نائب رئيس البرلمان الجزائري يحذر من تصفية عرقية يمارسها الماليون ضد القبائل العربية

الصديق شهاب لـ «الشرق الأوسط»: نتابع بقلق تفاقم الأزمة الأمنية بحدودنا

TT

انتقد الصديق شهاب، نائب رئيس المجلس الشعبي الجزائري، «إبعاد الاتحاد الأفريقي» عن الحلول الممكنة لأزمة مالي، في مقابل الارتكاز على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس)، وهي منظمة إقليمية ترى الحكومة الجزائرية أنها مرتبطة تاريخيا واقتصاديا مع فرنسا، وتدعم مسعاها القائم على الخيار العسكري في مالي. وقال شهاب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» جرت بمبنى البرلمان، إن فرنسا «لديها نيات قديمة بمنطقة الساحل بحكم أنها تاريخيا كانت قوة استعمارية مسيطرة على أجزاء كبيرة من القارة السمراء، وخصوصا غرب أفريقيا لهذا لا غرابة في أن تنجر بلدان (إكواس) وراء المقاربة الفرنسية للحل في مالي، القائمة على استعمال القوة وعدم التفريق بين الجماعات المسلحة المنتمية لتنظيم القاعدة، والمسلحين الطوارق الذين ثاروا على الحكومة المالية لأسباب اقتصادية وثقافية محلية. وأوضح نائب رئيس البرلمان أن «الاتحاد الأفريقي يملك مقاربة أفضل للحل، لكنها لا تخدم المصالح الضيقة لفرنسا بالمنطقة».

وذكر شهاب أن الفرنسيين «ارتكبوا خطأ عندما استبقوا الأحداث وتجاوزوا اللائحة 2073 التي تحدثت عن شن عملية عسكرية في آجال سبتمبر (أيلول) 2013، كما ارتكبوا خطأ لأنهم سيواجهون معارضة داخلية حادة، بحكم أن الاقتصاد الفرنسي يتعرض لأزمة خطيرة، والحكم الاشتراكي سيصعد من هذه الأزمة بسبب الإنفاق على الحرب في مالي».

وبخصوص قرار السلطات الجزائرية، فتح الفضاء الجنوبي للطيران الفرنسي لضرب مواقع الإسلاميين في شمال مالي، والذي أثار سخط المعارضة والصحافة، قال شهاب المنتمي لـ«حزب التجمع الوطني الديمقراطي»: «القرار ينسجم مع التزامات الجزائر الدولية بخصوص محاربة الإرهاب والتعاون الدولي في المجال الأمني. ولا أفهم سبب كل هذا التذمر، مادام القرار محدودا في الزمن».

وكان وزير خارجية فرنسا، لوران فابيوس، صرح بأن الجزائر «منحتنا كل الحرية للتحليق فوق أجوائها من دون حدود». يشار إلى أن نواب المعارضة الإسلامية، يعتزمون مساءلة الحكومة بخصوص القضية. وقالت وسائل إعلام محلية، إن قرار فتح الأجواء قد أملته ضغوط خارجية على الجزائر. وعن ذلك يقول شهاب: «لسنا في موقع ضعف حتى نقبل أي ضغط، فنحن أكثر من عانى من الإرهاب، ونحن من بذل مجهودا تجاه البلدان الكبرى لإقناعها بأن الإرهاب الذي ضربنا في وقت سابق سيضربها هي أيضا، وهو ما حدث، فمن الطبيعي إذن أن ننخرط في أي مسعى لمحاربة الإرهاب، وفرنسا قالت إنها تحاربه في شمال مالي».

وقال شهاب إن الجزائر تتابع بقلق بالغ تفاقم الأزمة الإنسانية بحدودها، بسبب نزوح المدنيين الهاربين من جحيم الحرب.

وأضاف: «كان من واجب المجموعة الدولية أن تتحرك لوقف تدهور الأوضاع في مالي قبل فوات الأوان، وتتحمل فرنسا جزءا من المسؤولية في ذلك، كما تتحمل مسؤولية التصفية العرقية في شمال مالي حاليا، إذ تشهد عمليات انتقام من الزنوج الماليين ضد القبائل العربية المنتشرة. فقد أعطت الحرب التي تشنها فرنسا الفرصة لإيقاظ فتنة عرقية بذلت الجزائر منذ سنين طويلة جهودا لإخمادها».

ويتوقع شهاب استمرار الأزمة الأمنية حتى بعد انسحاب القوات الفرنسية. وأضاف: «للجزائريين امتداد في عمق شمال مالي. لدينا علاقات مصاهرة وصداقة مع الطوارق والقبائل العربية منذ حرب التحرير (1954 - 1962)، وهو ما يضع الجزائر أمام مسؤولية كبيرة تتمثل في الحيلولة دون استمرار الوضع الحالي. ويكون ذلك بالسعي للتقريب من أطراف الصراع والبحث عن حل سياسي يبدأ بتنظيم حوار بين السلطة المركزية في باماكو، والطوارق الذين تم تجاهل مطالبهم الاقتصادية والثقافية المرتبطة بهويتهم».