لبنان: التمديد للمجلس النيابي بات واقعا بعد فشل التوافق على قانون للانتخاب

خبير دستوري: يفترض إقرار التعديل قبل 31 مايو على ألا تتجاوز مدته السنة

TT

فشلت لجنة التواصل النيابية أمس في الجلسة التي كان من المفترض أن تكون الأخيرة، في الاتفاق على قانون للانتخاب، في ظل تمسك كل فريق بشروطه وسقوط اقتراحي «الأرثوذكسي» (الذي ينص على انتخاب كل طائفة نوابها) و«المختلط» (الجامع بين النسبي والأكثري).

هذه النتيجة المتوقعة، وضعت الجميع أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، وهما إما إجراء الانتخابات وفق «قانون الستين» النافذ الذي اعتمد في الانتخابات الأخيرة، أو التمديد للمجلس الحالي الذي تنتهي ولايته في 20 يونيو (حزيران) المقبل. والمرجح اعتماد الخيار الثاني نظرا للإجماع على رفض الأول، لتتحول بذلك بوصلة المباحثات السياسية نحو فترة هذا التمديد التي يتم التداول بها ما بين السنة والسنتين، ومدى قانونيته، الأمر الذي سينسحب في الوقت عينه سلبا، على تأليف الحكومة التي كلف رئيسها تمام سلام على أساس إجراء هذه الانتخابات. مع العلم بأن موعد تقديم الترشيحات وفق قانون الستين كان قد بدأ فعليا أمس، وينتهي في 27 مايو (أيار) الحالي، بعد انتهاء مدة تعديل المهل الدستورية المتعلقة به، وسبق لفريقي «8» و«14» آذار، أن أعلنا نيتهما الترشح منعا لفوز المرشحين بالتزكية.

وفي حين رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة أمس، من دون التوصل إلى أي نتيجة معلنا أنه «ربما يدعو إلى جلسة ثانية» من دون أن يحدد موعدا لها، وذلك بعدما كان قد وضع في بدايتها الجميع أمام مسؤولياتهم قائلا: «إذا فشلنا في التوصل إلى توافق، فسأكون أول من سيعلن ذلك»، كانت مواقف ممثلي الكتل النيابية تجمع «في العلن» على رفض «التمديد» و«قانون الستين» مطالبة بالتصويت في مجلس النواب على قانون جديد. وهذا ما أكد عليه كل من نواب «التغيير والإصلاح» و«المستقبل» و«الكتائب» ألان عون وأحمد فتفت وجورج عدوان، قبل دخولهم الجلسة، فيما أقر رئيس لجنة التواصل روبير غانم بأن التمديد التقني لمجلس النواب أصبح واردا. ورأى النائب في «جبهة النضال الوطني» أكرم شهيب أن «لا مشكلة بالتمديد أو بقانون الستين، المهم أن لا يكون هناك فراغ».

من الناحية القانونية، أكد الخبير الدستوري، وزير العدل السابق، إدمون رزق أنه يفترض على المجلس النيابي، وبعدما فشل في القيام بواجباته لجهة إقرار قانون للانتخاب، أن يمدد لنفسه قبل 31 مايو الحالي، أي خلال الدورة العادية للمجلس، منعا للفراغ، وذلك بين فترة 6 أشهر وسنة حدا أقصى. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في المبدأ، يجب أن لا يتعارض القانون مع المبادئ الأساسية للأنظمة الديمقراطية، ومن أهمها أن المجالس تنتخب لأجل محدد، لكن قد تحصل في بعض الأحيان ظروف استثنائية تبيح المحظورات، وهذا ما ينطبق عليه الوضع الاستثنائي الذي يعيشه لبنان اليوم، والذي يتطلب تمديد المجلس النيابي»، موضحا في الوقت عينه أن المادة 33 من الدستور تشير إلى إمكانية فتح رئيس الجمهورية، وبناء على طلب مجلس النواب، دورة استثنائية، و«عندها لا يعتبر هذا التعديل مخالفة قانونية، إذا أقر بعد نهاية الشهر الحالي».

من جهته، أوضح عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا في بيان له، تعقيبا على ما صدر عن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، من أن الخيارات الوحيدة المتاحة هي التمديد أو إجراء الانتخابات وفق قانون الستين، أنه بذلك «نكون قد بلغنا لحظة الحقيقة في أن هذا ما سعوا إليه طوال فترة البحث لإيجاد قانون انتخابات بديل عن القانون النافذ». ورأى أنه «على مجلس النواب أن يلتئم في هيئته العامة ويتحمل كل نائب مسؤولياته أمام المواطن والوطن والتاريخ. ولتطرح كل الاقتراحات أمام الهيئة العامة التي عليها أن تواظب على مناقشة التعديلات المطلوبة على القانون المختلط، الوحيد القابل للمرور والتطبيق، ولينجز المجلس عمله في إقرار قانون جديد». وأضاف: «هنا يمتحن التيار الوطني الحر فعلا، فإما تأمينه الحضور والنصاب الوطني من أجل إقرار قانون انتخابات يحسن التمثيل المسيحي ويحفظ النسيج الوطني، وإما يحكم الشعب والتاريخ بأنهم فقط مزايدون ولأي إنجاز لا يهتمون، ويستعملون التمثيل المسيحي فقط لتحقيق مكاسب آنية، لا تؤسس لبناء وطن».

بدوره، تساءل عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب محمد الحجار: «لماذا يجب أن نطرح الأمور على نحو: (إما قانون الستين، وإما التمديد للمجلس النيابي)»، موضحا: «هناك قانون تسوية تقدم به (الحزب التقدمي الاشتراكي) و(تيار المستقبل) و(القوات اللبنانية)، وهو قانون ميثاقي وقد تقدمنا به لأنه في الأساس نريد تداولا للسلطة».

ورأى الحجار أن «الفريق الآخر استخدم سياسة التمييع بهدف عدم الوصول إلى قانون انتخابي جديد»، مشيرا إلى أنه «بالنسبة إلينا نحن نبدي مرونة ونقدم اقتراحات قوانين ونريد الانتخابات».

كذلك، اعتبر منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل أنه «لم يتم التوصل إلى اتفاق لأن هناك معركة إقليمية في المنطقة، واللبنانيون أرادوا أن يكونوا جزءا من هذه المعركة». ودعا إلى «عقد جلسة في مجلس النواب بأسرع وقت ممكن، والتصويت على القوانين المدرجة على جدول الأعمال. وعلى كل فريق أن يتحمل مسؤوليته لأن أخطر ما في هذه المرحلة هو الوصول إلى الفراغ».