«الصحة»: لا حجر على مرضى «كورونا».. وأهالي الأحساء يراقبون بخشية

أقرباء المرضى يسردون لـ «الشرق الأوسط» قصص ذويهم مع المرض

تؤكد كافة المعلومات الطبية عدم اتضاح طريقة العدوى التي تصيب المرضى بفيروس «الكورونا»، وتصنفه منظمة الصحة العالمية على أنه من الفيروسات المنجلية التي تصيب الجهاز التنفسي
TT

كشفت مصادر طبية ومحلية لـ«الشرق الأوسط» عن وجود حالات مشتبه بإصابتها بفيروس «كورونا» في أكثر من مستشفى في محافظة الأحساء (شرق السعودية)، من بينها ثلاث حالات شبه مؤكدة في مستشفى الملك فهد بمدينة الهفوف، وحالة أخرى في مستشفى خاص.

وعلى الرغم من تطمينات وزارة الصحة بأن الفيروس لا يدعو إلى القلق، فإن أهالي محافظة الأحساء (شرق السعودية) أخذوا يراقبون بخشية، المستجدات التي أعقبت ظهور الفيروس فجأة، مصيبا 13 شخصا في المحافظة توفي سبعة منهم بحسب وزارة الصحة السعودية.

وأرسلت الوزارة الدكتور منصور الحواسي نائب وزير الصحة للشؤون الصحية إلى المحافظة أمس؛ للوقوف على الإجراءات التي تقوم بها المستشفيات التي سُجلت فيها حالات الإصابة بالفيروس.

وفي الوقت الذي تحدث فيه ذوو المرضى مع «الشرق الأوسط» عن تعدد المستشفيات التي يرقد فيها مصابون بالفيروس، وهو ما يخالف إعلان الوزارة عن اقتصار وجود المرضى على مستشفى واحد، أوضح الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة للصحة العامة في اتصال مع «الشرق الأوسط» أمس بأن هناك بالفعل أكثر من مستشفى استقبل حالات، بيد أن المقصود من الحديث حول المستشفى الواحد هو أن مصدر الفيروس مستشفى واحد. معلقا «إن المستشفى الآن لا يستقبل أي حالة تنويم احترازيا، بينما تعمل عياداته الخارجية بشكل طبيعي». وفضل الدكتور ميمش عدم ذكر اسم المستشفى، مؤكدا أن الوزارة لم تتخذ حجرا طبيا على المرضى المنومين، واستدل بإتاحة الزيارات لذوي المرضى.

وعن عمليات المتابعة والرصد التي تجريها الوزارة لتحديث معلومات الفيروس، قال الدكتور ميمش «لم تسجل الوزارة أي حالات جديدة بخلاف المعلن عنها مسبقا، حيث اتضح أن غالبية الحالات المكتشفة أصيبت في وقت سابق». لافتا إلى أن معدل حضانة الفيروس وهي الفترة التي يجري فيها سريان المرض دون حدوث أعراضه سجلت مبدئيا 10 أيام.

وتوفي رب أسرة نتيجة الإصابة بالفيروس، وجرى نقل اثنين من أبنائه إلى العناية المركزة بعد اكتشاف إصابتهما بهذا المرض، إضافة إلى الاشتباه بإصابة ابنة المتوفى أيضا.

وذكر هشام آل بن شيخ لـ«الشرق الأوسط» أن عائلته تعيش أياما عصيبة، إذ توفي والده نتيجة المرض، وتأكد إصابة شقيقيه، ويشتبه في إصابة شقيقته (19 عاما) بالمرض، مشيرا إلى أن أحد أشقائه وهو موظف في شركة «أرامكو» غادر العناية المركزة في مستشفى الشركة في الظهران وبات حاليا تحت الملاحظة، إلا أن شقيقه الذي يصغره بعامين (31 عاما) لا يزال في أحد المستشفيات الخاصة في الأحساء ويتعالج فيها ببطاقة التأمين الطبي؛ كونه يعمل في شركة في القطاع الخاص.

وعن ظروف إصابة والده بالمرض قال هشام: «جرى تنويم والدي في المستشفى أياما عدة، وغادر بعدها إلى المنزل، لكنه لم يكمل 12 ساعة فقط حتى أعيد إلى المستشفى، وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة».

من جهته، أكد محمد الغانم، وهو ابن عم مختار الغانم، أحد المشتبه بوفاتهم نتيجة «كورونا»، أن ابن عمه كان يعاني إعاقة حركية ويفترض أن يجري عملية تقوس في الظهر والصدر، لكن المواعيد تأخرت أكثر من مرة قبل أن يصاب بضيق في التنفس بسبب هذا المرض على الأرجح، ويتوفى في أحد مستشفيات الأحساء.

