ماسكيرانو في حوار خاص لـ «الشرق الأوسط»: ميسي تفوق على أساطير الكرة.. والمدرسة البرشلونية «سر نجاح المدربين»

نجم «البلوغرانا» ومنتخب الأرجنتين قال إن الفوز بـ«أبطال أوروبا» من أجمل اللحظات.. ومرض فيلانوفا أسوأها

TT

من الرياض إلى برشلونة.. احتجنا إلى 156 يوما كي يخرج هذا الحوار إلى النور، بداية، هذه القصة الطويلة جاءت من قسم العلاقات الإعلامية الدولية بنادي برشلونة الإسباني، وكان الهدف الأساسي تمهيد عمل حوار مع الأرجنتيني الساحر ليونيل ميسي، عند حضوره إلى الرياض لملاقاة الأخضر السعودي في المباراة الودية، التي كانت جرت على ملعب الملك فهد الدولي وانتهت بالتعادل السلبي. الرفض القاطع للقاء ميسي كان أول رد تلقيناه من مسؤولي النادي الكاتالوني نظرا لرغبة اللاعب الشخصية في عدم التصريح لوسائل الإعلام، وهذا ما حول الوجهة مباشرة نحو أرجنتيني آخر كبير يرتدي قميصي «التانغو» و«البلوغرانا» وهو المقاتل خافيير ماسكيرانو.

22 يوما، احتاجها مسؤولو برشلونة ولاعبهم؛ للموافقة على هذا الحوار قبل خوض المباراة الودية بالرياض، ولكن بعد أحداث مطار الملك خالد الدولي، وما صحبها من تدافع وفوضى جعلت مسؤولي المنتخب الأرجنتيني يفرضون أطواقا لحماية لاعبيهم من لقاء الجماهير ووسائل الإعلام المحلية، مما أجهض الفكرة وبقيت بعيدة عن حيز التنفيذ. التواصل مع مسؤولي برشلونة أعاد فكرة الحوار إلى الحياة من جديد، عندما أعلنوا أنهم مستعدون للمساعدة في إجراء الحوار عن بعد، ولكن تلك المبادرة لم تكن كافية لأن يجرى الحوار في ذلك الوقت، نظرا لارتباط الفريق بمباريات الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، وكانت الفرصة الوحيدة التي تلوح في الأفق هي فترة الإجازة، التي يمنحها النادي للاعبيه بالثلث الأخير من شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. في يوم 20 ديسمبر، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تتناقل خبر إلغاء نادي برشلونة لحفل عشاء أعياد الميلاد المتعارف عليه سنويا، وإلغاء جميع مواعيد الحوارات الصحافية الخاصة، قبل أن يصدر الإعلان بعد ساعات بسيطة من النادي الإسباني بأن ذلك الإجراء أتى نتيجة لإصابة المدرب تيتو فيلانوفا بمرض السرطان من جديد. خافيير ماسكيرانو لاعب خط وسط ريفير بليت الأرجنتيني وكورنثيانز البرازيلي وويست هام وليفربول الإنجليزيين سابقا وجوكر برشلونة الإسباني حاليا، أحد أفضل اللاعبين في دوري أبطال أوروبا بنسختها الماضية حسب اختيار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، اختار «الشرق الأوسط» أول صحيفة عربية ليجري حوارا خاصا معها، وثاني حوار مطول يجريه هذا الموسم بعد حواره الأول مع صحيفة (موندو ديبورتيفو) الكاتالونية المعروفة منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.. وفيما يلي التفاصيل:

* سأعود بك قليلا إلى الوراء وأسألك عن رحلتك مع المنتخب الأرجنتيني إلى الرياض لخوض المواجهة الودية أمام المنتخب السعودي، وكذلك ما حصل خلال استقبالكم في مطار الملك خالد الدولي.

- لقد كانت أيام إقامتنا في الرياض جميلة جدا، ولقينا كل حفاوة وتكريم أثناء وجودنا قبل لعب المباراة، أما عما حدث في المطار، فهو أمر كان متوقعا بالنسبة لنا، أن يخرج بعض الأشخاص عن النص كون ميسي يجذب أنظار متابعي كرة القدم بكافة شرائحهم وأعمارهم، وبالتالي الكل سيهرع لرؤيته والتصوير معه. وبغض النظر عما حدث في تلك الليلة فقد أمضينا أياما رائعة هناك.

