حزب الله يرسل تعزيزات إلى القصير والمعارضة تنفي دخول النظام إليها

القذائف تبلغ شمال لبنان.. وسليمان يدعو لعدم الانجرار للقتال بسوريا

TT

في موازاة تواصل الاشتباكات في مدينة القصير، وسط البلاد والمحاذية للحدود اللبنانية، بين الجيشين النظامي والحرّ، ارتفع منسوب التوتر على الجانب اللبناني، في ظل دفع حزب الله لمزيد من التعزيزات نحو الشمال وسقوط قذائف سورية على قرى البقاع، الأمر الذي دفع الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى التشديد على «أهمية عدم الانجرار للقتال في سوريا».

وأدان سليمان القصف الذي طاول منطقة عكار، وأوقع عددا من الجرحى. وشدد خلال استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على أهمية «عدم انجرار الأفرقاء اللبنانيين إلى القتال الدائر في سوريا، انسجاما مع ما نص عليه إعلان بعبدا لجهة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وذلك حرصا على إبقاء الساحة الداخلية مستقرة سياسيا وأمنيا، خصوصا أن أمام اللبنانيين استحقاقات أساسية سياسية وديمقراطية واجتماعية تفرض أن تكون محط اهتمامهم مسؤولين وقيادات قبل أي أمر آخر».

وشهد الوضع الأمني على الحدود الشمالية للبنان مزيدا من التدهور أمس إثر «اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر في منطقة حدودية متداخلة، أسفرت عن مقتل 3 عناصر من المعارضة السورية، دُفنوا في لبنان»، بحسب مصادر ميدانية.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات «اندلعت صباحا قبالة الحدود اللبنانية، لكن الجيش السوري واصل قصفه للأراضي اللبنانية صباحا وبعد الظهر، مما أسفر عن جرح 8 لبنانيين، وأدى لموجة نزوح كبيرة من المنطقة».

وتضاربت الأنباء بشأن عدد الإصابات اللبنانية؛ إذ أفادت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بسقوط قتيلين و6 جرحى جراء سقوط قذائف من الجانب السوري في مناطق عدة في عكار، لكن الوكالة الوطنية للإعلام، أكدت أن الإصابات بصفوف اللبنانيين اقتصرت على 8 جرحى، أصيبوا جراء سقوط قذائف على بلدات الخوالصة والنصوب في منطقة جبل اكروم ومنطقة وادي خالد، مصدرها الجانب السوري. وقد نقلوا إلى المراكز الصحية للمعالجة.

وتزامن استهداف الأراضي اللبنانية مع استمرار المعارك في مدينة القصير بريف حمص، التي تبعد 15 كيلومترا عن الحدود اللبنانية، إذ تحاول قوات المعارضة صد هجوم يشنه حزب الله إلى جانب القوات النظامية، التي تقصف المدينة بشكل عنيف بالطيران الحربي والمدفعية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من حزب الله قوله إن الحزب «أرسل تعزيزات جديدة من عناصر النخبة إلى القصير»، مشيرا إلى أنه «اعتقل أيضا عددا من مقاتلي المعارضة بينهم أجانب».

وبينما يتحدث ناشطون عن «أعداد ضخمة» لمقاتلي حزب الله في سوريا، أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى أنه «من الواضح أن حزب الله هو الذي يقود الهجوم على القصير». وإذ أشار إلى أن «الطائرات الحربية النظامية نفذت غارات على مناطق في مدينة القصير، وسط قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة»، قال عبد الرحمن إن «مقاتلي المعارضة يبدون مقاومة شرسة، ويرفضون ترك المدنيين» الذين يقارب عددهم 25 ألف شخص.

وأضاف: «لكن حزب الله والقوات النظامية يشنون هجوما قاسيا» على المدينة الاستراتيجية التي تشكل حلقة وصل أساسية بين دمشق والساحل السوري، وخط إمداد رئيسا لقربها من الحدود اللبنانية.

بدورها، أوضحت شبكة «شام» الإخبارية أن قصف الطيران الحربي على مدينة القصير تزامن مع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة على المدينة، وأكدت أن الاشتباكات مستمرة في محيط المدينة وبساتينها، بين المعارضة وقوات النظام المدعومة «بأعداد ضخمة» من قوات حزب الله.

ووسط تأكيد وسائل الإعلام الرسمية السورية أن الجيش النظامي سيطر على المباني الحكومية داخل مدينة القصير، نفى قائد تجمع «صقور الفتح» المعارض في القصير الرائد عبد الحليم غنوم، أي سيطرة للقوات النظامية على مدينة القصير.

وقال غنوم الذي يشغل أيضا منصب عضو القيادة العسكرية العليا في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش السوري لم يستطع أن يتقدم بتاتا داخل المدينة»، لافتا إلى أن القوات النظامية «حاولت الدخول من عدة محاور مدعومة بقوات النخبة بحزب الله، لكن مقاتلي الجيش الحر تصدوا لها، وأوقعوا في صفوفها خسائر بشرية كبيرة، اعترف بها حزب الله والنظام السوري». وأكد غنوم أن المباني الحكومية التي صورها التلفزيون السوري في القصير «لم تسيطر عليها المعارضة من قبل، وبالتالي لم يعِد النظام سيطرته عليها»، موضحا أنها «تقع ضمن مربع أمني يقع على الطرف الشرقي من المدينة، يضم المخبز الآلي، ومفرزة الأمن العسكري، والمركز الثقافي، إضافة إلى مدرستين، وبقي النظام يحتفظ بسيطرته على هذا المربع».

وأشار غنوم إلى أن الاشتباكات «تقع على كل الجبهات المحيطة بمدينة القصير، لكنها لم تنتقل إلى الداخل»، لافتا إلى أن الجبهة الأكثر احتداما «هي الجبهة الغربية التي يتمركز فيها مقاتلو حزب الله، إضافة إلى الجانب الشرقي من المدينة التي دخلت عناصر الحزب إليها من قرية ربلة». وشدد على أن قوات المعارضة «تنفذ الخطط العسكرية للدفاع عن المدينة، وتقاتل بشراسة منعا لسقوطها بيد القوات النظامية، نظرا لموقعها الاستراتيجي».

وفي سياق آخر، قالت بريطانيا أمس إنها طلبت من الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لجماعة حزب الله اللبناني على قائمته الخاصة بالمنظمات الإرهابية.