بيكام.. أيقونة تخطت حدود المستطيل الأخضر فأصبح أبرز شخصية رياضية في العالم

ماذا قالوا عنه بعد إسداله الستار على مسيرته الكروية الحافلة؟

TT

أشاد أبرز الشخصيات الرياضية في عالم كرة القدم بلاعب خط وسط إنجلترا السابق ديفيد بيكام عقب إعلانه عزمه الاعتزال. كما اعتبر الكثيرون أنه لا يمكن اعتبار النجم الإنجليزي الذي سيعتزل نهائيا في نهاية الموسم الحالي في صفوف فريقه باريس سان جرمان الفرنسي بعمر 38 عاما، مجرد لاعب كرة قدم فحسب، بل هو أيقونة وماركة مسجلة تتخطى حدود المستطيل الأخضر حيث تضاهي شهرته أبرز نجوم البوب الستار العالميين.

ويقول سفين غوران إريكسون المدرب السابق للمنتخب الإنجليزي إن ديفيد بيكام سيظل في الأذهان كأبرز شخصية رياضية. كان بيكام قائدا للمنتخب الإنجليزي خلال تولي إريكسون مهام تدريب المنتخب في الفترة من عام 2001 إلى 2006. وقال المدرب السويدي: «إنه لاعب رائع، وشخص مذهل، الجميع حول العالم يرددون اسم بيكام، والناس تعرف من هو. إنه يتمتع بشخصية رائعة سواء على المستوى الإنساني أو المهني وربما يكون أبرز شخصية رياضية في العالم. ولا أتوقع أن يحظى لاعب آخر في العالم بشعبية أكبر منه، فقد كان قائد فريق متميزا للغاية».

وأضاف إريكسون الذي يعمل حاليا مديرا فنيا لفريق النصر بإمارة دبي: «أذكر أن كل المباريات التي خاضها المنتخب وكل الرحلات - المطارات والفنادق - كان الجميع يتحدثون فيها طوال الوقت عن بيكام». وأضاف المدير الفني البالغ من العمر 65 عاما أن «أبرز ما أتذكره لبيكام مع المنتخب الإنجليزي الركلة الحرة التي سجل منها هدفا في الوقت بدل الضائع في مباراة اليونان عام 2001 لضمان التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2002».

وقال: «أهدر بيكام العديد من الركلات الحرة خلال المباراة لكنه كان بالغ التركيز في تنفيذ هذه الركلة في الوقت بدل الضائع وتمكن من تسجيل هدف. لعل أبرز ما يميز بيكام أنه يتمتع بمهنية عالية للغاية في كل ما يقوم به، كما لم تكن قدمه اليمنى سيئة. أنا على يقين أنه سيواصل العمل بصورة ما في مجال كرة القدم، كسفير أو مدرب، لكني لست متأكدا من رغبته في العمل كمدير فني».

وأشاد أيضا ببيكام لاعبو المنتخب الإنجليزي السابقون.. فقد وصف غاري لينكر بيكام بالقدوة الرائعة، وكتب في صفحته على «تويتر»: «بيكام لاعب رائع ونجم عالمي، وسفير متميز لإنجلترا وكرة القدم». أما غاري نيفل الذي لعب إلى جانب بيكام في مانشستر يونايتد والمنتخب فقال عنه: «ربما كان اللاعب الأكثر تأثيرا في ازدياد شعبية كرة القدم. فقد كان تأثيره ضخما». ويقول داريوس فاسل، الذي لعب إلى جانب بيكام في المنتخب: «لم ينشغل على الإطلاق بأي شيء آخر غير كرة القدم وكل اللاعبين الشباب يطمحون للوصول إلى ما وصل إليه. وهو سفير عظيم للرياضة».

لي شارب، الذي لعب إلى جانب بيكام في بداية حياته في مانشستر يونايتد، قال إن «إنجازاته في كرة القدم كانت مميزة، وإنه سيحقق نفس الإنجازات في أي مجال آخر يعمل به». وقال عنه أندري كانتشيلسكيس، زميله السابق أيضا في فريق مانشستر يونايتد: «إن له شهرة واسعة خارج كرة القدم، فهو شخص عصري وربما يعمل كعارض أزياء. وهو شخص خلوق، ولاعب كرة قدم جيد، وأنا سعيد للغاية أنني لعبت إلى جانبه، وأتمنى له التوفيق».