وأشار إلى أنه جرى نقل قريبه من أحد المستشفيات الخاصة إلى مستشفى الجفر الحكومي في الشرقية، ومنه إلى مستشفى الملك فهد، حيث توفي هناك عن عمر يناهز 18 عاما، لافتا إلى أنه كان أنهى دراسة المرحلة الثانوية الموسم الماضي.

وذكرت منظمة الصحة العالمية، أمس، أن شخصين آخرين في السعودية توفيا ليرتفع عدد الوفيات في المملكة بسبب هذا المرض إلى سبع، ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف جلين توماس قوله إن ستة آخرين أصيبوا بالمرض أحدهم حالته حرجة.

وأضاف أن عدد المصابين بفيروس كورونا في أنحاء العالم يبلغ 30 إصابة أكدتها المختبرات، منها 18 حالة وفاة، منذ أن لفت الفيروس أنظار العلماء في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويمكن أن تسبب سلالات أخرى من الفيروسات الإكليلية نزلات البرد العادية وكذلك مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) الذي ظهر في آسيا عام 2003.

ولا يوجد دليل حتى الآن على انتقال الفيروس الجديد من المرض بشكل منتظم من إنسان إلى آخر، لكن هناك مخاوف بشأن مجموعة حالات متقاربة أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية في السعودية والأردن وبريطانيا.

وقال توماس: «إن دراسة للسجلات الصحية في الأردن أظهرت تفشيا للفيروس الجديد منذ أبريل (نيسان) 2012 مع وجود حالتين مؤكدتين، و11 حالة محتملة، منها 10 حالات بين العاملين في القطاع الصحي».

ولفت إلى أن منظمة الصحة العالمية لا تنصح بإجراءات فحص، خصوصا للمسافرين، ولا توصي بفرض أي قيود على التجارة أو السفر، مضيفا أن كل الدول يجب أن تبحث عن أي أنماط إصابة «غير معتادة».

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن هناك 23 حالة مؤكدة في السعودية، وحالتين في قطر، وحالتين في الأردن، وحالتين في بريطانيا، وحالة في الإمارات.

وفي الأحساء، يتحدث مواطنون عن مشاعر القلق لدى الأهالي من هذا المرض، وخاصة بسبب تشابه أعراض المرض مع أعراض أخرى مثل الإصابة بالإنفلونزا، إذ يظهر على المصابين أعراض برد وضيق في التنفس يؤدي إلى التهاب رئوي شديد، إضافة إلى التهاب في الكلى، بحسب وصف الدكتورة هدى بخاري المتخصصة في الأمراض الباطنية والمعدية.

وأكدت الدكتورة بخاري أن فيروسات كورونا تشكل فصيلا كبيرا يشمل فيروسات يمكن أن تسبب نزلات برد، وفي بعض الحالات يمكن أن تسبب متلازمة العدوى التنفسية الوخيمة (سارس)، مشيرة إلى أن من أبرز أعراضه ارتفاع درجة الحرارة ووجود آلام في الجسم واحتقان في الحلق ورشح وسعال، ويمكن أن تنتقل العدوى بهذا المرض عن طريق التنفس من خلال التعرض للرذاذ المتطاير الذي ينبعث من الشخص المصاب بالعدوى عن طريق السعال وعن طريق الأيدي أو المسطحات الملوثة به، مع أنه لم يثبت ذلك بشكل قاطع ولكن هذا هو الأرجح.

وكانت وزارة الصحة السعودية قد أوضحت في وقت سابق أن اللجنة الوطنية للأمراض المعدية لم تتأكد إلى الآن من تأثير التغيّرات المناخية في المنطقة على انتشار فيروس كورونا، إذ لا توجد دراسات في هذا الشأن تؤكد ذلك، إلا أنها اعتبرت أن حالات الإصابات المكتشفة للسعوديين في محافظة الأحساء تحديدا في الفئة العمرية من 24 إلى 94 عاما، وهذا يعني أنه لم تسجل إلى الآن أي إصابة للأطفال بهذا المرض.

