«F16» سعودية

مصطفى الآغا

TT

قبل مباراة الإمارات وأوزبكستان في تصفيات أمم آسيا 2015 في أستراليا تخوف بعض الإماراتيين من غياب نجم نجومهم الحالي عمر عبد الرحمن الشهير بـ«عموري»، لكن مدربهم الوطني مهدي علي كان باردا كعادته وهادئا في كلامه، وقال إن منتخبه يضم 23 عموري... وجاءت المباراة وسجل الأوزبك هدفا فزادت التعليقات، وبقي المدرب هادئا يدير دفة فريقه بحرفية مشهودة له.. وسجل الإماراتيون التعادل بتوقيع أحمد خليل البديل في ناديه الأهلي والذي توج هدافا لـ«خليجي 21»، ثم سجل الأبيض هدف الفوز بتوقيع علي مبخوت بعدها بثلاث دقائق.. وعاد المدرب وأكد بعد المباراة ما قاله قبلها.. لدينا 23 عموري..

وما بين عموري والكرة السعودية رابط يدركه الكثيرون وهو المواهب الموجودة في كل ساحة وحارة وفريج ومدرسة وناد جماهيري وغير جماهيري.. لكن هذه المواهب إما تتعرض للاضمحلال أو الترهل أو الغرور أو الانشغال بأمور ثانوية تجعل تركيز صاحبها يتحول من الكرة إلى أشياء أخرى، فتضيع الموهبة وسط زحام الإعلام والخلافات التي تحولت إلى صراعات، وحتى وسط المشاحنات والحساسيات بين الأندية والإعلاميين والتي تكون الجماهير وقودها الأكبر. هل نتحدث عن مالك معاذ وسعد الحارثي وعبيد الدوسري وماجد المرشدي وعبد الله الجمعان ومرزوق العتيبي وعشرات غيرهم ذهبوا ضحايا للتضخم الإعلامي والترهل المالي والصراعات الشخصية، رغم أن موهبتهم من النوع النادر؟!.. والمشكلة الأكبر هي تمسك البعض بالعودة للماضي الذي لم ولن يعود يوما، بالتذكير دائما بأيام سامي وماجد والثنيان والهريفي والنعيمة وفؤاد أنور والغشيان، رغم أن الوجوه الجديدة وصلت هي الأخرى لكؤوس العالم ونهائيات أمم آسيا، وتوج الاتحاد مرتين بطلا لآسيا، ونال حمد المنتشري وياسر القحطاني لقب أفضل لاعبي آسيا..

صحيح أن الكرة السعودية تعيش أزمة مستفحلة مؤخرا، لكن الصحيح أن لهذه الأزمة عوامل قد يكون اللاعب أحد أطرافها لكنه ليس طرفها الوحيد.. ففي المقدمة السعودية هناك هزازي والشمراني والقحطاني والمحياني والسالم والحمدان والمولد والسهلاوي والحربي وعشرات غيرهم ممن يمكن أن يكونوا بنفس مستواهم لكنهم كانوا هم أيضا ضحية لظروف نفسية وإدارية وتدريبية وحتى إعلامية جعلت مستوياتهم «حبة فوق وحبات تحت»، خاصة إذا كانوا لا ينتمون لأندية جماهيرية أو غير مدعومين بماكينات إعلامية تجعلهم خيارا مفضلا للمدربين الرازحين تحت الضغوط.. وأحد هؤلاء يوسف السالم الذي عرفته شخصيا لدى حضوره إلى «صدى الملاعب» ولمست فيه التواضع والطموح والأهم الرغبة الجامحة في أن يترك بصمته لو نال فرصته، وهو ما فعله عندما نالها أمام إندونيسيا فسجل هدفي الأخضر وسط محيط من الكراهية وضرب زجاجات المياه والأمطار الغزيرة و88 ألف متفرج..

هذه النوعية من اللاعبين يجب علينا أن نتعامل معها مثل الزجاج (أي بحرص شديد) ومن دون نفخ أو تطبيل أو تكبير في الرؤوس، ولكن في الوقت نفسه من دون تهميش أو تقليل من شأنها، والأهم من دون أن تكون وقود صراعات البعض الشخصية أو الإعلامية، لأنهم ببساطة شديدة ثروة وطنية.. لكل الوطن وليس لفئة أو ناد أو مجموعة معينة.