الأوضاع الأمنية تعوق دفع عجلة الاقتصاد التونسي

تونس في حاجة لخطة إنقاذ عاجلة وهدنة اجتماعية

TT

سيطرت الأوضاع الأمنية، وتداعيات الأحداث التي تجري في جبل «الشعانبي» غرب تونس قرب الحدود مع الجزائر، على أشغال يوم الحوار الوطني لدفع الاقتصاد التونسي الذي نظمه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف التونسية) أمس وحضره رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، وعلي العريض رئيس الحكومة، ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، ووداد بوشماوي رئيسة اتحاد الأعراف، وحسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل، وعدد كبير من قيادات الأحزاب السياسية وخبراء المال والاقتصاد والمستثمرين.

وقد أكد المتحدثون الرسميون في هذا الحوار على الانعكاسات السلبية لاهتزاز الوضع الأمني على الوضع الاقتصادي بالبلاد وعلى صورة تونس بالخارج والجهد المبذول لاستقطاب المستثمرين الأجانب وعلى تجاوز المصاعب التي يمر بها الاقتصاد التونسي، وأجمعوا على أنه ليس في أفضل حالاته.

* مصاعب قديمة والعافية في الطريق

* وقال المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية إن المصاعب الاقتصادية التي تمر بها تونس ليست جديدة وإن الواقع الصعب الذي تعرفه الجهات الداخلية خاصة هو حصيلة لسنوات النسيان والتهميش وإن تغيير الواقع فيها يتطلب المزيد من الجهد والتضحية والتضامن.

وأكد علي العريض رئيس الحكومة أن تونس بصدد استعادة عافيتها رغم كل المصاعب وأن الاقتصاد التونسي حقق أرقاما جيدة في الفترة الأخيرة، من دون أن ينفي وجود بعض المعوقات. في حين ركز مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي على العمل الجاري لاستكمال إعداد الدستور الجديد لتونس، مؤكدا أنه سيكون جاهزا في يوليو (تموز) القادم وأن الانتخابات ستجري قبل نهاية سنة 2013.

من جهتها، اعتبرت وداد بوشماوي رئيسة اتحاد الأعراف التونسيين أنه لا معنى للديمقراطية من دون اقتصاد قوي وأن التأخر في تحديد مواعيد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة أثر سلبيا على رؤية المستثمرين وكان سببا في تردد المستثمرين الأجانب على بعث مشاريع بتونس، في حين دعا حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إلى إعادة النظر في المنوال التنموي للاقتصاد من دون أن يمس ذلك بخيار اقتصاد السوق.

* أزمة اجتماعية وارتفاع نسبة المديونية

* وتواجه تونس العديد من المصاعب الاقتصادية بسبب الوضع الأمني والاضطرابات الاجتماعية التي عطلت عمليات الإنتاج خاصة في مناجم الفوسفات جنوب غربي البلاد مما كلف خزينة الدولة خسائر فادحة ناهزت المليار ونصف المليار دولار في السنتين الأخيرتين، كما أدت هذه الاضطرابات والتحركات الاجتماعية أيضا إلى مغادرة بعض المستثمرين الأجانب إلى وجهات أخرى منافسة لتونس، وتسريح مئات العمال، وتراجع مداخيل القطاع السياحي في السنوات الأخيرة، وتراجع في عمليات التصدير بسبب الأزمة التي تعرفها أوروبا الشريك التقليدي لتونس. كما تشهد البلاد موجة تضخم مالي تقدره الأوساط الرسمية بنحو 7 في المائة، وارتفاعا في أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية، فضلا عن تدني قيمة الدينار التونسي الذي سجل يوم الخميس الماضي أدنى مستوياته مقابل العملة الأوروبية (اليورو) والدولار الأميركي. كما يتواصل الجدل في البلاد حول قضية المديونية التي يرى البعض أن ارتفاعها سيزيد من مصاعب البلاد على المدى المتوسط والبعيد، علما أن تونس تتفاوض الآن مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ائتماني قدره 1.7 مليار دولار أميركي، وأن العديد من وكالات الترقيم كانت قد خفضت أكثر من مرة من الترقيم السيادي لتونس من حيث قدرتها على سداد ديونها.

* برنامج إنقاذ وطني

* وتم خلال هذا اليوم التأكيد على حاجة الاقتصاد التونسي لخطة إنقاذ عاجلة وإلى هدنة على المستوى الاجتماعي لتعود عجلة الإنتاج إلى نسقها الطبيعي وحتى تتمكن البلاد من ترميم الضرر الذي لحق بصورتها لدى المستثمرين الأجانب جراء بعض أحداث العنف والتحركات الاجتماعية العشوائية. واقترحت الجهة المنظمة لهذا الحوار إعلان حالة طوارئ اقتصادية، وتكوين لجنة مشتركة بين الحكومة واتحاد الأعراف واتحاد الشغل واتحاد المزارعين لاتخاذ الإجراءات الضرورية لدفع الاقتصاد التونسي.