مصادر أمنية لـ «الشرق الأوسط»: خاطفو الجنود المصريين يتحركون بين الشيخ زويد ورفح

الجيش المصري أرسل تعزيزات إلى سيناء.. والرئاسة وصفت الخاطفين بالمجرمين

شاحنة عسكرية تنقل آليات في طريقها نحو مناطق بشمال سيناء عقب استمرار أزمة الجنود المختطفين (أ.ف.ب)
TT

أرسل الجيش المصري أمس تعزيزات إلى سيناء في مسعى لإطلاق سراح 7 جنود تم اختطافهم على أيدي متشددين إسلاميين قبل ثلاثة أيام، وسط اتهامات من جانب قوى سياسية للرئاسة بالتهاون في شأن الإسراع في تحرير المختطفين وتفضيل التفاوض معهم، بحجة الخشية من تفجر الوضع الأمني الهش أساسا في شبه الجزيرة المحاذية للحدود مع كل من إسرائيل وقطاع غزة. لكن السفير عمر عامر، المتحدث باسم الرئاسة، قال أمس: «لم نتفاوض مع خاطفي الجنود لأنهم مجرمون».

وردت جماعات يعتقد أنها جهادية على تحرك الجيش في سيناء بتنفيذ هجومين على قوات الأمن المصرية قرب الحدود مع كل من قطاع غزة وإسرائيل، دون وقوع إصابات. وأعربت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أمس عن اعتقادها أن الخاطفين يوجدون في المنطقة الواقعة بين الشيخ زويد ورفح، والقريبة من موقعي الهجومين.

وقال القيادي السيناوي سليمان عياط، وهو من السياسيين والشخصيات ممن شاركوا في لقاء مع محافظ شمال سيناء حول قضية الخاطفين أخيرا، إن المنطقة التي يعتقد أن الخاطفين يوجدون فيها: «محصورة وفيها عيون كثيرة للمشايخ والعواقل وعيون لمنظمة سيناء العربية، ومن السهل التعامل مع الخاطفين، وتبلغ مساحتها نحو 50 كلم طولا في 20 كلم عرضا، وبالتالي يمكن التعامل مع هؤلاء بكفاءة».

وأفادت مصادر حكومية أن الجيش وأجهزة استخباراتية تابعة له بدأ في التحرك في سيناء من أجل تحرير الخاطفين، على الرغم من أنباء عن خلافات بين الرئاسة والجيش بشأن التعامل مع القضية. واتهمت أطراف سياسية من بينها جبهة الإنقاذ المعارضة - التي تضم نحو 12 حزبا إضافة لائتلافات وحركات سياسية - الرئاسة المصرية بعدم الحسم في قضية الخاطفين، وميل من جانب الرئاسة نحو التفاوض مع الخاطفين.

لكن الرئاسة ردت أمس قائلة على لسان السفير عامر إنها تسعى إلى «إطلاق سراح جميع الجنود المختطفين مع الحفاظ على سلامتهم، والعمل على تفادي تكرار مثل هذا الأمر مستقبلا»، مضيفا أن الرئاسة «لم تتفاوض مع خاطفي الجنود لأنهم مجرمون». وأشار إلى أن الرئاسة تدرس حاليا جميع الخيارات المتاحة لإطلاق سراح الجنود بما فيها شن عملية عسكرية. وأضاف عامر أنه لا توجد خلافات بين الرئيس مرسي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبين مؤسسات الدولة.

وردا على تحركات الجيش وإرساله تعزيزات إلى شبه الجزيرة، هاجم مسلحون معسكرين لقوات الأمن في سيناء أمس. ووقع الهجوم الأول عند معبر رفح المجاور لقطاع غزة. وقالت مصادر أمنية إن مسلحين ملثمين على متن شاحنة فتحوا النار على معسكر للأمن المركزي في منطقة الأحراش قرب الحدود مع غزة. وأضافت المصادر أن قوات الأمن ردت بإطلاق النار على المسلحين الذين يرجح أنهم متشددون إسلاميون. ولم يسقط قتلى أو جرحى في هذا الهجوم.

