بواتينغ لاعب الميلان: العنصرية معدية كالملاريا وينبغي مكافحتها

الغاني تحدث من على منبر الأمم المتحدة في إطار اليوم العالمي لمناهضة العنصرية

TT

يحدث هذا عندما يمل أصحاب البشرة السمراء من المعاملة العنصرية وتشبيههم بالقرود وفصلهم عن أصحاب البشرة الشقراء، واضطرارهم لخطوة للوراء أو البقاء واقفا على قدميه في الحافلة بالمواصلات العامة. وعلى العكس، الغاني كيفين برنس بواتينغ لم ينتهِ به الأمر عند كتب التاريخ مثل الناشطة الأميركية السمراء روزا باركز، ولكن تصرف لمناهضة العنصرية في الملعب ليطمئن باتريك فييرا والكثير من زملائه الآخرين الذين يعانون من التصرفات العنصرية في الملعب بشكل خاص وخارجه بشكل عام. وساهم بواتينغ بدفعة فعالة نحو مناهضة العنصرية في كرة القدم. وأحيانا يوازي ركل الكرة باتجاه المدرجات رفض أصحاب البشرة السمراء تغيير مكانهم في الحافلة.

وتحدث بواتينغ قبل يومين في مؤتمر الأمم المتحدة بمدينة جينيف، التي باتت مقرها منذ عام 1945، في إطار اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري الذي بدأ في ديسمبر (كانون الأول) 1967 في ذكرى مذبحة شاربفيل، حيث قتل 70 شخصا غير مسلح في جنوب أفريقيا يوم 21 مارس (آذار) 1960، لاحتجاجهم ضد التمييز العنصري. وبعد هذه الحادثة، ساند نيلسون مانديلا الكفاح المسلح. وصرح بواتينغ الذي توّج بقائد جنوب أفريقيا في عام 2010، قائلا: «يروقني مقابلة أناس جدد، ولدي الآن الكثير من الأسئلة لأطرحها؛ أسئلة تدور حول أعوام السجن وأشياء أخرى. فلماذا قمت برد فعل تجاه الإهانات في مباراة بوستو، وليس من قبل؟ لأن الأعوام مضت وبدأت الحقيقة تتراءى بشكل مختلف. أريد أن ينشأ ابني في عالم لا يعرف العنصرية».

وعقّب بواتينغ على مداخلته التي بدأت في تمام الساعة الواحدة و37 دقيقة ظهرا، قائلا: «كنت أشعر بتوتر شديد، حتى وإن كنت تدربت على الحديث مرات كثيرة. ثم ضربتني قريبتي نافانيثيم بيلاي على ركبتي وقالت لي (اذهب مطمئنا). وبعدها أصبح الأمر أكثر سهولة». جدير بالذكر أن نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وأول قاضية متلونة في جنوب أفريقيا. وشجعت بواتينغ مثل الجميع، كما أشاد اللاعب باتريك فييرا بشجاعة زميله، قائلا: «لم أكن أبدا بمثل شجاعته». وأكد ممثلو الفيفا واليويفا على أن ما حدث في بوستو أريستيتسيو ليس من المفترض أن يتكرر. وأضاف الغاني بواتينغ، قائلا: «التحدث هنا أمر طيب، ولكن المهم أن نفكر في كيفية محاربة العنصرية عندما نستيقظ في صباح الغد أيضا وفي اليوم الذي يليه». وكانت رفيقته ميليسا ساتا أول من يصفق له بالمؤتمر، وعقبت قائلة: «أنا فخورة به، والمعركة تبدأ من هنا».

واستمرت مداخلة بواتينغ نحو خمس دقائق، واختتم حديثه في ظل تصفيق الجماهير، قائلا: «العنصرية ليست مادة جيدة لقنوات التاريخ. والتظاهر بعدم وجود شيء من هذا القبيل أو تجاهل حدوثه لن يفيد في شيء، لأنه ليس صداعا بالرأس سينتهي بعد قليل، بل تشبه العنصرية مرض الملاريا، ينتشر البعوض في كل مكان مزدحم لنشر المرض. وفي الاستاد، يحضر الكثير من الشباب، وبيننا الآن هناك الكثير من الشباب الذين لا يعلمون شيئا عن العنصرية، ولكن قد تصيبهم العدوى. وتصرفت في بوستو على ذلك النحو لأني كنت غاضبا وعلى غير ما يرام، وتبعني زملائي من دون شك، وكان ردا قويا. ولا أقول إنه درس، ولكني كنت أريد أن أظهر رد فعل على ما حدث. ويتعين علينا أن ننهض ونحارب ضد العنصرية». إذن، لم تنهض روزا باركس من على مقعدها في الحافلة، كما عاد بواتينغ إلى غرفة تبديل الملابس. وعلق أحد المحاضرين، قائلا: «تصرفات قليلة قد تغير التاريخ».

