خطاب تنظيم القاعدة حول النساء

التنظيمات الدينية المسلحة بدأت التركيز على المعتقلات على ذمة قضايا أمنية منذ سنوات

TT

طالب إبراهيم الربيش، القيادي البارز في تنظيم القاعدة، باستغلال التعاطف مع المقبوض عليهم من الفئات الضالة والانضمام للحملات والاحتجاجات التي يطلقها البعض بإطلاق سراحهم من السجن. ولم يكتفِ الربيش خلال اللقاء الذي بُثَّ عبر شبكة الـ«يوتيوب» في مقطع تصل مدته إلى 43 دقيقة ونقلته قناة «العربية» باستغلال تعاطف المواطنين فقط، بل طالب بضرورة مواصلة العمل المسلح بعد إطلاق سراح المعتقلين.

وحثّ الربيش، المطلوب الأمني لدى الجهات الحكومية السعودية ضمن قائمة 85، العناصر المفرج عنهم في السعودية على مواصلة العمل المسلح بعد إطلاق سراحهم. ولم يكتفِ بذلك ليخاطب المعتقلين عبر اللقاء الذي بُثَّ أمس بقوله «وصيتي ألا تنتهي قضيتهم بالخروج من السجن، وإنما هم حَمَلة رسالة، دخلوا السجن من أجل قضية، ويجب أن يخرجوا مدافعين عن هذه القضية، ومناضلين عنها، وحماة لها». وزاد في قوله لاستغلال التعاطف «المعتقلون يجب أن يستغلوا تعاطف الناس معهم ويحرضوهم على الجهاد في سبيل الله ويدعوهم إليه. يجب أن يتحولوا إلى دعاة».

دعوة الربيش جاءت بعد يوم واحد من صدور بيان شرطة منطقة القصيم حول القبض على عدد من المتجمهرين أمام مقر هيئة التحقيق والادعاء العام في مدينة بريدة، عاصمة منطقة القصيم، ومعهم عدد من النساء والأطفال، بعد رفضهم فض الحشد الممنوع بشكل مطلق وفق النظام السعودي العام.

الربيش تطرق إلى قضية توقيف نساء من بين المشاركات في الاعتصامات المطالبة بإطلاق سراح متهمين بقضايا على صلة بـ«الإرهاب»، قائلا: «ما هو ذنب هؤلاء الأخوات؟ لو تتبعنا قضاياهن لوجدنا هذه ذنبها أنّ زوجها أو أحد محارمها من المجاهدين»، على حد تعبيره.

وتوجه الربيش، بحسب المقطع المصور الذي تحدث فيه وهو يعتمر غترة بيضاء على رأسه وخلفه علم القاعدة الأسود؛ إلى المفرج عنهم من السجون في السعودية، مطالبا إياهم بـ«استغلال إقبال الناس» لترويج أفكارهم والتحريض على «الجهاد في سبيل الله»، على حد تعبيره.

يشار إلى أن التركيز على مسألة النساء المعتقلات على ذمة قضايا أمنية ذات صلة بالتنظيمات الدينية المسلحة في السعودية، ليس وليد هذا الحدث الأخير، فقد هدد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في 3 يونيو (حزيران) 2010 بشن عمليات اختطاف تستهدف كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية ردا على اعتقال السلطات السعودية سيدة محكوم عليها من قبل القضاء السعودي بـ15 عاما على ذمة قضايا دعم الجماعات الدينية المسلحة في السعودية. وقال أبو سفيان الأزدي، المعروف أيضا باسم سعيد الشهري، والذي يوصف بأنه الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، في رسالة صوتية، إنه «عندما تخاذل المسلمون في فك العاني الأسير والوقوف معه، تجرأ أعداء الله من المرتدين وعدوا على النساء العفيفات في خدورهن ليأسروهن».

وفي 28 مارس (آذار) 2012 اختطف تنظيم القاعدة في اليمن نائب القنصل السعودي عبد الله الخالدي، وذلك في مدينة عدن من أمام منزله «أثناء ممارسته مهامه الوظيفية في منح المواطنين اليمنيين تأشيرات دخول المملكة للحج والعمرة والعمل وزيارة الأهل والأقارب وغيرها»، بحسب بيان الداخلية السعودية حينه.

في 17 أبريل (نيسان) 2012، كشفت السلطات الأمنية السعودية النقاب عن تسجيل لمكالمة هاتفية جرت بين علي الحمدان السفير السعودي في صنعاء ومشعل الشدوخي أحد المطلوبين للجهات الأمنية السعودية، والذي أعلن اسمه ضمن قائمة الـ«85» في 2 فبراير (شباط) 2009، تمحورت على تفاصيل «الصفقة» المطلوبة من تنظيم القاعدة للإفراج عن الدبلوماسي السعودي المخطوف، وكان التركيز فيها واضحا على المعتقلين السعوديين على ذمة قضايا أمنية ذات طابع «جهادي»، ويتضح أكثر الاهتمام بمسألة «النساء» من المعتقلات.

الجدير بالذكر أن تصعيد الاهتمام بمسألة الموقفين، والموقفات على وجه الخصوص، على ذمة قضايا أمنية ذات طابع جهادي؛ اقتصر أمره سابقا، في الغالب، على المتعاطفين مع فكر وثقافة الخطاب الجهادي القاعدي، وبيانات دورية معتادة من قبل هيئات إنسانية عالمية، ولكن في الفترة الأخيرة، منذ بضعة أشهر، اتسعت دائرة الاهتمام لتضم أطيافا منوعة من غير المنخرطين في فكر القاعدة، وصدر من عدد منهم مواقف وخطب وتعليقات على موقع «تويتر»، للحشد والتعبئة وإثارة العاطفة «الاجتماعية» لا الدينية فقط، نظرا لحساسية المجتمع السعودي، المعتادة، تجاه أي شأن يتعلق بالمرأة، بصرف النظر عن التفاصيل، واعتبار مسألة المرأة استثنائية، مهما كانت قضيتها، وهو ما نظر له البعض باعتباره نظرة «تمييزية» سلبية ضد المرأة، من حيث يريد قائلها الاعتزاز بالمرأة، حيث تصبح مجردة من التكليف والمسؤولية الجنائية والأدبية، بالاتكاء على الحساسية العالية التي يحيط بها المجتمع المرأة في كل الظروف والأحوال.