مشروع نظام خليجي يحظر على القضاة العمل في السياسة أو التجارة

«الشرق الأوسط» تنشر أهم بنود النظام الموحد للسلطة القضائية في دول مجلس التعاون

المحكمة العامة في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

لم يحدد مشروع النظام الموحد للسلطة القضائية في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تدرسه جهات رسمية سعودية تمهيدا للمصادقة عليه، جنس من يتولى القضاء سواء أكان ذكرا أم أنثى، بل اكتفى باشتراط أن يكون القاضي مسلما كامل الأهلية ولائقا صحيا من دول مجلس التعاون.

كما أتاح «مشروع النظام» (حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه) للحاصلين على شهادات في مجال الحقوق تولي القضاء وعدم الاقتصار على خريجي أقسام الشريعة الإسلامية، وحظر على القضاة إبداء الآراء السياسية أو الاشتغال بالعمل السياسي، أو الترشح لانتخابات المجالس التشريعية أو البلدية خلال عملهم في القضاء.

ومن المعلوم أن نساء يعملن قاضيات في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي مثل الإمارات والبحرين، إذ جرى للمرة الأولى عام 2008 تعيين الإماراتية خلود الظاهري في وظيفة قاض ابتدائي على الفئة الثالثة بدائرة القضاء في أبوظبي، وذلك بعد نحو عامين من تعيين البحرينية منى الكواري قاضية في المحكمة المدنية الكبرى في البحرين، وتعتبر بذلك أول خليجية تصل إلى منصب قاض.

واستبعد المحامي عبد الرحمن المهلكي التزام السعودية بمشروع النظام وفق الصيغة المقترحة. وقال المهلكي لـ«الشرق الأوسط»: «لن تقرها السعودية سوى عقب إجراء إضافات».

واعتبر أن الأصل هو النظام السعودي الذي يشترط عدم مخالفته للشريعة الإسلامية، مؤكدا أن السعودية لن تعتمدها سوى عقب إضافة شرط الذكورة على من يتولى القضاء.

وأثنى في الوقت ذاته على اعتماد الدول الخليجية لنظام قضائي موحد، الأمر الذي سيسهم في تعزيز التبادلات التجارية والاستثمارية والقضاء على تباين الإجراءات القضائية بين دول المجلس.

وفيما يتعلق بالسماح للقانونيين على غرار خريجي الشريعة الإسلامية بتولي القضاء، ذكر المهلكي أن دراسات تجري حاليا في السعودية لمشاركة القانونيين في السلك القضائي، وإن كان بدوائر قضائية محددة كالتجارية والإدارية، مضيفا أن تعيين قضاة من خارج دارسي الشريعة مسألة وقت فقط.

وأوجب مشروع النظام الموحد للسلطة القضائية في دول مجلس التعاون الخليجي، على القضاة المحافظة داخل العمل وخارجه على صفة الوقار والكرامة، والالتزام بصون سمعتهم وسيرتهم، وتوقي كل ما يلمس أمانتهم أو يشكك في نزاهتهم وعدالتهم، كما لا يجوز للقضاة مزاولة الأعمال التجارية أو أي عمل لا يتفق مع استقلال القضاء وكرامته سواء أكان بأجر أو دون أجر، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء أن يقرر منع القاضي من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع طبيعة وواجبات الوظيفة وحسن أدائها.

ويجوز مساءلة القاضي بحسب المادة 48 في الفصل الحادي عشر في 3 حالات، وهي إذا أخلّ بواجبات وظيفته أو خرج على مقتضياتها، أو إذا وقع منه ما يحط من شرف القضاء أو هيبته، أو إذا وضع نفسه موضع الشبهات والريبة، وتكون مساءلته من اختصاص مجلس يشكل بقرار من المجلس الأعلى للقضاء.

ولا يجوز إقامة الدعوة التأديبية إلا بإذن من رئيس المجلس الأعلى للقضاء وبعد تحقيق إداري يتولاه أحد أعضاء المحكمة العليا أو أحد أعضاء إدارة التفتيش يندبه رئيس المجلس أو من ينوب عنه، وفي جميع الأحوال يتولى الادعاء أمام مجلس التأديب رئيس إدارة التفتيش القضائي أو من يندبه.

ووفقا لمشروع النظام الموحد للسلطة القضائية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن ترتيب المحاكم وتنظيمها يأتي كالتالي: المحكمة العليا (التمييز)، ومحاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية.