يقول بيتر تايلور، الذي أعطى بيكام شارة قائد المنتخب للمرة الأولى عام 2001 خلال عمله مديرا فنيا مؤقتا: «تأثرت كثيرا بالطريقة التي لعب بها والتي اعتنى بها بنفسه بعدما تعرض للطرد في مباراة المنتخب ضد الأرجنتين (في كأس العالم 1998) فقد تعامل معها برقي كبير. كان يريد المشاركة بشكل دائم في تدريب المنتخب. وكان فخورا ببلاده ودائم الرغبة في اللعب لها».

لم يلعب بيكام تحت قيادة المدير الفني الحالي روي هودغسون، الذي تولى مهمة العمل في مايو (أيار) العام الماضي، لكن المدير الفني السابق لفريق وست بروميتش ألبيون يأمل في أن يواصل بيكام العمل في مجال كرة القدم. وقال هودغسون: «يمتلك ديفيد بيكام الكثير من المواهب وستنهال عليه العروض للعمل في وظائف مختلفة لكني آمل أن يتمكن من الاستمرار في مجال كرة القدم. أنا أحييه على هذه المسيرة المتألقة وأتمنى له مستقبلا أفضل، أيا كان اختياره».

ووصفه ديفيد برينستين، رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قائلا: «كان ديفيد يلعب بهمة كبيرة، وأصبح رمزا لمنتخبنا الوطني. أنا حزين لاعتزاله الكرة لكني أتمنى له ولعائلته الأفضل بعد تقاعده». أما جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فوصفه بأنه «مصدر إلهام للملايين». وكتب على موقع «تويتر»: «نشأ ديفيد كطفل عاشق لكرة القدم تمكن من تحقيق حلمه، وقد كان من دون شك مصدر إلهام لملايين من البنين والفتيات الذين يحاولون السير على خطاه». كانت لبيكام إسهامات كبيرة خارج مجال كرة القدم.

وقال رئيس الاتحاد الأولمبي البريطاني اللورد كوي: «من المستحيل أن نذكر النجاح الذي حققته دورة أولمبياد لندن عام 2012 من دون ذكر المجهود الاستثنائي الذي قام به بيكام». وقال: «في كل مرحلة من رحلة لندن 2012، منذ مرحلة تقديم الملف إلى التخطيط للأولمبياد إلى نقل الشعلة والدورة الصيفية التي لا تنسى، كان ديفيد مصدرا دائما للدعم والإلهام».

وحتى الآن لا يوجد أي شك في إسهامات ديفيد بيكام مع المنتخب الإنجليزي. وفي عصر بدا فيه العديد يتحججون للهروب من تمثيل منتخب بلادهم، فإن بيكام دائما ما أظهر ولعه بمنتخب بلاده، رغم اتهامه مرارا بأنه يفضل حياة الشهرة عن حياة كرة القدم. وفي الوقت الذي استمتع فيه بيكام بمكانته وشهرته، لم يحدث أن اتهمه أي مدرب بنقص الاحترافية في التدريبات، وظهرت قوة شخصية بيكام بعد سقوطه من حسابات ستيف مكلارين مدرب المنتخب الإنجليزي وفابيو كابيللو مدرب ريال مدريد، حيث فرض نفسه مرة أخرى على التشكيل الأساسي لكلا الفريقين.

وقال مكلارين: «لقد كشف عن الجزء الأكبر من موهبته، من خلال العمل الشاق والاحترافية، ودائما ما يقوم بعمل إضافي في ملعب التدريبات». وأضاف أنه «يلهم زملاءه من خلال أدائه، إنه لاعب رابح، لقد فاز بالكثير من الأشياء خلال مسيرته، وكان ذلك بمثابة عدوى لزملائه». وأشار إلى أنه «كان قائدا والناس تتبعه».

وفاز بيكام بألقاب في أربع دول مختلفة، وأصبح ثاني أكثر لاعب مشاركة مع المنتخب الإنجليزي بعد الحارس السابق بيتر شيلتون.

