مظاهرات عنيفة على مدى 10 أيام تطيح بالحكومة في بلغاريا

الاحتجاجات بدأت بسبب أسعار الكهرباء ثم تحولت إلى غضب ضد الفقر والفساد

TT

قدمت الحكومة البلغارية استقالتها أمس، بعد احتجاجات عنيفة في أنحاء البلاد على ارتفاع أسعار الكهرباء، لتنضم إلى قائمة طويلة من الحكومات الأوروبية التي سقطت بسبب إجراءات التقشف بعد أزمة الديون التي اندلعت في أواخر 2009.

وأعلن رئيس الوزراء بوكيو بوريسوف أمام البرلمان أن «الشعب منحنا السلطة، واليوم نعيدها إليه». وأضاف: «لن أشارك في حكومة تقوم فيها الشرطة بضرب الناس وتحل فيها التهديدات بالاحتجاج محل الحوار السياسي». ويتوقع أن يقبل البرلمان، الذي يمتلك فيه حزب «مواطنون للتنمية الأوروبية لبلغاريا» الذي يتزعمه بوريسوف شبه أغلبية، استقالة الحكومة. ومع رفض بوريسوف القاطع تشكيل حكومة جديدة، سيصار إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال مؤلفة من خبراء لتنظيم انتخابات مبكرة. ومن المرجح أن تجري هذه الانتخابات في أواخر أبريل (نيسان).

وتشهد بلغاريا احتجاجات في جميع أنحاء البلاد منذ عشرة أيام، اندلعت في البداية بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء، لكنها تحولت لاحقا إلى غضب مرير ضد الفقر المتزايد والفساد المستشري في البلاد. وتجنب هذا البلد البلقاني الصغير حدوث اضطرابات كبيرة في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن حكومة بوريسوف التي تفتقر إلى المال بشكل كبير، جمدت رواتب موظفي القطاع العام عند نحو 400 يورو (534 دولارا) والمعاشات التقاعدية عند 138 يورو (184 دولارا) طوال السنوات الثلاث الماضية.

وزاد من مشاعر الإحباط زيادة أسعار الكهرباء بنسبة 13% في يوليو (تموز) الماضي، مما ضاعف قيمة الفواتير خلال فصل الشتاء بالنسبة للبلغاريين، الذين يستنفد الأنفاق على الطعام معظم دخلهم. وبلغ معدل البطالة 11.9% من اليد العاملة في يناير (كانون الثاني) الماضي، بحسب البيانات الرسمية، إلا أن النقابات قالت إن النسبة الحقيقية هي 17 أو 18%.

وخرجت الاحتجاجات عن السيطرة هذا الأسبوع عندما خرج عشرات الآلاف في مسيرات يومية في أنحاء البلاد وهتفوا «مافيا» و«قمامة»، و«استقيلوا»، في أكبر تعبير عفوي عن الغضب الشعبي تشهده البلاد منذ 1997. واندلعت اشتباكات عنيفة يوم الاثنين وليل الثلاثاء، حيث وقعت معارك بين المحتجين والشرطة خلفت 28 جريحا. وتحدثت الأنباء عن إضرام شخصين النار في نفسيهما، أحدهما عاطل عن العمل ويعاني مرضا عقليا توفي، بينما الآخر يعالج في المستشفى من حروق أصابت 80% من جسمه.

وحاول بوريسوف تخفيف حدة الأزمة بالإعلان الاثنين عن إقالة وزير المالية الذي لا يحظى بشعبية، وقال الثلاثاء إنه سيلغي ترخيص شركة الكهرباء التشيكية «سي إي زد» ويخفض أسعار الكهرباء بنسبة 8%. وصرح أمس: «لا يمكننا أن نفعل أي شيء آخر، لقد أعطينا أقصى ما لدينا.. لا أريد أن أرى دماء في الشوارع مرة أخرى». ومنذ فترة، يقول المحللون إن الفقر المتزايد سيتسبب في فقدان بوريسوف، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة، تأييد الناخبين له مع اقتراب انتهاء ولاية حكومته في يوليو.

وبوريسوف، (53 عاما)، الذي كان إطفائيا قبل أن يصبح حارسا شخصيا للديكتاتور الشيوعي السابق تودور زهيفكوف ثم رئيسا للشرطة، تولى السلطة في 2009 متعهدا بالقضاء على الجريمة المنظمة والفساد وتحسين مستويات المعيشة. إلا أن إخفاقه في ذلك أدى إلى تقويض تأييد حزبه «مواطنون للتنمية الأوروبية لبلغاريا» إلى نحو 22%، مما سمح للمعارضة الاشتراكية باللحاق به في الاستطلاعات.

ومع الأزمة السياسية التي أضيفت إلى مشاكل البلاد الاقتصادية، أعرب محللون أمس عن شكوكهم في أن تكون الاستقالة كافية لتبديد التوترات. وقال المحلل السياسي أفغيني داينوف: «من غير المرجح أن تتوقف الاحتجاجات. الناس مرتبكون، وبوريسوف خلق فوضى أكبر باستقالته». ورأى أندري رايشيف، المحلل في غالوب، أن «البلاد تدخل في مرحلة طويلة نسبيا من عدم الاستقرار»، مضيفا أن تشكيل الحكومة المقبلة سيكون صعبا للغاية.