كريمة الصقلي: لماذا القاهرة وأنا أستطيع أن أنطلق من بلدي المغرب

TT

كريمة الصقلي فنانة مغربية صاعدة استطاعت في ظرف ثلاث سنوات ان تبرز في الساحة الفنية المغربية والعربية بفضل عازف العود المغربي سعيد الشرايبي والشاعر عبد الرفيع الجواهري، اللذين اقترن اسمها بهما. ولكريمة الصقلي صوت دافئ يأسر القلوب، تعشق القصيدة العربية الفصحى وتعشق الراحلة اسمهان المدرسة التي تكونت من خلالها تلقائيا. شاركت في العديد من المهرجانات العربية بدار الاوبرا بالقاهرة عام 1999 ومهرجان حلق الوادي بتونس عام 1999 ومهرجان المرأة الدولي بمراكش رفقة العازفة التونسية يسرا الذهبي في نفس العام. كما افتتحت هذا العام رفقة المغنية الاميركية ولهلمينا فرنانديز مهرجان فاس للموسيقى العريقة الذي تنظمه جمعية فاس سايس ما بين 23 يونيو (حزيران) وفاتح يوليو (تموز)، فتألقت في أداء أشعار صوفية لشعراء كبار. وقبيل ساعات من افتتاح المهرجان كان لـ«الشرق الأوسط» هذا الحوار معها:

* للفنانة كريمة الصقلي صوت دافئ هز أركان دار الاوبرا بالقاهرة خلال الاحتفال بذكرى الفنانة الراحلة اسمهان، صوت اقترن كذلك بالملحن سعيد الشرايبي والشاعر عبد الرفيع الجواهري، ألا تعتقدين ان هذه الانطلاقة الفنية الجادة والمتميزة ستحملك مسؤولية كبيرة في المستقبل؟

ـ طبعا هي انطلاقة اعتز بها نتيجة لمجموعة من التراكمات، والتي توجت بلقائي بالشاعر عبد الرفيع الجواهري والملحن وعازف العود البارع سعيد الشرايبي، حيث انجزنا مجموعة من الاعمال التي اعطت ثمارها، منها: قصيدة «ظلال» وقصيدة «العشاق» كما تعاملت مع الملحن الشاب عزيز حسني في قصيدة «خبئي الشمس» وكلها قصائد للشاعر المرهف عبد الرفيع الجواهري، وذلك في سبيل تحقيق التنوع والعمل بشكل جيد أعيد من خلاله الاحترام الى الجمهور الذي اعتبره شريكا فعليا في الابداع ويستحق مني الاخلاص والصدق والوفاء. وإلى جانب الملحن سعيد الشرايبي وعزيز حسني تعاملت مع الموسيقي نصير شمة، حيث قام بالتأليف الموسيقي حينما أديت في احدى المهرجانات بتونس اغنية للفنانة لميعة عباس عمارة.

فحتى اختياري للقصيدة فيه نوع من المسؤولية لأنه ليس بالعمل السهل، أنا أعشق القصيدة وأهوى الكلمة الفصيحة والمعبرة والتي تحمل معنى عميقا.

* هل هذا يعني ان الزجل ليس له موقع في نفسك؟

ـ لا ابدا.. انا احب ان اتعامل مع الزجل شريطة ان يكون هناك انفعال حسي مع الزجل ومع اي صنف او شكل آخر.

* حفل افتتاح مهرجان فاس للموسيقى العريقة لهذا العام يتميز بالتنوع الفني، فالى جانب كريمة الصقلي ستؤدي الفنانة الاميركية ولهلمينا فرنانديز اناشيد عريقة، فهي محاورة فنية بين اسلوبين موسيقيين مختلفين يلتقيان في الجانب الروحي، فكيف وجدت كريمة نفسها في هذا الأداء الصعب نوعا ما، وما هي الرسالة التي يتوخى هذا المزيج الفني تبليغها للجمهور؟

ـ انه حوار الحضارات الذي وضع كشعار لمهرجان الموسيقى العريقة لهذا العام، والذي حاولنا تجسيده على الرغم من اختلاف اللغات والديانات. انه حوار قوي وغريب في نفس الوقت يدعو الى الانصات لنبض الروح بعيدا عن المادة ويخلق دعة كبيرة في النفس وحبورا لا مثيل لهما. سأتقاسم من دون شك مع الجمهور لحظة روحية. وهذا العمل تجربة فنية كبيرة توضح ان التعامل مع الكلمة ليس بالعمل السهل، بل يتطلب النفاذ الى كنهها وحسها القوي العميق.