* لماذا ظهر منتخب الأرجنتين بذلك الشكل الباهت أمام السعودية، وخرج بالتعادل السلبي، هل كانت هناك استهانة بالخصم؟

- إحقاقا للحق، وحتى لا نجحف حق المنتخب السعودي، فقد لعب مباراة كبيرة ذلك المساء وظهر بشكل مميز، لم نكن نتوقعه على الإطلاق. أما عن كوننا استهنا بالمنافس فلا أعلم ذلك حقيقة، لكن في المباريات الودية الدولية التي تقام خارج أوروبا يشوبها بعض التحفظ من طرف اللاعبين، لوجود صعوبات تواجههم ومنها ساعات الطيران الطويلة المرهقة مما يحرم اللاعبين من الراحة اللازمة، كما أن بعض اللاعبين يخشى أن يتعرض لإصابة في مثل تلك المباريات، من شأنها إبعاده عن مباريات ناديه، وبعض اللاعبين لا يكونون جاهزين بشكل كامل من الناحية اللياقية أو البدنية؛ وبالتالي يظهرون بمستوى أقل مما عرفوا به.

* ما الذي علق بذهنك من تفاصيل تلك الليلة؟

- الحقيقة لا أتذكر تفاصيل معينة بذاتها، لكن أستطيع القول إن المنتخب السعودي لعب بشكل متميز فاجأني أنا شخصيا، كما أن لمسة فرانك ريكارد على الفريق كانت واضحة من خلال الطريقة المتميزة التي لعبوا بها أمامنا، وأعجبت كثيرا بطريقة لعبهم المفتوحة بعيدا عن التعقيدات الدفاعية، التي قد تلجأ لها بعض المنتخبات، وكان اللاعبون السعوديون يلعبون بشكل شجاع، ولم يلتفتوا للفوارق التي بيننا وحاولوا الوصول لمرمانا مرات كثيرة وأهدروا عددا من الهجمات.

* سآخذك إلى محور آخر يتعلق بناديك برشلونة الإسباني، حاليا يدور الجدل كثيرا بين فريق يقول إن المدرب الحالي تيتو فيلانوفا لا يختلف كثيرا عن سلفه بيب غوارديولا، وفريق يصر على اختلافهما، كلاعب عاصر المدربين أي القولين تجده أقرب للواقع؟

- دائما هناك اختلافات بين طريقة أي مدرب وآخر حتى ولو كانت تلك الاختلافات طفيفة فهم في النهاية أشخاص قبل أن يكونوا مدربي كرة قدم. لكن في حالة تيتو وبيب ورغم وجود الاختلاف البسيط الذي ذكرته مسبقا لكن طريقة لعب الفريق ما زالت كما هي لم تتغير، وأعتقد أن هذا العام مع تيتو يعد استمرارا لما عملناه قبلا مع غوارديولا في سنوات مضت مما يعني أن هذا عمل تراكمي.

* هناك كثير من الانتقادات التي توجه للفريق الكاتالوني بشأن هشاشة خط الدفاع واستقباله لكثير من الأهداف هذا الموسم ويندر خروجكم من مباراة بشباك نظيفة، كيف تفسر الأمر بما أنك أحد مدافعي الفريق؟

- نعم أعترف بوجود بعض المشكلات في خط الدفاع، ولكن إذا أردنا الحديث بشكل منطقي فنحن خسرنا كارليس بويول وجيراراد بيكيه في مطلع الموسم بسبب الإصابات، واضطررنا للمشاركة بوجود لاعبين ليسوا مدافعين بالأساس في الخط نتيجة النقص. ومشكلات الإصابات تلك قد تعصف بأي فريق ونحن لسنا استثناء، كما أن الفريق حقيقة تلقى أهدافا أكثر مما يستحق. لكن على الجانب الآخر ستجد أننا صنعنا كثيرا من الفرص وسجلنا أهدافا أكثر بكثير من المواسم الفائتة.

* ما مدى تأثير غياب المدرب تيتو فيلانوفا الذي يقضي فترة علاج من مرض السرطان بالولايات المتحدة اللاعبين؟

- تأثير غيابه دائما سيكون كبيرا، أتحدث هنا عن التأثير على الصعيد الشخصي. عندما يتعرض زميلك أو مدربك الذي تقضي معه جل يومك لمرض السرطان سيكون ذلك دائما مؤلما بالنسبة لك، خصوصا إذا كنتم قريبين من بعضكم البعض كحالتنا وتيتو. إصابته بمرض السرطان من جديد وغيابه أمر يحزننا جميعا في برشلونة ودائما ما تركت علينا أثرا سيئا لا أستطيع إنكاره. ولا أحد يريد حصول مكروه لأي شخص بالعالم فما بالك إذا كان صديقك مثل تيتو أو أبيدال، ولكن كلنا على ثقة بأنهم سيتجاوزون تلك المحنة ويعودون أقوى من ذي قبل.