ثم جاءت فترة الإجابة على أسئلة الأطفال المنتمين إلى مدرسة كرة قدم جنيف والاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، وأوضح غالارد المسؤول بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن بواتينغ لا يسير بمفرده في طريق مناهضة العنصرية، نظرا لأن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم منح حكام الملاعب حق إيقاف المباراة إذا لزم الأمر، وإيقاف الحكم الذي لا يطبق ذلك. كما أضاف أديكي من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم أن بواتينغ قام بتصرف جيد والاتحاد الدولي لكرة القدم يقف إلى جانبه، ولكن عليه أن لا يكررها. ومن جانبه أكد بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم موقف الاتحاد من اللاعب، قائلا: «عندما يتعين على لاعب الاختيار بين ترك الملعب لإظهار رد فعل مناهض للعنصرية أو التحلي بروح التسامح. ونعرف بأن المجتمع الكروي لم يحترم ضرورة حماية عناصره. فنحن في الفيفا نساند بواتينغ لأنه تصرف بشكل رمزي وشجاع. وعلى أي حال، نعرف جميعا أنه لم يكن حلا، ولكن إنذارا. وليس من المفترض أن يجد أي لاعب نفسه أمام اختيار مماثل. ونتمنى العمل مع كيفين وشخصيات كروية أخرى من أجل القضاء على العنصرية دفعة واحدة». واختتم برينس كيفين بواتينغ حديثه بالأمم المتحدة، قائلا: «مهنتي هي لعب الكرة والعودة مستمعا بفعل ذلك فقط. وإذا احتاج القتال ضد العنصرية لمساعدتي فسأستمر». ويمر كل قائد من مرحلة لأخرى؛ فهناك وقت التمرد ووقت الحكم. وفي الختام، نذكر أن في اليوم العالمي لمناهضة العنصرية انطلقت مبادرة في مدينة ميلانو تحت شعار «أنا أشجع بشكل إيجابي». وبهذا الصدد، صرح بواتينغ، قائلا: «أنا وبالوتيللي نتحدث كثيرا عن العنصرية، وقال لي إني أحسنت صنعا بإيقاف المباراة، ولكن الآن على الحكام الاهتمام بهذا الأمر، لأن مهنتنا هي لعب كرة القدم. ويركز ماريو كثيرا في اللعب، كما أنه محترف. وهذا ما قاله لي الجميع بالانتباه لبالوتيللي. ثم انضم إلينا واكتشفت أنه شاب رائع يتدرب ويعمل بجد كل يوم. ويستمتع بحديث الصحافيين. والميلان يرغب في مواصلة اللعب على نحو جيد والاستمتاع، ويريد أيضا الفوز بالمباريات المتبقية. ونحن قادرون على استهداف المركز الثاني، ويلزمنا نقطتان لتحقيق ذلك، وعلينا الحفاظ على تركيزنا ولا يمكننا الخطأ». وبشأن حديثه في الأمم المتحدة، اختتم حديثه قائلا: «كنت متوترا جدا، ولكن سار الأمر على ما يرام. وأنا سعيد لتحدثي أمام كثيرين أنصتوا إلى ما لديّ، ويمكنني الآن العودة إلى عملي والتفكير في أني سأقص على ابني يوما ما مداخلتي في الأمم المتحدة». إذن، كان التحدث في الأمم المتحدة أكثر صعوبة من اللعب في سان سيرو أمام 80 ألف مشجع.

جدير بالذكر أنه تم استدعاء سبعة عناصر من الميلان للشهادة بقضية بواتينغ في بوستو أرسيتسيو، وهم: بواتينغ ونيانغ ومونتاري والشعراوي وبونيرا وأمبروزيني وأليغري. ومن المتوقع أن يدلي مونتاري والشعراوي بشهادتيهما يوم 23 أبريل (نيسان) المقبل.