ومن خلال هذه التجربة اتمنى ان ترجع للانسان في هذا العصر تلك الحاسة الانسانية التلقائية الرهيفة.

سأقدم في هذه التجربة ستة اناشيد تتمحور حول «ليلى» وهي: «حبك قد أرقني» لأبي الفيض المصري، و«سلبت عقلي ليلى» للحراق «هذه انوار ليلى قد بدت» لعائشة الباعونية و«الهوى راشقي» لابن عربي، و«هل لداعيك مجيب» لابن زيدون، و«اكاتم وجدي» لابن الضحاك. وليلى رمز الحب الانثوي في الشعر العربي.

* ما هو اللون الفني الذي يميز تجربتك؟

ـ انا لا اسعى للتميز بل أسعى لعمل ارضي به نفسي اولا والجمهور ثانيا، وانا لا اتوجه الى جمهور معين بل اجتهد في تقديم ما احس به.

* ما رأيك في الاغنية المغربية الآن، وهل يمكن لها ان تفرض وجودها عالميا؟

ـ المغرب يزخر بالعديد من الطاقات والاصوات الواعدة، لكن ما ينقصه هو المؤسسات المحيطة بالفنان، لأن الفنان عمله هو الابداع، اما في المغرب فالفنان يقوم بكل الادوار، ولهذا فلا يمكن للفنان ان يبدع بشكل جيد في ظل غياب العمل المؤسساتي والترويج بشكل عام، لأن المشكل الآن ليس في الاغنية لكن في كيفية وصول هذه الاغنية.

والاغنية المغربية اذا ما توافرت لها الظروف والشروط الملائمة فهي ستحقق العالمية مع الحفاظ على خصوصيتها.

* ما هي التحديات المطروحة أمامك للاستمرار في مشوارك الفني؟

وهل تنوين الاستقرار في القاهرة كما فعلت بعض الفنانات المغربيات والعربيات لتحقيق اسمائهن فنيا؟

ـ القاهرة كانت وما تزال مرتعا خصبا لمجموعة من الفنانين العرب، ولكن بالنسبة لي يمكن ان احقق نوعا من الانفتاح بالتشبث بأصالتي ومواطنتي وبالتراث المغربي الغني بالايقاعات الجديدة، لانه لدينا رصيد قوي وغني ما زال لم يستنفد بعد، وان انفتح على اعمال عربية انطلاقا من بلدي المغرب، خصوصا اننا نعيش في ظل تطورات تقنية وفنية هائلة، ولكن الاستقرار سيكون دائما في المغرب، وتحديدا في مراكش.

* ما رأيك في الفيديو كليب وفي الطريقة التي تقدم عبره مجموعة من الاغاني العربية؟

ـ الفيديو كليب وسيلة عصرية للتواصل مع الجمهور فرضته التطورات الهائلة لفن الصورة والصوت، يمكن ان يخدم الاغنية العربية اذا قدم بالشكل الصحيح من طرف مختصين في الصورة والصوت، واذا ما توافرت تلك الشروط فهو وسيلة مثلى لتقديم العمل بطريقة لطيفة للجمهور.

* ما هي الاصوات التي تطربك وما سر العلاقة الخفية بينك وبين صوت الراحلة اسمهان؟

ـ كل عمل جيد كلمة ولحنا يطربني، واسمهان مدرسة تعلمت منها الكثير تقنيا وعمليا وحسيا، انها مدرسة فنية راسخة ومستقلة مكنتني من اكتشاف ذاتي ومن التحرر، ورغم عشقي لها فأنا لا اسعى لتقليدها لأن لها صوتها المميز كما لي صوتي المتواضع الذي أتمنى ان يصل الى القلوب العاشقة للكلمة الجميلة.