* لاقيتم ريال مدريد هذا الموسم في عدة مناسبات، فزتم في واحدة ولكنكم لم تستطيعوا تحقيق أي انتصار في المواجهات الثلاث المتبقية، حيث خرجتم بهزيمة وتعادلتم بإحداهما على أرضكم بملعب «كامب نو» برسم الدوري الإسباني، هل يعني ذلك أن هيمنتكم المطلقة التي كنتم تمتلكونها في المباريات ضد غريمكم التقليدي في فترة المدرب السابق بيب غوارديولا قد انتهت الآن؟

- من وجهة نظري ذلك لا يعني شيئا على الإطلاق. عندما تحلل مباراة ما فأنت تعتمد على معيارين، الأول النتيجة والثاني طريقة اللعب، علينا النظر للكيفية التي لعبنا بها أمامهم خلال كل المباريات التي ذكرت ستجد أننا كنا الأفضل بفارق كبير عنهم. وحتى في المباراة الأخيرة التي أقيمت نهاية الشهر الماضي كنا الأفضل بمراحل وكان بمقدورنا الفوز بسهولة ولكننا لم نستغل الفرص الكثيرة التي حصلنا عليها، وسجلوا هدف التعادل في الدقائق الأخيرة ومع ذلك هي نتيجة إيجابية لمصلحتنا، لازلت مصرا أننا الفريق الأفضل من ناحية اللعب والسيطرة على المجريات في مباريات «الكلاسيكو» جميعها.

* قرار رحيل فيكتور فالديس الحارس الأساسي في الفريق، الذي ساهم في حصول برشلونة على عدد كبير من البطولات في الفترة الأخيرة سبب كثيرا من الجدل والانزعاج في أوساط جماهير برشلونة وحتى على صعيد إدارة النادي التي وجدت نفسها مصدومة من القرار المفاجئ. بصفتك زميلا لفيكتور منذ 3 مواسم كيف تستطيع تفسير الأمر؟

- في الحياة هناك كثير من القرارات الشخصية للأشخاص التي لا تملك سوى احترامها واحترام أصحابها مثل قرار فالديس الرحيل عن برشلونة بعد نهاية عقده، هذا على الصعيد الشخصي. أما على الصعيد المهني فنحن لاعبان محترفان والشخص يملك كامل الحرية باختيار وجهته المفضلة التي يريد أن يلعب كرة القدم من خلالها.

إن عدم استخدامه القرار للي ذراع النادي بالحصول على مبالغ مالية أكبر من العرض المقدم له للتجديد وتفضيله الرحيل بعد انتهاء عقده هو أمر يجب احترامه من قبل الجميع بلا استثناء وعلى الجميع أن يكونوا ممتنين لفيكتور نظير المجهودات الرائعة التي قدمها للفريق خلال السنوات الطويلة التي قضاها هنا، وفي التوقيت ذاته عليهم أن يكونوا سعيدين بأن نكون نحن أفراد الفريق قادرين على الاستفادة القصوى من كل القدرات الفنية المذهلة التي يمتلكها فيكتور فالديس في حراسة مرمى برشلونة.

* حضرت إلى برشلونة من ليفربول الإنجليزي كأحد أبرز لاعبي المحور الدفاعي بالعالم، ولكنك منذ نهاية ذلك الموسم أصبحت تلعب متوسط دفاع وهو مركز لم تلعب به مسبقا في الأرجنتين مع ريفر بلايت أو مع كورنثيانز البرازيلي وحتى ويست هام وليفربول الإنجليزيين وهذا الموسم انتدب برشلونة لاعب الوسط الكاميروني أليكساندر سونغ من آرسنال ليكون لاعب محور دفاعي بجانب سيرخيو بوسكيتس، هل تعتقد أن فرص عودتك للعب في خط الوسط أصبحت شبه معدومة حاليا مع وجود هذا الثنائي وستبقى في خط الدفاع لفترة طويلة؟

