أمطار الجنوب تزيح تقرير «مجزرة الحويجة» حتى إشعار آخر

لجنة تقصي الحقائق في البرلمان العراقي سلمت نتائجها.. وليست هناك إجراءات

رجال إنقاذ يساعدون مواطنين في عبور منطقة غطتها مياه الأمطار جنوب بغداد (رويترز)
TT

لم يتبق الكثير أمام عطلة مجلس النواب العراقي التشريعية القادمة (نهاية هذا الشهر) وأمدها شهر، بينما تتكدس القضايا والملفات ومشاريع القوانين أمام أنظار هيئة رئاسته. «العين بصيرة واليد قصيرة».. هذا ما بات عليه حال البرلمان العراقي، في كثير مما هو مطروح أمامه من قضايا وملفات، وعلى الرغم من أنه السلطة التشريعية العليا في البلاد فإن طغيان المشاكل والأزمات بين الكتل والأحزاب وحتى الشخصيات النافذة فيه وفي الحكومة خلق ما بات يعرف بعدم التوافق السياسي، الذي من شأنه عدم تمرير أي قانون أو تشريع مهما كانت أهميته أو فائدته للمواطن العراقي.

أحداث الحويجة التي راح ضحيتها عشرات المواطنين على أثر اقتحام الجيش العراقي لساحة الاعتصام هناك في الثاني والعشرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي، والتي أخذ البرلمان على عاتقه تشكيل لجنة تقصي حقائق خاصة بملابساتها، لم تر وقائع ما جرى وما تم كشفه من قبل اللجنة بشأنها النور بعد. ولأن أزمة الثقة بين الكتل والأحزاب بلغت ذروتها، حتى لو كان ذلك على حساب الدم العراقي، فإن أعضاء اللجنة الذين يمثلون أطيافا وكتلا وأحزابا مختلفة كالعادة اختلفوا فيما بينهم قبل أن يتفقوا على المجريات العامة لما حدث. اثنان من أعضاء اللجنة، عمار طعمة وسميرة الموسوي، وكلاهما من التحالف الوطني، انسحبا من اللجنة قبل كتابة التقرير النهائي. مع ذلك فقد كتب من تبقوا في اللجنة التقرير النهائي الذي وجد في أحد أدراج هيئة رئاسة البرلمان ملاذا آمنا قبل الخروج إلى العلن.

وطبقا لقاعدة إذا عرف السبب بطل العجب فإنه ولدى سؤال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية ومقرره محمد الخالدي من قبل «الشرق الأوسط» عن السبب الذي يجعل من عملية البت في أمر ما حصل في الحويجة مؤجلا، قال إن «التقرير قدم إلى هيئة الرئاسة وكانت على وشك أن تقدمه في إحدى جلسات الأسبوع الماضي، إلا أنه وبسبب عدم اكتمال النصاب لبعضها ووجود بعض الأولويات في جلسات أخرى تم تأجيل البحث في أمر ما توصل إليه التقرير».

الخالدي يضيف قائلا «ليس هذا فقط، إذ إن الأمطار والسيول التي فاجأتنا جميعا، وما ترتب عليها من حالات طوارئ وتعبئة، جعلت هيئة الرئاسة تؤجل تقديم التقرير الذي من المؤمل أن يقدم في إحدى جلسات الأسبوع المقبل». وحول ما إذا كان التقرير يتضمن إدانة لأحد قال الخالدي «نعم التقرير يتضمن إدانة واضحة لضباط كبار ومسؤولين، حيث إن هناك لقاءات حية وشهود إثبات من قبل اللجنة التي التقت بالجميع ما عدا العسكر، حيث لم تتمكن من اللقاء بهم». وبشأن ما إذا كان القتلى قد اعتبروا جميعا «شهداء» قال إن «اللجنة أوصت بذلك، وبالتالي هي ملزمة بتنفيذ هذه الوصية عند إقرارها من قبل البرلمان».

ومن بغداد إلى الحويجة، وطبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» أحد وجهاء القضاء هناك الشيخ منيف العبيدي، فإن «ساحة اعتصام الحويجة لم يعد لها وجود بعد ما حصل فيها، حتى إن القوات المسلحة (قوات دجلة) قامت بتعديل الساحة تماما وكأن شيئا لم يكن»، مشيرا إلى أن «الطريق الذي يربط بين مدينة كركوك والحويجة لم يفتح إلا قبل نحو أربعة أيام». وأشار إلى أنه «كانت هناك نية لإقامة صلاة موحدة أمس الجمعة لكن تم منعها من قبل الأجهزة المختصة».

ويصف العبيدي الحالة العامة هناك قائلا إن «هناك مخاوف لا تزال تسود الغالبية بمن فيهم الجرحى والناجون من الحادثة، حيث إن جهات كثيرة سواء كانت حكومية أو منظمات دولية تطلب منهم إعطاء معلومات أو حتى التبليغ عما إذا كانت لديهم إصابات إلا أنهم يرفضون الذهاب إلى كركوك». وأوضح أن «هناك مسألة لافتة للنظر وهي أن بعض المنظمات الإنسانية تتصل من كركوك لكي يذهب إليها الجرحى والناجون ولا تكلف نفسها المجيء إلى الحويجة لمعرفة الحقيقة». وبشأن ما إذا كانت هناك إجراءات خاصة بالتعويض قال العبيدي «إذا كان الأمر متوقفا على تقرير اللجنة فإنه لا بد من انتظاره، ولكن ما أريد قوله أن نزهان الجبوري الذي قتل قبل نحو سنتين في مدينة الناصرية بعد أن أمسك بأحد الانتحاريين ممن كانوا يستهدفون المواكب الشيعية هناك لم يحصل على أي من حقوقه، بما في ذلك قطعة الأرض التي وعد أهله بها، علما بأنه فقد ثلاثة من أقربائه في حادثة الحويجة الأخيرة».