لقطة هزازي والحربي الأروع

محمود تراوري

TT

ثقبت تظاهرة الفرح الأخضر مساء الجمعة بالون الحزن والاحتقان واليأس الذي طوق المدار الأهلاوي منذ خسارة نهائي آسيا، ليكون طبيعيا أن تتلاشى دعوات إقالة ياروليم، أو الدعوة العجيبة التي طالبت بـ«غربلة الفريق» وظلت عالية حتى قبل التغلب على الجار، الذي ردد أنصاره بأن النتيجة ما هي إلا تسديد فواتير.

استحق الأهلاويون التحية لأنهم غادروا - ولو مؤقتا - مساحة الاحتقان، وأقفلوا المطالبات الغريبة بسلخ فريق للتو يسد ثغراته، وجاءت نتيجة الديربي في مكة لتشكل بقعة بهجة وسط موجة الغضب العارمة السابقة، والتي عبرت أيما تعبير عن أن كثيرا من الجماهير، وممن يسمون «محللين» تسيرهم العواطف بمنأى عن العقلانية والموضوعية التي تتيح رؤية الأشياء وقراءة الأحداث وتأملها بأدنى حد من المنطق. ولكن لما كان المنطق أساسا غائبا من الحياة «محليا» ومن المناهج يكون غير مستغرب أن تفتقد هذه الغالبية آليات التفكير المنطقي، وهذا وفق ما يراه كثيرون، مأزق كثير من الأشياء في مجتمعنا، وما الرياضة إلا جزء من واقع الحياة. هذه الموجة المعتمة من طرق التعاطي مع الواقع الكروي تكاد تكون المعضلة الحقيقية لعدم استقرار الممارسة الكروية، بما يعيدها إلى جادة الصواب، وبما يتوافق مع وعود العودة المرتجاة للكرة السعودية للألق الذي عاشته منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي.

يصدمك - وربما منذ سنوات - تناول الشأن الرياضي في أغلب الأقنية الرياضية. مسح سريع لكيفية هذا التناول ولنقل في السنوات الخمس الأخيرة، يكشف واحدة من أخطر الأزمات التي نخرت في الممارسة «الرياضية - الكروية»، والعجيب أن الكل يحدثك عن أزمة. والبعض يذهب إلى الأبعد فيحدثك عن «أزمة أخلاقية» يمكن أن توجه فيها أصابع الاتهام لخطابات أخرى يتداخل فيها التربوي والتعليمي والاجتماعي، ثم وسائط التواصل الحديثة ناهيك عن التسطيح لبعض المطبوعات الرياضية التي قادها أو تسلمت قيادتها أسماء مجوفة الوعي غير مؤهلة، ولن تحقق وجودها واستمرارها في هذا الحقل إلا بما تمارسه من تسليع وتسطيح وتتفيه لجماليات الفكرة الرياضية، قبل تعديها على أصول المهنة وأركانها. لكن في النهاية يبقى الأمر ليس بهذه الدرجة من القتامة، إذ تفرح وأنت تتابع ما نشره البعض في مواقع التواصل الاجتماعي، كأن يكتب لاعب الاتحاد سابقا إبراهيم فلاتة مهنئا الأهلي، ويكتب خالد رباح «هارد لك جمهور الاتحاد العظيم، وألف مبروك لجميع الإخوان الأهلاويين، والحمد لله على الروح الرياضية التي سادت المباراة ويستاهل الأهلي».. كلمات تتماهى تماما مع لقطة نايف هزازي ومنصور الحربي وهما يسيران محبين عقب نهاية اللقاء.. ولتحيا الروح الرياضية ونظافة الممارسة.