زيارة كاميرون لموقع مجزرة في الهند تنكأ جراح فترة الاستعمار

اعتبر الحادثة التي خلفت مئات القتلى «مخزية» لكنه امتنع عن تقديم اعتذار

كاميرون (الثالث يساراً) أثناء زيارته للمعبد الذي شهد مجزرة عام 1919 في مدينة أمريستار الهندية أمس (رويترز)
TT

زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس موقع مجزرة ارتكبتها القوات البريطانية خلال حقبة الاستعمار في الهند، في محاولة لتضميد جراح تلك الحقبة، إلا أن الزيارة التي لم تتضمن تقديم اعتذار أثارت جدلا حول سبب إعادة فتح جراح الاستعمار الذي انتهى في عام 1947.

وخلال زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى الهند ترمي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية، توجه كاميرون في محطة مفاجئة إلى أمريتسار في البنجاب (شمال غرب) التي تضم المعبد الأكثر قداسة لدى السيخ، ووضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري في حديقة جاليانوالا باغ، حيث فتح الجنود البريطانيون النار في 13 أبريل (نيسان) 1919 على مشاركين في تجمع سياسي سلمي مما أدى إلى مقتل مئات الهنود. وكان المهاتما غاندي زعيم الاستقلال قال عن تلك المذبحة إنها هزت أركان الإمبراطورية البريطانية.

وكتب رئيس الحكومة البريطانية في سجل الزوار: «إنه حدث مخز في تاريخ بريطانيا وقد وصفه ونستون تشرشل آنذاك بأنه عمل بشع». وكتب أيضا: «يجب ألا ننسى ما حصل هنا. وعبر التذكر، علينا أن نحرص على أن تناضل بريطانيا من أجل حقوق التظاهر سلميا في العالم». وهذا الحدث المعروف باسم «مجزرة أمريتسار» لا يزال مدرجا في المناهج التعليمية في الهند. وبحسب المصادر فإن ما بين 400 وألف هندي قتلوا برصاص الجنود بأوامر من الجنرال ريجنالد داير.

وأمضى إس. كاي. موخرجي أمين صندوق رعاية نصب جاليانوالا باغ نصف ساعة وهو يرشد كاميرون في المكان ومر به أمام بئر قفز فيها نحو 120 شخصا وماتوا هربا من الرصاص. وقال موخرجي إن كاميرون ارتبك لكنه أكد له أن «الأمر مؤسف وينبغي ألا يتكرر على الإطلاق» عند مغادرته النصب الذي يستقبل 20 ألف زائر يوميا.

وأدت هذه الحادثة العنيفة التي قتل فيها رجال ونساء وأطفال إلى إشعال فتيل حركة الاستقلال. لكن زيارة الموقع بدت مخاطرة من كاميرون الذي يزور البلاد مع نواب بريطانيين - هنود، حيث قد تثير مطالب مماثلة من مستعمرات سابقة أو حتى ضحايا آخرين في الهند.

وسرعان ما ثار جدل حول أسباب إعادة كاميرون فتح جروح الماضي مع عدم الاعتذار عنها في زيارة ترمي إلى تعزيز مستقبل العلاقات بين البلدين. وأكد كاميرون الاثنين في مومباي أنه يريد أن تكون بلاده «الشريك المفضل» للهند مشددا على تاريخهما المشترك وقيمهما الديمقراطية و1.5 مليون بريطاني من أصول هندية، كأسس تحالف أكثر متانة. وصرح بوسان بيل الذي يرأس صندوق مساعدات لعائلات ضحايا المجزرة أن «تدوين رسالة في كتاب الزوار» بادرة ناقصة.

وكاميرون هو أول رئيس وزراء بريطاني يزور الموقع وهو في منصبه، بحسب مصادر دبلوماسية، لكنه ليس أول مسؤول رسمي كبير يزوره. ففي عام 1997 وضعت الملكة إليزابيث الثانية إكليلا من الزهور على النصب في أثناء جولة في الهند. لكن زوجها الأمير فيليب المعروف بهفواته سرق الأضواء حيث نقل عنه تصريحه بأن تقديرات الهنود لعدد القتلى «مبالغ فيها كثيرا».

واعتبر أستاذ التاريخ في كلية خالسا في أمريتسار ار.بي. باتيا الذي حضر المراسم أمس، كلمات كاميرون اعتذارا، مؤكدا أنها «ستبقى في الذاكرة إلى الأبد». وقدم كاميرون عددا من الاعتذارات منذ توليه رئاسة الوزراء، منها على سوء معالجة الجهات الرسمية كارثة في مباراة كرة قدم في ملعب هيلزبورو عام 1989 وعمليات القتل في آيرلندا الشمالية عام 1972 التي عرفت باسم «الأحد الدامي». وفي عام 2006، أعرب رئيس الوزراء السابق توني بلير عن «حزنه العميق» بسبب تجارة العبيد في مبادرة اعتبرت كذلك امتناعا عن الاعتذار.