تونس: أنصار الحكومة يحتفلون بالذكرى الثانية للثورة.. والمعارضة تحتج

الجيش انتشر في المواقع الحساسة للعاصمة تحسبا لأي طارئ

تونسيون يتظاهرون بمناسبة الذكرى السنوية الثانية للثورة التونسية في العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

حضر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء حمادي الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر أمس مراسم رفع العلم الوطني بمناسبة الذكرى الثانية للثورة التونسية التي تحل في أجواء من التوتر. ووقف القادة الثلاثة الذين يمثلون الائتلاف الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية، بحضور قسم كبير من الطبقة السياسية في ساحة القصبة، حيث مقر الحكومة، لكنهم لم يدلوا بأي تصريح إثر الحفل القصير الذي حضره قادة أبرز الأحزاب السياسية وأعضاء الحكومة. وتميز الحفل بوجود راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، والباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس.

بعد ذلك توجه قادة البلاد إلى مقر المجلس الوطني التأسيسي حيث وقع الجبالي، والأمين العام للاتحاد العام للشغل حسين عباسي، ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وداد البوشماوي، على «عقد اجتماعي». ويمثل توقيع العقد أهمية رمزية في حين تثير الاحتجاجات على الفقر والبطالة اللذين كانا العاملين الرئيسيين في اندلاع الثورة، العديد من الاضطرابات في تونس.

وقال مسؤول تونسي إن العقد يهدف إلى تعزيز الحوار الاجتماعي المنظم والمستمر بين الأطراف الثلاثة بما يضمن «السلام والاستقرار الاجتماعيين».

وتلبية لدعوة أغلبية الأحزاب، بدأت الحشود تتوافد على شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية معقل الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) 2011، مفجرة الربيع العربي.. غير أنه وبدلا من الحماسة التي سادت تلك الفترة، حل الإحباط والتوتر السياسي وتعاظم خطر التطرف الإسلامي والمأزق الذي آلت إليه صياغة الدستور الجديد لأن حركة النهضة وحلفاءها في الحكومة والمعارضة لم يتوصلوا إلى حل وسط.

ونزل آلاف المعارضين العلمانيين أمس إلى شوارع العاصمة التونسية يحتجون على الحكومة التي تقودها حركة إسلامية في نفس اليوم الذي أطيح فيه بالرئيس السابق بن علي قبل عامين، بينما خرج أنصار الحكومة يحتفلون بهذه الذكرى في أقوى إشارة للانقسام في تونس مهد الربيع العربي، بينما لوحظ انتشار كثيف لقوات الجيش منذ يوم السبت الماضي في مواقع حساسة من العاصمة التونسية تحسبا لاندلاع مناوشات أو اشتباكات بين الموالين للحكومة ومعارضيها.

واحتشد أكثر من ثمانية آلاف متظاهر من عدة أحزاب علمانية معارضة أمام مقر وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة وهو نقطة محورية في احتجاجات أجبرت الرئيس السابق على ترك الحكم والهروب خارج البلاد قبل عامين.

وردد المتظاهرون شعارات منها «النهضة ارحل» و«يسقط حزب الإخوان»، في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية، و«الصدام الصدام حتى يسقط النظام» و«لا خوف لا رعب والسلطة ملك الشعب» و«الشعب يريد الثورة من جديد». كما رفعوا لافتات كتب عليها «أين الدستور؟ أين الديمقراطية؟» و«الحكومة تحتفل والبلاد تشتعل».

وقالت مية الجريبي، الأمين العام للحزب الجمهوري التي شاركت في المظاهرة مع قيادات من المعارضة، لـ«رويترز»: «قبل عامين كنت هنا في نفس المكان. رحل الطاغية ونلنا حرية التعبير لكننا ما زلنا نواجه العديد من الصعوبات مثل تفشي العنف ونقص الأمن واستمرار البطالة وغلاء المعيشة».

وفي نفس الشارع تجمع نحو ألفين من أنصار الحكومة للاحتفال بالذكرى الثانية للثورة في نفس الشارع من دون حدوث أي اشتباكات بين الطرفين رغم الاستفزازات المتبادلة في ظل حضور مئات من رجال الشرطة الذين حالوا بين الفريقين. وأمام المسرح البلدي نظمت تظاهرة ثقافية ورفع أنصار «النهضة» أعلام تونس ورايات حزبهم ورددوا شعارات ضد المعارضة. وهتف أنصار «النهضة»: «الشعب يريد النهضة من جديد» و«لا رجوع لا حرية للعصابة الدستورية».

وطالب المحتجون المعارضون الحكومة بالتصدي للعنف الديني الذي ارتفعت وتيرته في الأشهر الأخيرة، واستهدف متشددين معارضين وفنانين وهاجموا نزلا يقدم الكحول.

إلى ذلك، دعا الغنوشي في بيان أصدره أمس، الحكومة إلى تسريع إنجاز المشاريع التنموية في كامل البلاد، وخاصة في المناطق المحرومة والمهمشة، وذلك في اعتراف غير صريح بقدر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي لا تزال تعاني منها الطبقات الفقيرة، كما دعا إلى إزالة العوائق الإدارية والقانونية التي تعطل إنجاز المشاريع حتى تتمكن برامج التنمية والتشغيل من الوصول إلى كل التونسيين. وطالب الحكومة بمزيد من الفعالية والجد في مقاومة الفساد وغلاء الأسعار حفاظا على القدرة الشرائية.