الرئيس الفرنسي يقوم بـ«زيارة دولة» للمغرب العام المقبل.. ولقاء بين رئيسي حكومتي البلدين

السفير الفرنسي في الرباط: فرنسا تسعى لتحسين علاقاتها مع الجزائر لكن ليس على حساب المغرب

TT

قال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع إن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أكد خلال اتصال هاتفي أول من أمس مع العاهل المغربي الملك محمد السادس أنه سيقوم بزيارة دولة للمغرب بداية العام المقبل. وقال شارل فريز، السفير الفرنسي في الرباط، إن رئيس الحكومة الفرنسية يعتزم بدوره القيام بزيارة للمغرب خلال يومي 12 و13 من الشهر الحالي، والتي سيترأس خلالها، مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران، الاجتماع عالي المستوى بين البلدين. وأضاف فريز أن رئيسي حكومة البلدين سيشرفان كذلك على المنتدى الفرنسي - المغربي للأعمال الذي سيتم تنظيمه يوم 12 على هامش زيارة رئيس الحكومة الفرنسية للمغرب.

وأوضح فريز الذي كان يتحدث خلال لقاء نظمته الغرفة التجارية الفرنسية بالدار البيضاء الليلة قبل الماضية، وحضرته النخبة الاقتصادية المغربية، أن هذه الزيارات تؤكد الطابع الاستراتيجي للعلاقات المغربية - الفرنسية، والذي لا يتأثر بالتحولات السياسية التي يعرفها البلدان. وقال إن العلاقات المغربية - الفرنسية تكتسي طابع الأولوية في فرنسا سواء كان اليسار أو اليمين في الحكم. كما أشار إلى أن هذه العلاقات لم تتأثر بصعود إسلاميي العدالة والتنمية للحكومة في المغرب، خلافا للتخوفات التي كانت قد عبرت عنها بعض الأوساط الفرنسية. وأضاف أن الأشهر الستة الماضية، مند توليه منصبه في الرباط، عرفت زخما كبيرا في العلاقات بين البلدين، بداية بزيارة العاهل المغربي لفرنسا نهاية مايو (أيار) الماضي، وصولا إلى استقبال الرئيس الفرنسي لرئيس الحكومة المغربية في مالطا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وزيارة خمسة وزراء فرنسيين للمغرب خلال هذه الفترة. وعبر السفير الفرنسي عن استغرابه لتأويل بعض الصحف المغربية كون الرئيس الفرنسي سيزور الجزائر في أول زيارة له للمنطقة المغاربية بعد توليه بكونها مؤشرا على تراجع اهتمام فرنسا بالمغرب.

وأشار إلى أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كان قد خص الجزائر بأول زيارة للمنطقة المغاربية بعد توليه رئاسة بلاده. وقال فريز إن فرنسا تصبو إلى تحسين علاقاتها مع الجزائر، والتي وصفها بالعلاقات الصعبة والمعقدة بسبب ثقل الخلفيات التاريخية، والتي تحاول فرنسا أن تجعلها تتطلع إلى المستقبل، مشيرا إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي للجزائر تدخل في هذا الإطار. وأضاف أن هذا التحسن في العلاقات مع الجزائر لن يتم على حساب المغرب الذي ليست له أي نزاعات مع فرنسا وتجمعه بها علاقات مثالية على صعيد المنطقة. وقال «إذا حدث تحسن في العلاقات الفرنسية - الجزائرية، وهذا ما نتمناه لأننا في حاجة إلى علاقات يشوبها الهدوء والثقة مع الجزائر، فإن ذلك لا يمكنه إلا أن يلطف الأجواء بين المغرب والجزائر، وبالتالي تحقيق الاتحاد المغاربي».

وبشأن نزاع الصحراء أكد فريز موقف فرنسا الداعم لمخطط الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب في 2007، والذي قال عنه إنه يشكل قاعدة جدية وذات مصداقية لإيجاد حل متفاوض عليه في إطار الأمم المتحدة. وأشاد بإعادة إطلاق مبادرة المبعوث الأممي كريستوفر روس في المنطقة بعد لقاء العاهل المغربي مع بان كي مون في شهر أغسطس (آب) الماضي. وقال إن الأحداث في شمال مالي والمخاطر التي تمثلها الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية في الساحل تبرر الاستعجال بالخروج من الوضع الراهن. وبخصوص مشكلة التأشيرة وتنقل الأشخاص، والتي قال عنها فريز إنها من بين المسائل التي تتكرر كثيرا خلال لقاءاته مع المسؤولين المغاربة، أشار إلى أن القنصليات الفرنسية لدى المغرب تبذل مجهودا كبيرا مند تولي الحكومة الجديدة. وقال إن 160 ألف مغربي حصلوا على تأشيرات سفر قصيرة الأجل خلال العام الماضي إلى فرنسا، وإن نسبة الرفض لم تتجاوز 7 في المائة. كما شكلت تأشيرات التنقل، التي تصل مدتها إلى سنة فما فوق، أكثر من 50 في المائة من إجمالي التأشيرات الممنوحة في 2011. وقال إن القنصليات تلقت تعليمات من أجل تسهيل الحصول على تأشيرات طويلة الأجل بالنسبة للمغاربة الذين يتعاملون بشكل مستمر مع فرنسا، خاصة رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين، وذلك في إطار الإجراءات الجديدة لتشجيع الهجرة من المغرب والتي اتخذتها وزارة الداخلية الفرنسية في يوليو (تموز) الماضي. كما قامت الحكومة الجديدة بإلغاء قانون «كيون» الذي يحد من إمكانية توظيف الطلبة المغاربة في فرنسا بعد التخرج. وأشار إلى أن هذه التوجهات الجديدة ستتأكد خلال الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الفرنسي للمغرب.

وحول إعادة توطين الشركات الفرنسية في المغرب، أشار السفير إلى أن النقاش حول هذه المسألة أبرز أن على فرنسا ألا تنظر إلى أن إحداث مناصب الشغل في المغرب يتعارض مع سياسة التشغيل في فرنسا، وأنهما ينتميان إلى نفس الفضاء الاقتصادي، وأن إنتاج الثروة في المغرب تكون له انعكاسات إيجابية في فرنسا. وأشار إلى أن مناقشة هذا الموضوع سيكون من أهداف المنتدى الفرنسي - المغربي للأعمال الذي سينظم يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) تحت إشراف رئيسي حكومتي البلدين. وقال فريز إن الاقتصاد يكتسي طابع الأولوية في مهمته بالمغرب، طبقا لتعليمات وزير الخارجية الفرنسي الذي جعل موضوع معالجة الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على رأس أولويات الدبلوماسية الفرنسية. وقال إنه مند وصوله للمغرب قام بإنشاء «مجلس اقتصادي» يضم مجموعة من الفعاليات من أجل المتابعة والاستشارة.