الهواتف الذكية الرخيصة تهز سوق الهواتف الجوالة

تطبيقات جديدة.. بديل أرخص عن أنظمة الملاحة في السيارة

TT

قد يصبح العام الحالي عام الهواتف الذكية الرخيصة، مما يبشر بتحول في موازين القوى في قطاع الهواتف الجوالة في العالم.

فقد شهد المؤتمر العالمي للهواتف الجوالة في برشلونة الكثير من الأجهزة التي يقل ثمنها عن 200 يورو (265 دولارا)، كما تردد أن هناك هواتف ذكية تستخدم نظام التشغيل «فاير فوكس» الجديد من شركة «موزيلا» مقابل 100 يورو فقط. وبالإضافة إلى الثورة التي سيطلقها ذلك في سوق الهواتف الجوالة بالنسبة للمنتجين، تتيح هذه المستويات من الأسعار فرصة استخدام خدمة الإنترنت عبر الهاتف الجوال أمام مليارات من المستخدمين الجدد.

ويقول سيزار اليرتا، الرئيس التنفيذي لشركة «تليفونيكا» الإسبانية في برشلونة، إن حصة الهواتف الذكية في السوق تصل حاليا إلى 17 في المائة فقط، وهو ما يعني أن أقل من مستخدم واحد من بين كل خمسة مستخدمين للهواتف الجوالة لديه هاتف ذكي، وهو رقم يكشف عن فجوة صارخة بين الأغنياء والفقراء.

ففي أوروبا الغربية يصل عدد الهواتف الذكية إلى نحو ثلث إجمالي عدد الهواتف الجوالة، في حين تقل هذه النسبة بقوة في الدول النامية، تبلغ 6 في المائة فقط. ولكن يبدو أن هذه النسبة على وشك التغير، فمحللو السوق يتوقعون أنه بحلول عام 2015 ستكون لدى ثلث سكان العالم هواتف تتيح لهم الدخول على الإنترنت. ويعني هذا أن الجانب الأكبر من هذا النمو سيأتي من الصين وأميركا اللاتينية وأفريقيا.

وتشير التقديرات إلى أن سوق الهواتف الذكية في أميركا الجنوبية، على سبيل المثال، ستصل إلى ثلاثة أمثال مستواها الحالي، البالغ 14 في المائة. فيما تقول شركة «تشاينا موبايل» أكبر مشغل للهواتف الجوالة في الصين إن حركة البيانات تضاعفت بنحو ثلاثة أمثال العام الماضي. وتحقق الهواتف رخيصة الثمن نسبيا نجاحا ملحوظا بشكل خاص في هذه الأسواق. ولهذا السبب تحديدا تجتاح الهواتف الذكية الرخيصة والتي تستخدم نظام تشغيل «فاير فوكس»، أسواق أميركا اللاتينية.

ولا يتطلب نظام «موزيلا» إمكانيات كبيرة بشكل خاص، مثل ما يتطلبه نظاما «آي أو إس» أو «أندرويد» المنافسان له، وبالتالي، فإن هذا يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج. وعلى سبيل المقارنة، فإن سعر أرخص جهاز «آي فون» من إنتاج شركة «أبل» يصل سعره إلى 399 يورو، في حين يبدأ سعر أول فئة من «آي فون 5» أحدث جهاز من إنتاج الشركة، بـ679 يورو.

والسؤال المطروح الآن هو: هل سيضطر منتجو الهواتف، مثل «أبل»، إلى خفض الأسعار؟

يرى نيكولاوس موهر، من مؤسسة «اكسنتشر» للاستشارات، أن «هذه الشركات ستواجه بالتأكيد ضغوطا متزايدة.. لم تعد الميزة التي تمتعت بها شركات مثل (أبل) قبل عام موجودة». ويشير موهر إلى أن الولاء لماركة بعينها في سوق الهواتف في تراجع «باستثناء (أبل)».