وبعد هجوم رفح بعدة ساعات أطلق مجهولون ملثمون أيضا النار على محيط منفذ العوجة بوسط سيناء دون وقوع إصابات، وقالت مصادر أمنية إن مجهولين يستقلون سيارة دفع رباعي من دون لوحات قاموا بإطلاق النار في محيط المنفذ الذي يوجد بجواره معسكر لقوات الأمن المركزي، ولاذوا بالفرار.

ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك تستغل الجماعات المتشددة التدهور الأمني في شبه جزيرة سيناء أسفرت عن شن هجمات عبر الحدود مع إسرائيل وضد أهداف مصرية. وفي أغسطس (آب) الماضي قتل 16 من أفراد حرس الحدود المصريين في هجوم يعتقد أن وراءه متشددون إسلاميون.

وعكس حادث الاختطاف الأخير غياب القانون عن شبه الجزيرة؛ وهو أمر أثار غضب قوات الأمن التي قام بعض أفرادها بإغلاق معبر حدودي مع إسرائيل وآخر مع غزة للضغط على الحكومة للمساعدة على تحرير زملائهم.

وقالت مصادر حكومية إن الخاطفين يطالبون بالإفراج عن متشددين سجنوا بعد أن أدينوا في هجمات على مقار أمنية في صيف عام 2011، أسفرت عن مقتل 7، بينهم 6 من قوات الأمن.

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن رفض رئيس الدولة اتخاذ إجراءات حاسمة لتحرير الجنود المختطفين بما في ذلك الهجوم على الخاطفين، لكن وفي أعقاب اجتماع بين الرئيس وقيادات عسكرية، قالت الرئاسة المصرية إنه لن تكون هناك محادثات مع الخاطفين، ولن يتم الإذعان لابتزازهم. كما نفت مصادر قريبة من اجتماعات عقدت في سيناء حضرها مسؤولون كبار في الجيش ومن السلطات المدنية التنفيذية ومن جماعة الإخوان المسلمين، ما تردد عن وجود خلافات بين الجيش والإخوان بشأن التعامل مع أزمة المختطفين.

وأعقب لقاء مرسي بقيادات أمنية عليا أمس، وهو «لقاء جرى استمرارا لاجتماعات سابقة» - وفقا للمصادر - قيام عدد من الأجهزة التابعة للجيش بتكثيف وجودها في شبه جزيرة سيناء وبالتحديد في منطقة تقع شرقي مدينة العريش شمالا، ويعتقد أن الخاطفين يتحصنون فيها. وأشارت المصادر أن المنطقة يقع فيها أيضا المعسكران اللذان تعرضا للهجوم أمس.

وتحدث شهود عيان عن رؤيتهم أمس لحاملات جنود تتجه إلى شمال سيناء، بعد ساعات من بث شريط مصور على موقع «يوتيوب» يوم أول من أمس ويظهر فيه الجنود المختطفون وهم معصوبو الأعين، ويناشدون الرئيس مرسي الاستجابة لمطلب خاطفيهم بالإفراج عن «سجناء سياسيين» من سيناء، في مقابل إطلاق سراحهم. وقال آباء وأصدقاء الرهائن السبعة إن الذين ظهروا في الشريط المصور «هم الجنود المختطفون».

وقال عياط عقب مشاركته في اجتماع مع محافظ شمال سيناء عبد الفتاح حرحور: «الرؤية غائمة والاحتمالات كثيرة ونرجو أن يكون هناك شفافية في التعامل مع هذه القضايا». بينما أوضح السيناوي أشرف الحفني، القيادي في الحركة الثورية الاشتراكية بمصر، أن موضوع الخاطفين «سياسي وليس موضوعا أهليا، لأنه مرتبط بتنظيمات، كما أن أهل البلد لا يعرفون عن الأمر أكثر مما يعرف الباقون في وسائل الإعلام»، مشيرا إلى وجود مؤشر مهم و«هو محاولة إبعاد وزارة الداخلية عن الموضوع».

وأعرب حزب الدستور، الذي يقوده الدكتور محمد البرادعي، عن قلقه من تصاعد قضية المختطفين، محذرا من تنامي نفوذ الجماعات المتطرفة في سيناء.