«صالون اللوتس» إحياء لثقافة سادت في الأربعينات

يعقد في السبت الثاني من كل شهر بمركز الجزيرة للفنون

جاء اسم الصالون من زهرة اللوتس الفرعونية كرمز لإعادة إحياء الثقافة المصرية
TT

على غرار الصالونات الأدبية التي اشتهرت في مصر، خصوصا في الأربعينات، كصالون مي زيادة وصالون عباس محمود العقاد، دشن مجموعة من الشباب المصري «صالون اللوتس الثقافي» لإعادة إحياء التراث المصري، ومحاولة لتعريف الهوية المصرية، والصالون مزيج بين المفهوم التقليدي للصالونات الثقافية والمتطلبات العصرية لأجيال حُرمت من التمتع بتراث عربي أصيل كاد يندثر.

ويعقد الصالون في السبت الثاني من كل شهر بمركز الجزيرة للفنون، الذي كان في الماضي قصرا لأحد الأمراء، وبه حدائق شاسعة مزينة بمنحوتات لفنانين تشكيلين مصريين وأجانب. وفي اللقاء الأول تم تناول موضوع فن الشارع كموضوع رئيسي، وتفرعت منه 3 مواضيع فرعية، وهي الموسيقى وفن الجرافيتي والفن الشعبي، ويشارك في كل حلقة أحد المتخصصين في هذه النوعية من الفن ليتناقش فيها مع أعضاء الصالون.

وجاء اسم الصالون من زهرة اللوتس الفرعونية كرمز لإعادة إحياء الثقافة المصرية وتوصيف الهوية والتواصل مع الجذور المصرية الأصيلة، ويقول دكتور مصطفي الفقي مؤسس الصالون وصاحب فكرة إنشائه: «إن جيلنا قبل الثورة لم يكن يعي أو يفهم كلمة (أنا مصري) إلا من خلال تشجيعه للكابتن حسن شحاتة، فكانت مأساة أن يتم حصر كل شيء في مصر في منتخب لكرة القدم، وألا يعرف الشباب ما تمثل الهوية المصرية بالنسبة لهم، هل هي فرعونية، عربية، أفريقية؟». ويضيف الفقي: «مصر بها تنوع ثقافي كثيف، ونحن لا نهدف إعطاء إجابات محددة، وإنما نطرح التنوع الثقافي الموجود من خلال مناقشات مثمرة».

وعلى مدار العامين اللذين أعقبا أحداث ثورة 25 يناير والشارع المصري في حالة صراع مستمر ومستميت لضبط الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تدهورت على مدار 30 عاما، ومع سرعة وتيرة الأحداث وتشابكها أغفلت جوانب أخرى نالها أيضا نصيب الأسد من الإهمال والتراجع في العهد البائد، وعلى رأسها التراث الثقافي، لذلك فمن من أهم المبادئ التي ارتكزت عليها فكرة إنشاء صالون اللوتس هي السعي للارتقاء بآداب الحوار، ويعلق الفقي قائلا: «توجد حالة غياب للآداب العامة للحوار ومبادئ احترام الرأي الآخر، وبذلك نحاول من خلال آداب الحوار خلق جو إيجابي للحوار البناء بعيدا عن السياسة». وعلى عكس الصالونات الثقافية في الماضي القاصرة على نخب الأدباء والمفكرين والفنانين، التي كانت تتم في شكل أقرب للندوة، فصالون اللوتس مفتوح لكل من أراد المشاركة، والصالون يدعم فكرة التواصل بين الشباب ورموز الفكر في إطار تفاعلي وليس بشكل إلقاء محاضرة، حيث إن شكل المقاعد يرسم على شكل نصف دائرة وليس بشكل الصفوف.

وكان قد حل الدكتور مصطفى حجازي المفكر، عضو مؤسس بالتيار المصري كمشارك رئيسي في حلقة الحوار، وذلك في أول لقاء للصالون عقد بمركز الجزيرة للفنون بحي الزمالك، ودار اللقاء حول الشخصية المصرية.

ويقول حجازي لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة ثقافة الحوار للتشجيع للوصول على نتائج من خلال الحوار أمر مطلوب وضروري لنضع آليات لحوار يصل إلى نتائج، وهذا مهم؛ أن يتفهم الناس أن الحوار وسيلة وليس غاية، لأنه في الوقت الحالي الحوار في السياسة يُدلس ويُستخدم على أنه وسيلة من وسائل تكريس الاستبداد، ولذلك فإننا نريد الحوار كآلية أو وسيلة ونعرف كيف نستخدم هذه الوسيلة ونستخدمها على الوجه الأمثل».

وحول رأيه عن تراجع مستوى الثقافة والفن في مصر، يقول حجازي: «الثقافة تتعرض لهجمة شرسة، فنحن في مجتمع منهزم، ومن الطبيعي في المجتمعات التي تمر بفترات عصيبة أن تأخذ ردة فعل بها نوعا من أنواع التمرد على الذات، مثل شخصية فنية كالفنان محمود شكوكو، فكان يمثل أحد أشكال هذا التمرد في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أو مثل المطرب أحمد عدوية بعد نكسة 1967».

ويستطرد: «نحن في فترة هزيمة، ومن الطبيعي أن يكون لدينا نوع من التمرد على الذات، المتمثل في هذا النوع من الفن، وفي هذه الأوقات كثيرا ما يكون القائمون على الفن في حالة اكتئاب وانسحاب وعدم رغبة في المشاركة، فيعطون المجال لأناس تعبر عن ضيق المجتمع من خلال تمرد صارخ جدا، وقد يستغرب البعض رأيي، إلا أنني شخصيا أرى أن أي نوع من الفن هو فن، وأي نوع من أنواع الفن تخاطب الإنسان على أنه إنسان، فأنا لا أحب أن أتعالى عليه، ففي النهاية الفن رأي ووجهات نظر».