رابطة الصحافيين السوريين تصدر ميثاق شرف وتندد باستهداف زملاء «ليسوا أصحاب قرار»

اغتيال صحافي سوري في دمشق.. والنظام يتهم «مجموعة إرهابية»

TT

لقي الصحافي السوري في جريدة «تشرين» الرسمية ناجي أسعد حتفه أمس، أمام منزله في أحد أحياء العاصمة السورية دمشق، في حادثة ليست الأولى من نوعها التي تطال صحافيين موالين للنظام السوري أو مقربين منه. وأفاد التلفزيون الرسمي السوري في شريط عاجل بثه أمس أن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت الصحافي ناجي أسعد أمام منزله في حي التضامن، خلال قدومه إلى صحيفة (تشرين)»، واضعا الاغتيال في إطار «استهداف الكفاءات الوطنية»، بينما أشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إلى أنه «تم اغتيال الصحافي ناجي أسعد أمام منزله في حي التضامن خلال قدومه إلى صحيفة (تشرين) صباح أمس».

وأسعد، وفق ما نقلته مواقع إخبارية سورية، في الستين من العمر، وسبق له أن تقاعد قبل عام تقريبا، حيث كان يشغل منصب أمين تحرير الصحيفة ورئيس قسم التحقيقات فيها، وهو لا يزال يكتب مقالات دورية ويدير صفحة للقراء باسم «منبر تشرين». وحملت المقالة الأخيرة المنشورة على موقع الجريدة عنوان «تمويل ديمقراطية الإرهاب» في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت حوادث استهداف صحافيين موالين للنظام قد تكررت في الفترة الأخيرة، حيث قتل باسل توفيق يوسف، العامل في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية، في 22 نوفمبر الماضي في الحي نفسه الذي قتل فيه أسعد، وهو حي التضامن الذي يشهد اشتباكات مستمرة بين القوات النظامية و«الجيش السوري الحر». كما قتل مراسل قناة «الإخبارية» السورية في دير الزور محمد الأشرم، في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» أحصت مقتل 15 صحافيا و41 ناشطا إعلاميا منذ بدء الثورة السورية، منتصف شهر مارس (آذار) 2011.

وفي سياق متصل، نددت عضو المجلس الوطني السوري و«رابطة الصحافيين السوريين» غالية قباني لـ«الشرق الأوسط» باستهداف الصحافيين الموالين للنظام. وقالت إن الرابطة «لا تقف أبدا مع استهداف العاملين في الإعلام الموالي للنظام، فنحن ندرك أنهم تابعون وليسوا أصحاب قرار، وبعضهم يفرض عليه أن يكتب ويؤيد وإلا فقد لقمة عيشه».

وأضافت: «إننا نختلف في هذا السياق عن إعلام النظام واتحاد الصحافيين التابع له الذي لم يصدر يوما أي بيان أو احتجاج على اغتيال صحافي أو اعتقاله أو تعذيبه»، موضحة أن «دعمنا للزملاء عموما هو بحدود عملهم، أي تعرضهم للضرر بسبب كونهم إعلاميين وبسبب مواقفهم».

وكانت «رابطة الصحافيين السوريين» قد أصدرت أمس ما سمته بـ«ميثاق شرف إعلامي»، ضمنته مبادئ عامة «تضبط عمل مهنة الإعلام في سوريا»، انطلاقا من كون الرابطة «هيئة لجميع الصحافيين السوريين المؤمنين بمبادئ الثورة السورية في إسقاط النظام الفاسد في سوريا». وأكدت «التزام الرابطة بمبادئ الديمقراطية وبناء دولة مدنية»، و«الحرص على مصداقية الخبر، وسلامة التحليل، وتقديم خدمة إخبارية بكل ما تتطلبه المهنية من عمل جاد وصادق»، محددة سلسلة معايير يرتكز عليها الأداء المهني للصحافيين». وشددت الرابطة على «استقلاليتها التامة عن كل الأحزاب والتيارات السياسية»، معاهدة على مشاركتها «في بناء الإعلام الحر في سوريا المستقبل بعد سقوط النظام»، عدا عن دعمها «الثورة السورية إعلاميا، لدى وسائل الإعلام العربية والدولية»، ودفاعها عن «حق كل صحافي أو مصور أو مدون أو (مواطن صحافي) في العمل من دون عوائق والتعبير عن رأيه».

وأشارت قباني في هذا السياق إلى أن «هذا الميثاق بحثناه منذ فترة وناقشناه طويلا حتى وصلنا إلى نسخته الأخيرة الحالية»، مشيرة إلى «الحاجة إلى مبادئ عامة تضبط عمل مهنة الإعلام في سوريا وقد بات النظام على شفا حفرة من السقوط». وقالت: «علينا أن لا نكرر تجربة الإعلام التابع الذي استلبت منه حريته ومهنيته، وهما أمران كلاهما مرتبط بالآخر»، لافتة إلى أن «ميثاق الشرف يحدد الخطوط العريضة للعمل، وهي أخلاقيات العمل المستوحاة من الثورة التي قامت وضحى الآلاف من أجلها».

وفي حين شددت على أنه «لا يمكن العودة (بعد الثورة) إلى مستوى متدنٍّ، إن لجهة المهنية أو لجهة الحريات العامة والدفاع عنها»، أكدت قباني: «إننا ندرك تماما أن هناك مئات الإعلاميين السوريين ممن لم يلتحقوا برابطتنا لأسباب عدة، إن لجهة التخوف من تسجيل موقف مساند إن كانوا داخل البلاد، أو لانتشارهم في بلاد الشتات، أو لعدم الرغبة في خوض تجربة نقابية الآن». وأضافت: «لقد حاولنا قدر الإمكان أن نضع حجر الأساس الأولي لعمل الاتحاد المقبل»، ولفتت إلى أن «أي جسم نقابي مهني في المجتمعات المتحضرة الآن لديه ميثاق شرف يحترم المهنة كما يحترم مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة، وغير ذلك لا ندعي تمثيلا للجسم الصحافي بعد سقوط النظام، ونحترم رغبة كل أعضاء هذا الجسم بالدعوة إلى انتخابات جديدة واختيار ممثلين عنهم ليقودوا المرحلة المقبلة، وقد يكون بينهم من هم أعضاء بيننا الآن في رابطتنا».