ماذا ينتظر كيري أن يسمع؟

TT

لا أحسد مستقبلي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الدول العربية التي يزورها، لأنهم كما أظن قد خاب ظنهم بسياسة الولايات المتحدة الأميركية أكثر مرة في الأعوام الماضية. ومن الطبيعي إذا راجعنا المواقف الأميركية من قضايا عربية مصيرية أن يخيب ظنهم.

في البداية ضغط الأميركيون على القيادة الفلسطينية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية مع الإسرائيليين. ووافق الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وصافح إسحق رابين وشيمعون بيريس في حديقة البيت الأبيض في واشنطن، ووقع الثلاثة على «اتفاق أوسلو» الذي جاء بعد مفاوضات سرية بين ممثلي القيادتين في النرويج. ولكن اغتيال رابين وعودة اليمين إلى حكم إسرائيل ومحاصرة عرفات في مقره قبل موته في ظروف غريبة، أنهت مفاعيل «اتفاق أوسلو» واستمر توسع المستوطنات الإسرائيلية من دون أي تدخل أميركي رادع.

وبعد هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة قرر الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش شن الحرب على الإرهاب بتحريض شديد من أنصار إسرائيل في واشنطن، وكان الهدف الأول «القاعدة» في أفغانستان. ولكن فجأة ضم العراق إلى أهداف الحرب على الإرهاب من دون أن يشاور الدول الحليفة أو الصديقة لأميركا في اوروبا والعالم العربي. وفي المحصلة النهائية لم يشارك مع الأميركيين في احتلال العراق وإسقاط حكم صدام حسين سوى البريطانيين، وبعد تلك الحرب صدقت هواجس وتحذيرات القادة العرب من أن إسقاط النظام العراقي من دون بديل مقبول سيسلم مصير العراق لإيران، وهكذا كان. وقبل عامين انتفض الشعب السوري على نظام بشار الأسد الذي حكم سوريا مع والده حافظ الأسد أكثر من 40 عاماً، وبرغم الانتقادات الشديدة التي كانت الإدارات الأميركية توجهها لنظام الأسد واتهاماتها له برعاية الإرهاب، فإن كل ما فعلته الولايات المتحدة مع الشعب السوري المعذب كان كلاماً في الهواء. والآن بعد أن سقط في سوريا أكثر من 100 ألف قتيل وتهجر وتشرد ملايين البشر يعقد الرئيس الأميركي ووزير خارجيته صفقات من وراء ظهر السوريين بقصد الضغط على الثوار للتفاوض مع النظام دون شروط.

أعتقد أن اللياقة العربية ستقضي بالترحيب بالوزير كيري حيثما حل، لكن الشعور في العالم العربي على مستوى الزعماء وعلى مستوى الشعب شعور بالإحباط وخيبة الأمل، وليته ينتبه لذلك.