حملة للوقوف على الحالة «الصحية» و«الإنسانية» للعمالة بمحطات الوقود والمصانع

تنفذها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة

TT

تنفذ الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة حملة تفقدية على محطات الوقود والمصانع، للوقوف على أوضاع العمالة في تلك المواقع، والكشف في حال استدعت الضرورة على صحة العاملين في محطات الوقود والمصانع التي تستخدم مواد خطرة.

وتسعى الجمعية من خلال حملتها إلى رصد نسبة المخاطرة التي تقع على العمالة الوافدة، مع التأكد من الأوضاع المعيشية والإنسانية، بحملات مجدولة تنطلق خلال الأيام القادمة، والتي تعتمد على السرية للالتقاء مباشرة مع العمالة في مقر أعمالهم، والدور التي يقطنون فيها.

وفي هذا الشأن طالب مختصون في المخ والأعصاب، بضرورة فرض إجراءات احترازية على العاملين في محطات الوقود، ومن ذلك استخدام قفازات لحماية الأيدي من البنزين، كذلك تغطية الأنف بكمامات واقية تساعد في تقليص الأضرار الصحية التي قد تنتج عن استنشاق مادة البنزين.

وتنشر في السعودية قرابة 9 آلاف محطة منتشرة في كافة المدن، تستحوذ جدة على 600 محطة، وتشرف عليها أربع جهات حكومية ممثلة في الشؤون البلدية، التجارة، النقل، والدفاع المدني، والمرور، ولا تزيد نسبة استثمار الشركات في المحطات عن 15%، في حين بلغ عدد المصانع المنتجة في السعودية نحو 5830 مصنعا بتمويل زاد على 749 مليار ريال، منها 1368 مصنعا في مكة المكرمة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور حسين الشريف، المشرف على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة: «إن الجمعية وخلال اجتماعها الشهري الذي عقد أول من أمس، أقرت فتح ملف أوضاع العمالة في منطقة مكة، سواء أكانت العمالة النظامية وغير النظامية وإعداد تقارير مفصلة عن أوضاعهم، ومن ثم التواصل مع الجهات المعنية في هذا الصدد».

واستطرد الشريف: «إن الحملة ستستهدف العمالة في المصانع ومحطات الوقود، والتي تكون فيها نسبة المخاطرة عالية عن باقي المهن، مع التأكد من الأوضاع الإنسانية، السكن والمعيشة، ورصد ما يمارس عليها من ضغوط تندرج ضمن صور الاتجار بالبشر والتي تكون واضحة في هذه الفئة من العاملين في تلك المواقع»، لافتا إلى أنه سيتم رصد أي مخالفة تتم بحقهم.

وأضاف المشرف على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان: «في المقام الأولى نبحث عن حالته المعيشية والموقع الذي يقطن فيه العاملون في محطات الوقود، والذي عادة يكون بالقرب من المحطة، وهذا أمر خطير، كما يهمنا الاستماع إليهم مباشرة، للتعرف عن على مشاكلهم، ومن ثم الرفع بها إلى الجهات المختصة لا اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه العمالة».

وعن الحالة الصحية للعمالة الوافدة، أكد الشريف، أنه إذا استدعت الحاجة للتعرف على صحة العامل وما يعانيه من أضرار جراء عمله في تلك المحطات، أو المصانع التي تستخدم مواد سامة وخطرة، يتم الكشف عليه والرفع بالتقارير الصحية مع حالته الإنسانية، لافتا أن الأنظمة المعمول بها في المملكة تلزم ملاك المحطات بالكشف الدوري على العمالة التي تدير هذه المواقد للتأكد من سلامتهم.

وشدد الشريف، أن الكشف المبكر على العمالة في المهن الخطرة يساعد على الحد من انتشار المرض الذي قد يتعرض له العامل، موضحا أننا نسعى في بداية حملتنا على أن يدرك العامل في كافة المواقع ما له وما عليه من حقوق وواجبات يلتزم بها الطرفي، وهو ما ذهبنا آلية بالرفع في توصياتنا إلى وزارة العمل أن تكون هذه الحقوق واردة في التأشيرات الصادرة لهم.

«الشرق الأوسط» وقفت ميدانيا على عدد من محطات الوقود، والتي تختلف فيها أعداد العمالة وجنسياتهم، إذ يعمل في بعض المحطات قرابة 4 أشخاص في الفترة الواحدة، ويصل للضعف في محطات أخرى، ورصدت بعض الجوانب في حال هذه العمالة، التي تتقاضى أجورا زهيدة، بحسب كليل، الذي قال: إن ما نتقاضاه لا يغطي احتياج الشهر الواحد، وما نعيش على ما يدفعه المستهلك «بخشيش» يساعدنا على إكمال ما تبقى من الشهر.

إلى ذلك يقول الدكتور سراج صمد استشاري أمراض المخ والأعصاب: «إن المخ يتأثر مباشرة نتيجة الاستنشاق الدائم للبنزين، المكون من غاز الهيدروكربونات الذي له آثار على النخاع العظمي، والذي قد يصل بعد ذلك لحد الإدمان، ومن ثم يبدأ التلف التدريجي للأعصاب، وضمور العضلات، وفي حالات كثيرة قد ينتج عنها إصابة بالسرطان».

وأضاف سراج: «إنه لا بد على العاملين في تلك المواد التي يكثر فيها استخدام المواد السامة، استخدام الواقيات اليدوية لحماية الجلد من أي إصابات قد تنتج، كما يتطلب تغطية الأنف بالكمامات التي قد تساعد في تقليل الضرر من استنشاق البنزين، على أن يتم إجراء كشف على الأجهزة العصبية مرة كل عام، ورصد أي أعراض جانبية على الصدر والرئة، تفاديا من الوقع في اعتلال عصبي وتشنجات عضلية، والفشل الكبدي والتهاب الرئوي».

وفي سياق متصل أكد لـ«الشرق الأوسط» العقيد سعيد سرحان المتحدث الرسمي لإدارة الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، أن جهاز الدفاع المدني لا يتدخل في اشتراطات السلامة الصحية للعمالة في محطات الوقود، وإنما تقوم بفرض اشتراطات السلامة في موقع المحطة، ومنها التأكد من توفر أجهزة الإنذار والدفع الذاتي بمادة الرغوة، تصميم خزان المحطة، والذي يعتمد على مواصفات ومقاييس عالية الجودة، مضخات الوقود لا بد أن تعمل أوتوماتيكيا لفصل الضخ في حالة وقوع أي خطر.

وزاد: «إن فرقة السلامة التابعة للدفاع المدني تقوم بحملات دورية على هذه المحطات، للتأكد من سير عملها وسلامة الأجهزة»، ومشيرا إلى أنه تم رصد عدد من المخالفات في محطات الوقود والتي تم إغلاقها فور ثبوت المخالفة، ولن يتم فتحها ما لم تصحح وضعها وتحديث إجراءات السلامة في تلك المحطات ومنها عدم التجديد للدفع الذاتي للرغوة التي لها صلاحية للعمل والانتهاء.