حملة أمنية ضد المهاجرين الأفارقة على الحدود المغربية ـ الجزائرية

تشديد الحراسة عليها.. واستنفار أمني في وجدة

هشام بركة مع مجموعة من المهاجرين الأفارقة («الشرق الأوسط»)
TT

شنت السلطات الأمنية المغربية حملة تمشيط واسعة النطاق ضد المهاجرين الأفارقة في الأسابيع الأخيرة، وتم خلالها اعتقال المئات من المهاجرين غير الشرعيين في طنجة ووجدة والرباط والدار البيضاء. وجرى ترحيل عدد كبير من هؤلاء المهاجرين غير قانونيين إلى بلدانهم الأصلية عندما يصرحون بها، فيما تم إطلاق مجموعات أخرى فضلت إخفاء جنسياتها على الحدود مع الجزائر باعتبارها المنفذ الذي دخلوا منه. كما شددت السلطات المغربية الحراسة على الحدود الشرقية مع الجزائر، والتي تعتبر أكبر منفذ للمهاجرين غير القانونيين المقبلين من أفريقيا.

وربط متتبعون هذه الحملات بالأحداث الجارية في مالي وتخوفات المغرب من إمكانية استعمال شبكات الهجرة السرية من طرف الجماعات الإرهابية وعصابات تهريب المخدرات المتضررة من الحرب في شمال مالي.

ويقدر عدد الأفارقة الموجودين في المغرب بصورة غير قانونية بنحو 15 ألف شخص، نصفهم يعيشون في الدار البيضاء، فيما يتوزع النصف الآخر بين مدن طنجة والناظور ووجدة. ويعيش عدد كبير منهم في معسكرات أقاموها في الغابات المجاورة لمدن وجدة والناظور وطنجة. ويمارس الكثير منهم التسول أو يشتغلون كباعة جائلين في المدن المغربية.

ويتخوف المغرب من ارتفاع عدد المهاجرين الأفارقة الموجودين على أراضيه بشكل غير قانوني نتيجة الحرب في مالي. وقال هشام بركة، رئيس «جمعية بني يزناسن للثقافة والتنمية والتضامن» لـ«الشرق الأوسط»، إن جمعيته التي تنشط وسط المهاجرين الأفارقة في منطقة وجدة لم تلاحظ أي تغيير يذكر في حركة المهاجرين الأفارقة بهذه المنطقة. وقال: «نقوم باستمرار بزيارات للملاجئ التي يعسكر فيها الأفارقة في الغابات القريبة من المدينة. ولم نلاحظ أي حركة غير عادية لتوافد أعداد جديدة من المهاجرين بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة. ولعل هذا يرجع إلى كون الجزائر أغلقت حدودها الجنوبية مع مالي بإحكام تحت إشراف الجيش الجزائري خوفا من تسرب الجماعات الإرهابية إلى أراضيها».

وأضاف بركة إن مدينة وجدة عرفت في الآونة الأخيرة استنفارا أمنيا ملحوظا وتشديدا للحراسة على الحدود. وقال: «في الحملة التمشيطية الأخيرة لاحظنا تحسنا في تعامل الأمن المغربي مع المهاجرين، خاصة النساء والأطفال. لكن الملاحظ أيضا أن المجموعات التي يتم إطلاقها من طرف الأمن المغربي في الحدود مع الجزائر يتم إرجاعها من طرف السلطات الجزائرية، ليعاد ردهم مرة أخرى من طرف السلطات المغربية فيما يشبه لعبة كرة الطاولة».

ويقدر عدد المهاجرين الأفارقة الذين يعيشون في ملاجئ بالغابات المجاورة لمدينة وجدة بنحو 1200 شخص، يشكل النيجيريون أغلبيتهم بنسبة 40 في المائة منهم، يليهم العاجيون والكاميرونيون والكنغوليون. ويعيش هؤلاء في شكل مجموعات عرقية، تنتخب كل مجموعة رئيسا لتسيير أمورها والحديث باسمها مع السلطات ومع الجمعيات. وقال بركة إن اللافت هو العدد الكبير للأطفال دون سن الثالثة من العمر، والنسبة الكبيرة للنساء الحوامل. وأضاف: «يتم استغلال الأطفال من طرف النساء للتأثير على رجال الأمن وعلى المجتمع من خلال كسب تعاطفهم بسبب الأطفال. كما يمكنهم الأطفال أيضا من تعامل مميز من طرف الجمعيات عند توزيع المساعدات».

وذكر بركة أن المهاجرين الأفارقة عموما مسالمون ولا يتسببون في أي مشاكل أمنية، باستثناء تورط بعض النيجيريين في قضايا محدودة لتهريب المخدرات والتجارة بالبشر. وخلص بركة إلى القول: «ما يقلقنا حاليا كمجتمع مدني هو وضعية أفواج كبيرة من اللاجئين الماليين الذين يتجهون الآن نحو موريتانيا بسبب إغلاق الحدود مع الجزائر. فالطريق أمامهم طويلة وشاقة، وهي عبارة عن صحراء قاحلة ينعدم فيها الماء، والوضع ينذر بكارثة إنسانية».