تقرير مغربي يكشف تعرض الأطفال المودعين في مراكز الحماية لسوء المعاملة

17 مركزا لا يخضع للرقابة ويفتقد للمعايير الدولية

إدريس اليزمي (يسار) رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان لدى تقديمه تقريرا عن مراكز حماية الأطفال بالمغرب (تصوير: منير محيمدات)
TT

كشف تقرير أعده مجلس حقوق الإنسان المغربي، حول مراكز حماية الأطفال أن عددا كبيرا من الأطفال المودعين في هذه المراكز يتعرضون لمعاملة سيئة، نظرا لافتقاد هذه المراكز للمعايير المعتمدة في مجال الاستقبال والتكفل بالأطفال.

وتعتبر مراكز حماية الطفولة في المغرب مؤسسات تربوية واجتماعية تابعة لوزارة الشباب والرياضة، تستقبل، بناء على مقرر قضائي، الأطفال في نزاع مع القانون، وكذلك الأطفال في وضعية صعبة، وتتمثل مهامها في ضمان إعادة التربية وإدماج الأحداث المودعين بها. وعلى الرغم من توفر المغرب على تشريعات متقدمة في مجال حماية الأطفال إلا أنها لا تنفذ.

ولم يتضمن التقرير الذي تم عرض ملخص له خلال لقاء صحافي عقد أمس بمقر المجلس في الرباط، بعد زيارات ميدانية شملت 17 مركزا من أصل 20 في مختلف المدن المغربية، أي معطيات أو أرقام، إذ فضل مسؤولو المجلس أن تبقى الأرقام محفوظة في التقرير المفصل الذي سينشر في وقت لاحق على الموقع الإلكتروني للمجلس، رغم أن أسئلة الصحافيين تركزت أساسا حول غياب هذه المعطيات.

وكشف التقرير أن هذه المراكز تأوي أطفالا تختلف أعمارهم، وكذلك أوضاعهم اختلافا كبيرا، إذ يشكل اختلاط من هم في وضعية صعبة مثل الأطفال المبعدين عن وسطهم العائلي غير الملائم، والمهملين، أو الأطفال المشردين والمتسولين، مع أطفال في نزاع مع القانون أي المحكومين أو في طور المحاكمة، الأمر الذي يشكل عائقا أمام توفير التكفل الملائم لكل فئة، ويطرح تساؤلات حول سلامة الأطفال دون سن 12 عاما، وكذلك الأطفال المعاقين. كما لاحظ التقرير وجود تفاوت كبير بين هذه المراكز، فبعضها يوجد به عدد قليل من الأطفال، وأخرى تعاني من الاكتظاظ خصوصا تلك التي تأوي فتيات.

كما كشف التقرير الذي حمل عنوان «الأطفال في مراكز الحماية: طفولة في خطر.. من أجل سياسة مندمجة لحماية الطفل»، أن هذه المراكز لا تخضع لرقابة منتظمة من قبل الإدارة الوصية، كما أن حقوق الأطفال المودعين ليست مضمونة بشكل كامل وخصوصا الحق في الصحة والسلامة البدنية والحماية من كل أشكال العنف والاستغلال، وكذا الحق في إعادة تربية مناسبة، وحق الأطفال في الإنصات إليهم وحمايتهم ومساعدتهم قانونيا، وحقهم في الاتصال بعائلاتهم.

وسجل التقرير أن عددا كبيرا من الأطفال المودعين في تلك المراكز يتعرضون للعقوبات البدنية والشتم والإهانة، وعدم احترام حقهم في اللجوء إلى آليات للتظلم.

كما أن محاولات وعمليات فرار الأطفال من هذه المراكز ناتجة عن معاناتهم، وطريقة التكفل غير الملائمة بهم، وخصوصا الأطفال من ذوي الاضطرابات السلوكية والمدمنين الذين يتعين استفادتهم من تكفل نوعي خارج المراكز.

وكشف التقرير أن أهم أسباب إيداع الأطفال في مراكز الحماية هي تفكك الأسرة، والإدمان على المخدرات، وجنوح الأحداث، والفقر، كما أنه لا وجود في المقابل لبدائل وتدابير بديلة لإيداع الأطفال في هذه المراكز مثل صعوبة الحصول على الكفالة.

وفي هذا السياق، قال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنه من المقرر عقد ندوة حول موضوع كفالة الأطفال بمشاركة وزارة العدل والجمعيات العاملة في المجال، وكذا العائلات التي ترغب في تبني الأطفال، وذلك من أجل تقريب وجهات النظر، وإيجاد الحلول الممكنة للمشكلات التي يطرحها التكفل بالأطفال من قبل العائلات الأجنبية، من دون المس بالثوابت، مشيرا إلى أن المجلس يتلقى اتصالات عدة من عائلات إسبانية وفرنسية وإيطالية وأميركية ترغب في تبني أطفال مغاربة.

وأصدر المجلس جملة من التوصيات للنهوض بهذه المراكز تتعلق بالسياسات الحكومية، وتطبيق القوانين، وبنيات استقبال الأطفال، والتكوين وتقوية القدرات وأعمال آليات للتظلم لفائدة الأطفال.

يذكر أن هذا التقرير هو الثالث من نوعه الذي يصدره المجلس بعد تقريره الأول حول مستشفيات الأمراض العقلية، والتقرير الثاني حول أوضاع المؤسسات السجنية.