خبراء: أوروبا والصين ستخسران في حرب تجارية

الاتحاد الأوروبي يتهم شركتين صينيتين للاتصالات بمخالفات تجارية

TT

اتهم أكبر مسؤول تجاري أوروبي شركتي صناعة معدات الاتصال الصينيتين «هواوي» و«زد.تي.آي» بمخالفة لوائح منع الإغراق والدعم وذلك في أول إعلان رسمي في هذا الشأن. وقال كارل دي جوشت المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي في ساعة متأخرة من أول من أمس الجمعة إنه مستعد لإطلاق تحقيق رسمي في السلوك غير التنافسي للشركتين الصينيتين من أجل حماية قطاع «استراتيجي» للاقتصاد الأوروبي.وأبلغ دي جوشت «رويترز» في مقابلة حصرية قبل محادثات مع الشركات الأميركية في إطار استعداداته للتفاوض على اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة: «تقوم (هواوي) و(زد.تي.آي) بإغراق السوق الأوروبية بمنتجاتهما». ومن المتوقع أن تبدأ محادثات اتفاق التجارة في يوليو (تموز).

ومن شأن التحقيق في سياسة المبيعات لشركتي معدات الاتصالات الصينيتين أن يفتح جبهة جديدة في نزاع تجاري بمليارات اليورو مع شريك مهم. والاتحاد الأوروبي أهم شريك تجاري للصين التي تعد بدورها ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد بعد الولايات المتحدة. وبلغ إجمالي صادرات السلع الصينية إلى دول الاتحاد السبع والعشرين 290 مليار يورو (372 مليار دولار) العام الماضي بينما بلغت صادرات الاتحاد إلى الصين 144 مليار يورو.

وقال دي جوشت إن توافر رأس المال الرخيص للشركتين الصينيتين «يشوه المنافسة وهذا هو لب القضية». و«هواوي» و«زد.تي.آي» هما ثاني وخامس أكبر مصنع لمعدلات الاتصالات في العالم.

ونفت هواوي أن تكون قد انتهكت أي قواعد.

وقالت الشركة في بيان بالبريد الإلكتروني لـ«رويترز»: «في أوروبا وفي كل الأسواق تعمل (هواوي) دائما بنزاهة ونفوز بالمشاريع وبثقة عملائنا بفضل تقنياتنا المبتكرة وخدماتنا عالية الجودة لا عن طريق التسعير أو الدعم».

وبشكل منفصل نقلت صحيفة «تشاينا ديلي» الرسمية عن تاو جينغ ون، رئيس أنشطة غرب أوروبا في «هواوي» قوله إن منافسي الشركة يلومونها على إخفاقاتهم.

وقال تاو في تقرير نشر قبل تصريحات دي جوشت: «بعض الشركات الأوروبية تلقي باللوم على الشركات الصينية في خسائرها لكن هذه نتجت أحيانا عن تكاسلها».

ولم يتسن الاتصال بشركة «زد.تي.آي» للحصول على تعقيب لكن الشركة نفت من قبل الحصول على دعم حكومي مخالف للقانون.(اليورو يساوي 28.‏1 دولار).

ومن معدات الاتصال إلى الألواح الشمسية وأدوات المطبخ، زادت الخلافات التجارية في الأيام الماضية بين الاتحاد الأوروبي والصين، لكن الخبراء لا يتوقعون اندلاع حرب تجارية حقيقية. وحذر خبراء من أن مثل هذا النزاع بين أكبر شريكين تجاريين في العالم سيكون كارثيا على اقتصادات أوروبا والصين، مؤكدين أن بروكسل وبكين يحتاج كلاهما إلى الآخر. وأفاد محللون أن زيادة التوتر قد تعكس ببساطة آثار تباطؤ اقتصادي كبير في الاتحاد الأوروبي والصين. وشهدت الصين العام الماضي أضعف نمو لها خلال 13 سنة في حين أن الاتحاد الأوروبي الذي يمر بأزمة الديون وارتفاع نسبة البطالة، يواجه انكماشا.

وقال سيرجو ماركي مدير مجموعة «ماركي» والوزير الكندي السابق للتجارة الخارجية والسفير في منظمة التجارة العالمية: «أعتقد أنه لا يمكن فصل كون الاتحاد الأوروبي في نمو سلبي عن خلافاته مع الصين». وأضاف: «في حين أن الوظائف تتراجع يريد المسؤولون الأوروبيون أن يظهروا لناخبيهم أنهم حازمون حيال التحديات التي تمثلها الصين». وكان الوزير الفرنسي المكلف بتصحيح الإنتاج أرنو مونتيبروغ أحد أبرز المسؤولين الذي دان مرارا «سذاجة» الأوروبيين حيال شركائهم الصينيين.

وقال ماركي: «على الاتحاد الأوروبي أن يكون حذرا من عدم الذهاب بعيدا. الصين تتفهم السياسة لكنها لا تحب أن توضع في موقف صعب خصوصا إذا كانت ستخسر ماء الوجه. إذا قررت الرد قد يواجه الاتحاد الأوروبي سيناريو سيكون خاسرا فيه».

وحذرت بكين الأوروبيين على لسان المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شين دانيانغ بالقول: «نأمل في ألا يتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير ستضر بالجانبين». وأضاف أن الصين مستعدة «للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة» بما يتفق مع قواعد منظمة التجارة العالمية وقوانينها. وقال زانغ هانلين الأستاذ في القضايا والاقتصاد العالمي في بكين إنه في حال حصول حرب تجارية: «سيكون الخاسر الأكبر بالتأكيد الاتحاد الأوروبي والصناعة الأوروبية والمستهلكون الأوروبيون».

وارتفع حجم التجارة الثنائية ليبلغ 546 مليار دولار في 2012 لكن العجز التجاري الأوروبي حيال الصين وصل إلى 122 مليار دولار.

وحرصت بروكسل على التأكيد بأن القرار الذي اتخذ هذا الأسبوع بفتح تحقيق حول مكافحة إغراق السوق بأجهزة الاتصال الصينية «قرار مبدئي» وأن باب المفاوضات لتسوية ودية لا يزال مفتوحا.

وتأتي الخلافات الصينية - الأوروبية في حين تخشى بكين من أن تجد نفسها معزولة على ساحة التجارة العالمية. وهي لا تجهل بأن لشركائها الرئيسيين مشاريع للتبادل الحر. وفي حين يستعد الاتحاد الأوروبي لفتح مفاوضات التبادل الحر مع الولايات المتحدة وكندا واليابان، بدأت واشنطن مفاوضات للشراكة عبر الأطلسي لإقامة أكبر منطقة عالمية للتبادل الحر مع عشرات الدول المطلة على المحيط وليس مع الصين.