». وقال تلفزيون «الدنيا» شبه الرسمي إنه تم إبطال مفعول قنبلة أخرى كانت معدة للتفجير في المنطقة نفسها.

من ناحيتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) نقلا عن مصدر في قيادة شرطة دمشق أن «مجموعة إرهابية مسلحة فجرت عبوة ناسفة، كانت قد وضعتها في كيس للقمامة بشارع مزدحم في منطقة السيدة زينب»، مشيرة إلى أن الحادث أسفر عن وقوع «عدد من الضحايا والإصابات»، من دون ذكر تفاصيل إضافية. ويعد مقام السيدة زينب، الواقع على أطراف القسم الجنوبي الشرقي من دمشق، مقصدا مهما للسياحة الدينية لا سيما للطائفة الشيعية، ويؤمه آلاف القادمين من العراق وإيران ولبنان.

ولاحقا أوردت وكالة «سانا» نقلا عن مصدر مسؤول أن «إرهابيين يستهدفون بقذيفة (هاون) مبنى سكنيا في حي غربة بمنطقة السيدة زينب، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من سكان المبنى»، من دون أن تقدم تفاصيل إضافية.. بينما أكد ناشطون أن «قوات الأسد تقصف بقذائف الهاون منطقة السيدة زينب بدمشق».

من جهة أخرى، أفاد التلفزيون الرسمي عن وقوع انفجار آخر في معضمية الشام جنوب غربي العاصمة السورية، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية. ونقل التلفزيون في شريط إخباري عاجل عن مصدر في قيادة شرطة ريف دمشق قوله: «تفجير إرهابي بسيارة مفخخة في الشارع الرئيسي في معضمية الشام في ريف دمشق يسفر عن وقوع عدد من الإصابات». ونقلت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد سكان المنطقة أن «الانفجار وقع على بعد 60 مترا من محطة للوقود، لكن لحسن الحظ النيران لم تندلع فيها، وذلك في شارع متفرع من الشارع الرئيسي في معضمية الشام، والدخان الكثيف غطى المنطقة».

وكانت الاشتباكات قد تجددت أمس في حي كفرسوسة وفي منطقة درب جديد بين القوات النظامية والجيش الحر، فيما قتل خمسة عشر شخصا على الأقل وأصيب العشرات خلال غارتين جويتين استهدفتا وسط مدينة زملكا، في ريف دمشق.

وقال محمد، وهو أحد الناشطين الميدانيين، لـ«الشرق الأوسط» إن «طائرات حربية نفذت غارات جوية عدة فوق بلدات الغوطة الشرقية وتحديدا بلدتا سقبا ودوما»، مشيرا إلى أن «قصفا مدفعيا عنيفا استهدف مدينة معضمية الشام في ريف دمشق مما أدى إلى تضرر عدد كبير من المنازل واحتراق قسم منها، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد منها».

وسجل ناشطون أكثر من عشرين غارة جوية استهدفت بساتين ومدن وبلدات الغوطة الشرقية، منها أربع غارات جوية على بلدة عربين ومحيطها، حيث لقي مقاتل معارض مصرعه في اشتباكات مع القوات النظامية، إضافة إلى خمس غارات على بساتين بلدتي سقبا ودوما، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من تلك المناطق.

كما تعرضت بلدة جوبر المتصلة بحي العباسيين شرق العاصمة لأعنف الغارات الجوية لليوم الثاني على التوالي، وقال شهود عيان في حي العباسيين إن أصوات القصف الجوي لم تهدأ طوال يومي أمس وأول من أمس. وبالتوازي مع ذلك، وقعت اشتباكات بين الجيش الحر والقوات النظامية لدى محاولتها اقتحام مدينة حرستا في ريف دمشق.

من جهة أخرى، أعلنت قيادة اللواء «يوسف العظمي» في «الجيش الحر»، في شريط فيديو عن «تطهير مجموعة من القرى الحدودية (مع تركيا) من عصابات (الرئيس السوري بشار) الأسد وشبيحته»، شملت مجموعة من القرى بينها «كفرحوم، كفررنة، البلانة، القامشلي، التلول، عين البكارة، حي الجاموس، وسواها»، وقد أعلنت «مناطق آمنة وعازلة للمدنيين، تحت حماية اللواء التابع للقيادة المشتركة». وأظهر شريط الفيديو مجموعة من الجنود النظاميين الأسرى الذي رفعوا بطاقاتهم العسكرية، وقال المتحدث إنه «ستتم محاكمتهم محاكمة عادلة وفق اتفاقيات معاملة الأسرى».

