كامل الشناوي ونجاة و«الطرف الثالث»!!

طارق الشناوي

TT

قبل أيام قليلة مرت الذكرى الـ47 لرحيل الشاعر الكبير كامل الشناوي. أصبح اسم الشاعر الكبير مرتبطا بقصيدة «لا تكذبي». قطع الجمهور الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم واعتبروا أن قصيدة «لا تكذبي» التي غنتها نجاة ووضع ألحانها عبد الوهاب قبل نحو نصف قرن هي الحقيقة، وأن كامل الشناوي كتب هذه الكلمات بعد أن شاهد نجاة مع رجل، وهكذا جاءت الشطرة الشاعرية «إني رأيتكما معا».. وكأنه يقصد «إني ضبطتكما معا»!! قبل سنوات قليلة عُرض مسلسل «السندريلا» الذي تناول حياة سعاد حسني، وفي بداية الحلقات قدم المخرج مشهدا جمع بين نجاة وصديق وبينهما تورتة عيد الميلاد، وكانت عينا كامل الشناوي تتلصصان على نجاة وكأنه يتابع خائنة، وأقامت نجاة دعوى قضائية ضد المسلسل. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تذهب فيها نجاة للمحكمة لإيقاف هذا السيل المنهمر من الشائعات التي تطالها، فدائما هناك اسم رجل يقترن بتلك القصيدة. في كل حكاية كانوا يطلقون اسم خائن أو عشيق لنجاة غير الذي ذكره السابقون في رواياتهم، وكلها محض افتراء. والذي أسهم في ذيوع هذه القصص الخيالية صمت نجاة الدائم وابتعادها عن الإعلام بكل أشكاله وأنماطه، فهي لا تسجل لقاءات تلفزيونية أو صحافية وعن سبق الإصرار.. كما أن من أسباب انتشار القصص الخيالية التي واكبت غناء «لا تكذبي» أن الكاتب الكبير مصطفى أمين كتب مثلا قبل 35 عاما صفحة كاملة في جريدة «أخبار اليوم» عن كامل الشناوي، وأشار إلى أنه كان شاهد عيان على ولادة قصيدة «لا تكذبي»، وأن نجاة هي المقصودة، وأن كامل أسمعها القصيدة بالتليفون، وكان مصطفى يتلصص على المكالمة واستمع إلى نجاة وهي تطلب منه أن تغني القصيدة ربما لتنفي أنها المقصودة!! وأقامت نجاة دعوى قضائية ضد مصطفى أمين ولم تكسبها، لأنه لم يكتب اسمها صراحة بل أشار فقط إليها.. ثم نشر الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس على حلقات في جريدة «الأهرام» رواية «وعاشت بين أصابعه»، استوحاها أيضا من علاقة كامل الشناوي مع نجاة، أو بتعبير أدق كان يردد القصة الملفقة حول قصيدة «لا تكذبي». وغضبت نجاة وتم تخفيف بعض التلميحات التي تشير إليها في الحلقات الأخيرة من الرواية.. ثم جاء مسلسل «السندريلا» وأطلقوا على نجاة في الحلقات اسم «نجوى».. ولا تزال القضية تتداولها المحاكم.

الحقيقة أن حكاية كامل الشناوي مع نجاة نصيبها من الخيال أكثر من الحقيقة، وكان الشاعر الغنائي الكبير مأمون الشناوي شقيق كامل الشناوي شاهد إثبات على تلك الوقائع، فهو ليس فقط شقيقه؛ بل إنه كان صديقه أيضا. وقال أمام القاضي إن كل ما أثير حول هذه القصيدة محض افتراء. وهكذا أصاب خيالهم نجاة بشظايا لا تزال تطالها كلما ردد أحدهم اسم القصيدة أو كامل الشناوي. أتذكر أنني أجريت تحقيقا صحافيا نشرته قبل نحو 30 عاما في مجلة «روز اليوسف»، وكانت مصادري تحية كاريوكا ويوسف إدريس ومصطفى أمين وأنيس منصور. كل من هؤلاء أكد أنه شاهد عيان على ميلاد هذه القصيدة، وكل رواية كانت تتناقض مع الأخرى، واختلفوا في تحديد اسم الخائن، أقصد بلغة هذه الأيام «الطرف الثالث». وانتهيت إلى أن الصدق الفني الذي تنضح به قصيدة شاعرنا الكبير دفع الجميع إلى البحث عن حقيقة عبرت عنها كلمات «ويشب في قلبي حريق، ويضيع من قدمي الطريق، وتُطل من رأسي الظنون تلومني، وتشد أذني، فلطالما باركت كذبك كله ولعنت ظني، لعنت ظني»، وما أسوأ تلك الظنون!!