وترى أنيت زيمرمان، من مؤسسة «غارتنر لاستشارات تكنولوجيا المعلومات»، أيضا أن «أبل» منتجة أجهزة «آي فون» لا تزال في فئة خاصة بها. وتقول «إذا أنتجت (أبل) بالفعل هاتفا ذكيا رخيصا - كما تشير التكهنات - فإنها ستربطه بالتأكيد بخدمات جديدة أو عروض تضمن تدفقات جديدة للإيرادات». وتضيف زيمرمان «إنهم لا يزالون يتمتعون بأعلى هوامش أرباح. لماذا يذبحون أنفسهم بأيديهم؟».

وعلى أي حال، فقد أظهر المستهلكون استعدادا لإنفاق الأموال على اتصالات الهواتف الجوالة، حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، ظهر في الآونة الأخيرة منافس جديد لأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية التي تثبت في السيارة لتقديم إرشادات الطرق وتوجيه السائق للوصول إلى المكان المطلوب من أقصر طريق، بعد أن صارت أعداد متزايدة من السائقين يستخدمون تطبيقات الهواتف الذكية للوصول إلى وجهتهم، لا سيما أن كثيرا من هذه التطبيقات تكون مجانية.

وربما يكون من المفيد بالنسبة للسائقين المحترفين أو الأشخاص الذين يسافرون بشكل دائم على الطرق أن يحصلوا على نظام للملاحة عبر الأقمار الصناعية بقيمة تتراوح بين مائة ومائتي يورو، أما بالنسبة للشخص العادي فإن تطبيقات الهواتف الذكية تكون هي البديل الأفضل في معظم الأحوال.

ويرى أوليفر شتراوس، من مجلة «كونيكت»، أن تطبيقات الملاحة الإلكترونية تعتبر من المزايا التي توفرها الهواتف الذكية بفضل اتصالها بشكل دائم بشبكة الإنترنت، لكنه استطرد قائلا إن استخدام الهواتف كبديل عن أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية ينطوي على بعض العيوب.

ومن بين هذه العيوب على سبيل المثال أن شاشات الهواتف عادة ما تكون أصغر في الحجم من الشاشات الخاصة بأنظمة الملاحة الأصلية، كما أن تلقي مكالمة هاتفية أو رسالة نصية على الهاتف أثناء استخدامه كجهاز للملاحة يمكن أن يشتت انتباه السائق أثناء القيادة.

ومن مشكلات استخدام الهاتف الذكي كبديل عن أجهزة الملاحة في السيارة انخفاض الصوت الذي ينبعث من الهاتف لتوجيه السائق وقلة جودته، فضلا عن أن استخدام شاشة الهاتف في استعراض الخرائط يؤدي إلى استنفاد طاقته، مما يستدعي توصيله بشاحن سيارة بشكل دائم.

ويقول فيبكه هيلمان، من مجلة «تشيب»، إن تطبيقات الملاحة على الهواتف الجوالة تتميز بخصائص إضافية أكثر من مجرد تحديد مكان السيارة بفضل اتصالها بشبكة الإنترنت، ومن بينها إمكانية أن يحدد قائد السيارة مكان وجوده على شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر».

وتنقسم تطبيقات الملاحة على الهواتف الذكية إلى نوعين، أحدهما يقوم بتخزين الخرائط الإلكترونية على ذاكرة الهاتف، والثاني يقوم بتحميل الخريطة المطلوبة عبر الإنترنت بشكل مباشر. ويستخدم النوع الثاني مساحة أقل على ذاكرة الهاتف لكنه يتطلب الاتصال بشكل دائم بالإنترنت.

ويقول هيلمان إن التطبيقات مدفوعة الثمن تستخدم خرائط طرق تتميز بتغطية موسعة، ومن بين هذه التطبيقات التي تغطي الطرق الأوروبية وغيرها «نافيجون» و«توم توم» و«سايجيك» و«روت 66»، ويصل سعرها إلى نحو عشرين يورو. وتعتمد هذه التطبيقات على خرائط تحصل عليها من جهات متخصصة في إعداد الخرائط الإلكترونية مثل «نافتيك» و«تيلي أطلس».