- نعم هذا صحيح، أعلم بأنني لن أعود للعب في خط الوسط مجددا وبدلا من ذلك أصبحت أقاتل للحصول على خانة في قلب الدفاع، حيث يحتاجني تيتو فيلانوفا، وحقيقة لا أجد هذا الأمر سيئا حيث اعتدت على اللعب في خط الدفاع وأصبحت استمتع كثيرا بالوجود في تلك الخانة خصوصا مع الطريقة التي يلعب بها الفريق، والتي تسهل علي مهمتي كثيرا، والآن أنا أحاول أن أطور نفسي أكثر فأكثر في هذا المركز، وأستطيع القول بأن من إيجابيات الوجود في برشلونة هو معرفتي للعب دور لاعب قلب الدفاع وهو أمر لم أعرفه قبل حضوري إلى برشلونة.

* ما أجمل اللحظات التي عشتها في برشلونة وما الأسوأ خلال مسيرتك مع الفريق منذ حضورك إليه في صيف عام 2010م؟

- عند الحديث عن اللحظات الجميلة التي عشتها هنا يصعب علي تحديد أمر بعينه لأني قضيت ولازلت أقضي أوقاتا جميلة لكن أستطيع القول بأن لحظة الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا في موسمي الأول مع الفريق على ملعب ويمبلي أمام مانشستر يونايتد في مايو (أيار) 2011م كانت اللحظة الأجمل في مسيرتي هنا. أما عن اللحظات السيئة فإنها بلا شك عندما علمت بمرض تيتو فيلانوفا وأبيدال بمرض السرطان، وأنا متأكد تماما بأنك لو سألت أيا من زملائي بالفريق عن تلك اللحظة السيئة فإنهم سيجمعون على ما ذكرت، لأن أمرا كهذا يعتبر عصيبا وليس من السهولة نسيانه أو حتى تجاهله.

* لننتقل إلى الصعيد الدولي وبالتحديد فيما يتعلق بمسيرة منتخب بلادك الأرجنتين في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم القادمة بالبرازيل عن قارة أميركا الجنوبية، فعلى الرغم من تصدركم التصفيات بفارق 3 نقاط عن وصيفكم الإكوادور إلا أن كثيرين داخل الأرجنتين وخارجها يرون أنكم تعانون فنيا بعض الشيء، فكيف تعلق على هذا الأمر؟

- نحن نعرف أننا نعاني قليلا ونحاول أن نحسن من أدائنا في المنتخب بشكل مستمر وهذا الأمر يبدو أكثر سهولة إذا كان الفريق يحقق الانتصارات المتتالية ويشعر لاعبوه بأنهم فريق واحد. أما عن نتائج التصفيات فهي تعتبر جيدة حتى الآن بالنسبة لنا ولكن هذا ليس كافيا، يلزمنا أن نخوض بطولة كأس العالم القادمة ونضع نصب أعيننا تقديم مستويات باهرة للحصول على لقبها الغائب عن خزائن المنتخب.

* بما أنك اللاعب الوحيد الذي يحظى بفرصة اللعب مع ميسي دائما سواء في النادي أو في المنتخب، وإذا ما أخذنا بالاعتبار أنه اللاعب الذي حقق كل تلك الإنجازات في سن مبكرة، كيف تصفه كلاعب؟ وماذا تتوقع منه أن يقدم في كأس العالم القادمة، البطولة الوحيدة التي تنقصه ويعتبر البعض فشل ليونيل في تحقيها غصة باقية في حلقه مع كل تلك الإنجازات؟

- لا أظن أنني سأجد أوصافا تعطي ليونيل ميسي حقه أو تصف حقيقة ما يقدمه كل أسبوع في عالم كرة القدم، كل ما قد أقوله عنه قد قيل مسبقا. الآن أصبح ميسي في طريقة ليكون أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم متفوقا على أساطير سبقوه بأعوام كثيرة وهو ما زال في بداية حياته الرياضية. أما عن الفوز بكأس العالم فأظن أن هذا الحديث غير منطقي، نحن بحاجة لمعرفة أن اللاعب لا يستطيع تحقيق كأس العالم وحده، ويلزمه - اللاعب - وجود فريق متكامل وراءه للحصول على ذلك اللقب ونحن علينا مساعدة ميسي ومنحه الفرصة للتألق بقميص المنتخب على غرار ما يفعله دائما مع النادي.