كذلك، بث ناشطون شريط فيديو لعناصر من «الجيش السوري الحر» أعلنوا خلاله بدء تنفيذ «عملية (العاصفة) في ريف إدلب، ردا على مجازر النظام في معرة النعمان وجبل الزاوية والوسطاني»، ستقوم بها «قوات (أحرار جبل الوسطاني)، و(كتائب شهداء سوريا)، و(كتائب الفاروق)، و(لواء الكرم)، لتحرير الساحل من عصابات الأسد المجرمة».

وكان عناصر من «الجيش الحر» قد تمكنوا من السيطرة أمس على حاجز المعصرة القريب من بلدة محميل، فيما ذكر المرصد السوري أن «طائرات حربية قصفت مدينة معرة النعمان الاستراتيجية وقريتي دير شرقي ومعرشمشة»، فيما دارت «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية وعناصر من (الجيش الحر) هاجموا حواجز تابعة للقوات النظامية على طريق اللاذقية - إدلب في ريف جسر الشغور، بالتزامن مع تحليق للطيران الحربي وسقوط قذائف على المناطق المحيطة».

وفي حلب، واصلت القوات النظامية قصفها المدن والقرى الحاضنة لمقاتلي الجيش الحر، فاستهدفت مدرستي الفارابي وأحمد منير قجة في حي الميسر في حلب، مما ألحق بهما دمارا واسعا. كما قصفت أحياء الشعار وقاضي عسكر والشيخ سعد، وألقت طائرات الجيش النظامي قذائفها على مخبز في الأتارب، مخلفة قتلى وجرحى، وعلى أحياء سكنية في قرى دابق وأرشاف وكفرة حمرة وكفرناها بريف حلب.

وشهدت مدينة حمص قصفا مدفعيا على أحياء الخالدية وجورة الشياح ودير بعلبة وجوبر والسلطانية، فيما طال القصف مدن الرستن والحولة وبلدات المباركية والبويضة الشرقية.

وقد استمر الحصار أمس على مدينة تلكلخ لليوم التاسع على التوالي، ووجه أهالي المدينة، وفق ما نقله ناشطون، نداءات استغاثة نتيجة عدم توافر الطعام والحاجات الإنسانية وعدم القدرة على معالجة الجرحى. وكانت وكالة «سانا» قد أعلنت أول من أمس عن تسوية أوضاع 13 مواطنا في تلكلخ «ممن غرر بهم وتورطوا في الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد ولم تتلطخ أيديهم بجريمة سفك الدم السوري مستفيدين من مرسوم العفو رقم 71»، بحسب الوكالة. وذكرت أن «مواطنين سلموا أنفسهم وأسلحتهم إلى الجهات المختصة بجهود أعضاء هيئة المصالحة الوطنية في محافظة حمص ووجهاء منطقة تلكلخ متعهدين بعدم حمل السلاح مجددا أو القيام بأي أعمال تخريب أو ما يمس أمن واستقرار الوطن».

كذلك، تعرضت مدينة حماه لحملات دهم واعتقالات، طالت وفق «شبكة شام» الإعلامية، أحياء الجلاء ومشاع الطيار وجنوب الملعب ووادي الحوارنة. في حين بثت «شبكة شام» الإخبارية صورا لقصف مدفعي على بلدة داعل في درعا جنوبي البلاد». وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا عن «اشتباكات عنيفة بين (الجيش الحر) وجيش النظام لدى محاولة اقتحام جيش النظام المدينة من ناحية المنطقة الشرقية».

وفي دير الزور، قالت «شبكة شام» إن «القصف تواصل على حي الجبيلة في دير الزور، وعلى مدينة موحسن»، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أحياء الجبيلة والشيخ ياسين والعرفي والرشدية تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول اقتحام هذه الأحياء والسيطرة عليها منذ أسابيع. وأفاد بتعرض مدينة موحسن، التي تعتبر من أهم معاقل «الجيش الحر» في ريف دير الزور، للقصف بالطيران الحربي.