وتفقد نائب وزير الصحة للشؤون الصحية الدكتور المرضى المنومين من المصابين بفيروس كورونا، ومتابعة الإجراءات والسياسات الطبية التي تم اتخاذها حيالها، وأطلعه الفريق الطبي على آليات التعامل مع المصابين والمخالطين لهم وفق الإجراءات الإكلينيكية المتعارف عليها عالميا وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

وبحسب بيان للوزارة فإن الحواسي اطلع على الوضع الصحي في المحافظة، وإجمالي الحالات التي تمت معاينتها، والحالات التي تم التحفظ عليها، وحالة التقصي الوبائي في المحافظة، والإجراءات التي تم اتخاذها من قبل صحة الأحساء، والتعزيزات والدعم الذي تم تقديمه من الوزارة، إضافة إلى تفقد أقسام الخدمات الطبية المساندة كالمختبرات الطبية والأشعة وغيرها، والاستماع من نائب وزير الصحة إلى عرض مرئي للحالة الصحية في المحافظة والإجراءات والسياسات الطبية التي تم إعدادها من قبل فريق الدعم من الوزارة برئاسة مدير مكافحة العدوى الدكتور عبد الله عسيري، ومساعد المدير العام للشؤون الصحية للصحة العامة الدكتور زكي العبد اللطيف.

وقال وكيل الوزارة «إن منظمة الصحة العالمية على اتصال دائم مع الوزارة، وتقول إن هناك إجراءات عالمية لمثل هذه الحالات ونحن نطبقها من جهة، ونزودهم بكافة المستجدات من جهة أخرى، لا سيما أن السعودية أكثر دولة سجلت حالات لهذا المرض، التي يبلغ إجمالي عددها 20 حالة».

كما أنه لا يوجد أي علاج أو لقاح للوقاية بعد للمرض. لكن ذلك قطعا لن يزيح الأمل عن المرضى المصابين، إذ سجلت إحدى الحالات المرصودة في السعودية تحسنا قادها إلى التشافي من المرض، وقال الدكتور زياد ميمش في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» إن العلاجات التي قدمت للمريض الذي تماثل للشفاء تعد أدوية داعمة وليست متخصصة للقضاء على الفيروس حديث الظهور.

وتؤكد كافة المعلومات الطبية عدم اتضاح طريقة العدوى التي تصيب المرضى بفيروس «الكورونا»، وتصنفه منظمة الصحة العالمية من الفيروسات المنجلية التي تصيب الجهاز التنفسي، وأعراضها تعد مشابهة. وأضافت أنها «تجري الاستقصاءات الوبائية والمعالجة الإكلينيكية والاستقصاءات الفيروسية في المناطق التي طالها الوباء».

وتتسلسل أحداث فيروس الكورونا عندما بدأت السعودية في إعلان المرض بإصابة شخص ووفاته في سبتمبر (أيلول) الماضي، ليشرع الفيروس في الظهور إلى العالم، ورافق النبأ إعلان قطري بأن مواطنا قطريا كان يصارع الموت في لندن، وقالت منظمة الصحة العالمية إنه زار السعودية، بيد أن وزارة الصحة السعودية قالت إنه زار السعودية منذ وقت طويل مقارنة بفترة حضانة وظهور أعراض المرض.

وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أعلنت السعودية عن اكتشاف حالة إصابة بالفيروس لمواطن في مستشفى بالعاصمة الرياض، وقالت في بيان: «تم الاشتباه في حالة المواطن وأجريت الفحوصات والتحليلات اللازمة على الفور بمختبرات الوزارة»، وأضافت: «تماثل المريض للشفاء بعد تقديم العلاج، وحالته مستقرة»، مشيرة إلى إرسال عينة من الفحوصات لمختبر متخصص خارجي. ومن ثم تعاقبت الإعلانات المتعلقة بإصابة أكثر من شخص، حتى ظهر يوم الأربعاء الماضي إصابة 7 لحق بهم 3 آخرون في الأحساء.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن الفيروس غير المعروف هو من نفس عائلة فيروس «سارس»، الذي كان قد غزا العالم بسرعة عند بدء انتشاره عام 2002 في أكثر من 30 دولة وأدى إلى هلاك 800 شخص. وينتمي الفيروس الجديد لعائلة الفيروسات الإكليلية - التي تشمل فيروسات البرد أيضا.

بينما تشير المصادر الطبية إلى أن الفيروس يسبب الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي بسرعة كبيرة، وأبرز أعراضه التهاب الرئة والسعال الحاد والحمى.

وقالت وزارة الصحة إنها عممت على كافة المستشفيات إرسال عينات للاختبار في حال تم الاشتباه في أي مريض يحمل نفس الأعراض.

وطمأنت السعودية التي تستضيف نحو 6 ملايين شخص سنويا للحج والعمرة بحسب آخر إحصائية سنوية لوزارة الحج المعنية بمنح تصريحات الحج والعمرة.

وحيال ذلك، تتخذ السلطات الصحية جملة إجراءات بالتنسيق مع وزارة الحج تقتضي اشتراط تجرع المقبلين إلى السعودية للحج والعمرة لقاحات، إلى جانب إجراءات أخرى تتم في السعودية في حال تم الاشتباه في أي حالة، بحسب سامي باداود مدير الشؤون الصحية بجدة.