مصر: عشرات المنظمات الحقوقية ترفض مسودة الدستور لتعارضها مع العمل الأهلي

حزب الإصلاح والتنمية قدم مقترحات لضمان حقوق المرأة وحرية التعبير

TT

في وقت تسعى فيه قوى وأحزاب سياسية مصرية لتجاوز خلافاتها حول مواد في دستور البلاد الجديد، الذي تعكف على كتابته حاليا جمعية تأسيسية مؤلفة من مائة عضو غالبيتهم من الإسلاميين، فتحت منظمات حقوقية محلية جبهة جديدة للصراع، بإعلانها رفض المسودة الأولية لمشروع الدستور التي طرحتها الجمعية التأسيسية للنقاش الشهر الماضي، بسبب تعارضها مع العمل الأهلي، في وقت تقدم فيه حزب الإصلاح والتنمية برئاسة محمد أنور السادات، عضو الجمعية، بمقترحات وملاحظات وتحفظات وتعديلات على مسودة الدستور، لضمان حقوق المرأة وحرية التعبير.

وأعلنت 154 مؤسسة حقوقية، أمس، رفضها المسودة الأولية لمشروع الدستور المقرر طرحه للاستفتاء العام بعد الانتهاء من كتابته قبل نهاية العام الحالي، وقدمت مزيدا من المطالب للجمعية التي تواجه غضبا متزايدا.

وسبق لقوى وأحزاب مدنية أن أعلنت رفضها لمسودة الدستور، وطالبت بمقاطعة أعمال الجمعية التأسيسية، قائلة إن المسودة الأولية تتجاهل المعايير الدولية للحقوق والحريات الشخصية، كما أعلنت أحزاب وقوى إسلامية رفض المسودة أيضا وإن اختلفت في مبررات رفضها، حيث قالت إن مشروع الدستور لا يستجيب لمطلب أن تكون أحكام الشريعة الإسلامية مصدر التشريع في البلاد، وليس فقط مبادئ الشريعة كما هو معمول به منذ دستور 1971 الذي أسقطته ثورة 25 يناير.

وبإعلان المنظمات الحقوقية رفض مسودة الدستور، تواجه الجمعية التأسيسية مأزقا سياسيا جديدا، بعد أن تجاوزت بالكاد عدة مآزق قانونية وسياسية خلال الفترة الماضية.

ولم تكتف المنظمات الحقوقية برفض مسودة الدستور، لكنها دشنت حملة لتحقيق 5 مطالب وصفتها بالـ«ضرورية»، وتعقد المنظمات الحقوقية مؤتمرا صحافيا اليوم (الخميس) للإعلان عن بدء حملتها رسميا.

وحددت المنظمات في بيان لها، أمس، المطالب الخمسة التي سوف تتبناها الحملة بجانب رفض مسودة الدستور، وهي: المطالبة بتخصيص باب في الدستور الجديد يخص المجتمع المدني بكل هيئاته ومؤسساته، بحيث يضمن له حرية التنظيم وحرية العمل، وجميع ما يتعلق بهذه المؤسسات في باب واحد بدلا من تفرقه في أبواب الدستور المختلفة.

وتقول قيادات المنظمات الحقوقية إن القانون الذي ينظم نشاطها كان يحد من قدراتها ويبقيها تحت نفوذ النظام الحاكم.

كما طالبت تلك المنظمات بأن يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور في صياغة الدستور الجديد بحسبانها من القوى الوطنية الفاعلة، وأن تسارع السلطات بإصدار «قانون ديمقراطي» يحرر مؤسسات المجتمع المدني مما وصفه البيان بـ«أشكال الوصاية والهيمنة والبلطجة التي تمارس ضدها وضد أنشطتها».

وتابعت المنظمات الحقوقية في بيانها قائلة: «إنه يجب على السلطات توحيد جهات الرقابة على عمل مؤسسات المجتمع المدني، بحيث تكون الرقابة من خلال هيئة أو مجلس يتم انتخابه من قادة العمل الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني، وتكون هذه الهيئة أو المجلس مستقلا غير تابع لأي جهة حكومية أو رسمية».

وتضمنت المطالب التأكيد على التضامن مع حريات وحقوق قطاعات الإعلام والقضاء والنقابات والأحزاب وتضمين ذلك في الدستور والقوانين المنظمة لعمل تلك القطاعات.

ومن جانبه، قال مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن إقصاء منظمات المجتمع المدني من لجنة صياغة الدستور، هدفه بالأساس تجنب المواجهات مع المنظمات في ما يتعلق بالحقوق والحريات، وأضاف أمين الذي تشارك منظمته في الجبهة التي أعلن عنها أمس: «لو أن هناك حضورا ومشاركة للمنظمات في تشكيل لجنة (جمعية) الدستور، كنا سنكتشف ضعف أعضاء اللجنة، فكوادر المنظمات الحقوقية لديهم خبرة واسعة في ما يتعلق بالحقوق والحريات، وكان من الطبيعي أن تحدث مواجهات بين المنظمات وبقية أعضاء اللجنة».

وتابع: «المنظمات الحقوقية تسعى لتطوير وسائلها الاحتجاجية لتحقيق المطالب التي تتبناها الحملة، وإذا خرج الدستور بشكله الحالي فسوف نعمل على إسقاطه بكافة السبل».

وعلى صعيد متصل، تلقت الجمعية التأسيسية للدستور، أمس، مقترحات وملاحظات وتحفظات وتعديلات من حزب الإصلاح والتنمية، تتعلق بالمواد التي ثار حولها جدل كبير مثل سماح الدستور بالترشح للرئاسة لمزدوجي الجنسية وتمرير الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدساتير السابقة إلى الدستور الجديد، كما تضمنت المقترحات توصيات كثيرة، من أهمها وجوب التأكيد في ألفاظ الصياغة على التزام الدولة بكفالة وحماية الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور، واستخدام صياغات واضحة التأنيث بهدف التأكيد على تمتع المرأة المصرية بكافة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور المصري بعدالة ومساواة مع الرجل.

ودعا الحزب، المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية التأسيسية، إلى تفعيل خطة الحوار المجتمعي حول الدستور بشكل أمثل وتوفير بعض أساتذة القانون لتوضيح المبهم وغير المفهوم من المواد.