إيران... إلى أين؟

افتتاحية «الشرق الأوسط»

TT

مع اقترابنا من الموعد المضروب للانتخابات الرئاسية الإيرانية الحادية عشرة، التي من المقرر أن تجرى يوم 14 يونيو (حزيران) المقبل، رسا عدد من تقدموا بطلبات ترشحهم على 686 مرشحا. وبحلول نهاية هذا الأسبوع ينتظر أن يصدر «مجلس صيانة الدستور»، المكلف الإشراف على الانتخابات، أسماء المرشحين المقبولة طلباتهم.

استنادا إلى تجارب الماضي، قد لا يزيد عدد المرشحين الذين سيحظون بموافقة المجلس على المضي قدما في المعركة الانتخابية. وبالتالي، إطلاق حملاتهم، عن عشرة مرشحين، وربما أقل من ذلك. وفي هذا الأثناء ثمة بضعة أسئلة كبرى تحتاج إلى إجابات:

السؤال الأول، هل الانتخابات الرئاسية المقبلة كفيلة بتغيير استراتيجيات إيران وسياساتها.. وهل سنشهد بالذات تغيرا في أمري ملفين أساسيين هما العلاقات الإيرانية - الأميركية، والملف النووي الإيراني؟

السؤال الثاني، بما يتعلق باستراتيجية إيران الإقليمية، هل ستغير القيادة في طهران مقاربتها إزاء سوريا ولبنان والعراق؟

السؤال الثالث، هل سيواجه الشعب الإيراني نفسه استراتيجية اجتماعية وثقافية جديدة؟ هل سيحصل الإيرانيون على قدر أكبر من الحرية والتسامح من الحكومة؟ وماذا سيحل بمير حسين موسوي ومهدي كروبي، وغيرهما من السجناء الإصلاحيين؟

يستحيل حقا إيجاد إجابة منطقية يعتد بها لهذه الأسئلة الأساسية بمعزل عن الأخذ في الحساب بنية القانون الدستوري الإيراني، وتاريخ إيران السياسي على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة. واستنادا إلى القانون الدستوري في إيران بإمكاننا التمييز بين الحكومة والدولة. ففي هرم السلطة تمارس الحكومة مهماتها تحت إشراف رأس الدولة، أي بكلام آخر، على الرئيس المنتخب طاعة الولي الفقيه. وهذا يعني أن الرئيس لا يستطيع تغيير السياسات والاستراتيجيات التي يقررها الولي الفقيه.

على سبيل المثال، بالغ الرئيس محمود أحمدي نجاد، المعروف عنه كثرة كلامه، في التكلم عن الولايات المتحدة، وأيضا، بعث ببعض الرسائل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما. ومن ناحية ثانية، دأب على إثارة موضوع الملف النووي أسبوعيا، بين أمور كثيرة أخرى. ولكن في المقابل، كان أوباما يبعث برسائله إلى علي خامنئي، القائد الفعلي، وليس إلى الرئيس أحمدي نجاد. وفي ما يخص الملف النووي بالذات، أطلق أحمدي نجاد عدة وعود باتخاذ إجراءات، غير أن خامنئي رفضها جميعا.

وفق المادة 110 من القانون الدستوري، السلطة المطلقة للقائد – أي الولي الفقيه أو المرشد الأعلى – وليس لرئيس الجمهورية. وفي ما يلي النص بحرفيته: «حول واجبات القيادة وسلطاتها:

1 - تحديد السياسات العامة للجمهورية الإسلامية في إيران بعد التشاور مع مجلس تشخيص مصلحة النظام.

2 - الإشراف على التطبيق السليم للسياسات العامة للنظام».

أضف إلى ما سبق أن المادة 176، التي تتطرق إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، تنص على أن قرارات المجلس المذكور لا تصبح سارية المفعول وقابلة للتنفيذ إلا بعد تثبيتها بموافقة القائد.

بناء عليه، وباختصار شديد، رئيس الجمهورية في إيران ليس صانع القرار الأساسي، ومع ذلك فإن بعض الظروف، وفي حالات ما في حياة البلاد، يحظى الرئيس بهامش من المناورة، غير أن سلطاته لا تزيد على هذا. لكن الأمر يختلف بالنسبة للاقتصاد والشؤون الاجتماعية. فهنا يتمتع الرئيس بدور مؤثر وهنا يستطيع أن يضع بصماته.