من جهة أخرى كشف نادي باريس سان جيرمان عن رغبته في استمرار ارتباطه بديفيد بيكام بعد انتهاء مسيرة اللاعب. وأوضح القطري الشيخ ناصر الخليفي رئيس النادي أمس أن المفاوضات تدور مع اللاعب حاليا بهذا الشأن.

وقال الخليفي، في مؤتمر صحافي بباريس: «من المهم للغاية أن يستمر الاتصال بهذا المشروع». وأصبح نادي باريس سان جيرمان ملكا لمجموعة استثمارية قطرية منذ عامين.

وانتقل بيكام في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي إلى نادي باريس سان جيرمان بعدما لعب في الماضي لأندية مانشستر يونايتد الإنجليزي وريال مدريد الإسباني وميلان الإيطالي ولوس أنجليس غالاكسي الأميركي. وخاض بيكام 11 مباراة فقط مع سان جيرمان وكان أساسيا في مباراتين فقط. وتتبقى للفريق مبارتان فقط في الموسم الحالي بالدوري الفرنسي الذي توج بلقبه رسميا للمرة الأولى منذ 19 عاما.

وبذلك، ستكون المباراة الأخيرة لبيكام مع الفريق في 26 مايو (أيار) الحالي أمام لوريان.

برز الفتى المولود في ليتونستون في شرق لندن بقدمه اليمنى الساحرة ودقة تمريراته وتسديداته وتحديدا من الركلات الثابتة. كان بإمكان بيكام أن يبقى في صفوف توتنهام حيث تعلم أصول اللعبة لكنه انضم إلى مانشستر يونايتد لأن والديه من أنصار النادي الشمالي العريق. خاض أول مباراة رسمية في مسيرته الاحترافية وهو في السابعة عشرة من عمره ضد برايتون عام 1992، وأول مباراة رسمية في الفريق الأول لمانشستر يونايتد عام 1995 ضد ليدز حيث سجل هدفه الرسمي الأول أيضا ولتبدأ الأسطورة.

أمضى بيكام ثمانية أعوام في صفوف مانشستر يونايتد أحرز خلالها الكثير من الألقاب المحلية والأوروبية والعالمية وسجل 84 هدفا قبل أن ينتقل إلى صفوف ريال مدريد عام 2003 إثر الحادثة الشهيرة بينه وبين مدرب الفريق السير أليكس فيرغسون الذي استشاط غضبا بعد خسارة فريقه إحدى المباريات فركل حذاء بقوة ليرتطم بحاجب بيكام ويجرحه. وللمفارقة، فإن فيرغسون سيعتزل التدرب نهائيا بعد غد بعد أن يقود مانشستر يونايتد ضد وست بروميتس البيون في الدوري المحلي وهي المباراة رقم 1500 له.

بلغت صفقة انتقال بيكام إلى ريال مدريد 35 مليون يورو وقد تخلى عن الرقم 7 واستبدل به الرقم 23 الذي كان يرتديه أسطورة كرة السلة الأميركي مايكل غوردان في صفوف شيكاغو بولز. استغل بيكام موهبته وأناقته لجلب عقود الرعاية. ودائما ما تسلط الأضواء على كل حركة يقوم بها بيكام وتلاحقه عدسات المصورين أينما حل خصوصا عندما يتعلق الأمر بطبع وشم جديد على جسده سواء كان لزوجته أو لأولاده الأربعة. حتى إنه أعطى اسمه لإحدى الأفلام السينمائية «سددها على طريقة بيكام».

التحق بيكام بصفوف ميلان الإيطالي مرتين على سبيل الإعارة عام 2009 و2010، وخاض في صفوف منتخب إنجلترا 115 مباراة دولية. وكانت لحظة الذروة في منتخب بلاده عندما أدرك التعادل لإنجلترا 2 - 2 في مرمى اليونان في الدقيقة 93 وتحديدا في 6 أكتوبر ( تشرين الأول) عام 2001 على ملعب أولدترافورد ليحجز بطاقة التأهل إلى مونديال 2002. أما أسوأ لحظة في مسيرته الدولية فكانت عندما طرد في مباراة فريقه ضد الأرجنتين في الدور الثاني من مونديال فرنسا عام 1998، وإهداره ركلة جزاء ترجيحية في كأس الأمم الأوروبية عام 2004 ضد البرتغال.