وتكون جلسات مجلس التأديب سرية، وكذلك النطق بالحكم، ويحكم في الدعوى التأديبية بعد سماع طلبات الادعاء ودفاع القاضي الذي قد ينيب أحد رجال القضاء في الدفاع عنه، وللقاضي الطعن في الحكم الصادر بحقه أمام المجلس الأعلى للقضاء خلال 15 يوما ويكون قرار المجلس في الطعن نهائيا.

وحدد «المشروع» العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على القاضي بالتنبيه أو اللوم أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية أو العزل.

وفيما يتعلق بحصانة القضاة، فإنه لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة القبض على القاضي أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ضده، إلا بعد الحصول على إذن بذلك من المجلس الأعلى للقضاء، على أن تتم جميع إجراءات التحقيق في المجلس أو بإشرافه وفي جميع الأحوال يختص المجلس الأعلى للقضاء بالنظر في حبس القاضي احتياطيا وتجديد حبسه.

وبحسب المادة 61 من مشروع النظام فإنه لا يجوز إيقاف أو حبس القضاة وتنفيذ العقوبات السالبة للحرية الصادرة ضدهم في الأماكن المخصصة للسجناء الآخرين.

وتؤلف المحكمة العليا من رئيس وعدد كافٍ من النواب والقضاة، ويكون في المحكمة العليا دوائر لنظر الطعون في الأحكام، ويصدر بإنشاء الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء، وتصدر الأحكام من 5 أعضاء.

ونصت المادة السابعة من مشروع النظام على عرض مسائل تنازع الاختصاص إلى المحكمة العليا لتحال الدعوى إلى هيئة تشكل من 11 عضوا، على أن يكون من بينهم رؤساء الدوائر في المحكمة للفصل فيها في حال العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة العليا أو من الدوائر الأخرى.

وفي حال كانت مسألة تنازع الاختصاص نشأت بين جهتين قضائيتين فيشكل لها في المحكمة العليا (التمييز) هيئة تشكل من رئيس المحكمة العليا واثنين من أعضائها واثنين من الجهة القضائية الأخرى.

ويكون للمحكمة العليا مكتب فني يؤلف من رئيس وعدد كاف من القضاة يصدر بندبهم قرار من المجلس الأعلى للقضاء بناء على ترشيح رئيس المحكمة، ويختص المكتب الفني باستخلاص المبادئ الشرعية أو النظامية التي تقررها المحكمة فيما تصدره من أحكام، وتبويبها ومتابعة نشرها بعد عرضها على رئيس الدائرة التي أصدرتها، إضافة إلى إصدار مجموعات الأحكام وإعداد البحوث الفنية، والإشراف على جداول المحكمة وعرض الطعون المتماثلة أو المرتبطة أو التي يحتاج الفصل فيها إلى تقرير مبدأ شرعي أو نظامي واحد على رئيس المحكمة.

وتكون في محكمة الاستئناف المؤلفة من رئيس وعدد كافٍ من الرؤساء والنواب والقضاة، دوائر لنظر الطعون الاستئنافية في قضايا الحدود والقصاص والمواد الجزائية والمدنية والمواد التجارية والأحوال الشخصية والتركات والمنازعات الإدارية وغيرها، ويصدر بإنشاء الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء، وتصدر الأحكام من 3 أعضاء.

وأقر الفصل الثالث المتعلق بالجلسات والأحكام في مادته 12 بعلنية جلسات المحاكم إلا إذا نص النظام أو ارتأت المحكمة من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم، جعلها سرية محافظة على النظام العام ومراعاة للآداب العامة أو لحرمة الأسرة، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالأحكام في جلسة علنية.

وتكون اللغة العربية هي لغة المحاكم ويجوز للمحكمة عند الاقتضاء أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية بواسطة مترجم أو أكثر بعد حلف اليمين بأن يقوم بالترجمة بالأمانة والصدق، وإذا كان موظفا في المحاكم فيكتفي بتحليفه اليمين مرة واحدة عند بدء تعيينه.

وحدد مشروع النظام القضائي الموحد اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء، الذي يعمل على تحقيق استقلال القضاء بوضع اللوائح المتعلقة بالشؤون الوظيفية للقضاة، وإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالقضاء واقتراح الأنظمة الخاصة بتطوير النظام القضائي وتعيين القضاة وترقيتهم ونقلهم وندبهم وتأديبهم وإحالتهم إلى التقاعد، وإنشاء المحاكم والدوائر وتحديد اختصاصاتها والنظر في التظلمات المتعلقة بشؤون القضاة ويكون قرار المجلس بشأنها نهائيا، إضافة إلى إصدار قواعد تبين طريقة اختيار القضاة وإجراءات وضوابط تفريغهم للدراسة.

واشترط الفصل السادس من «مشروع النظام» فيمن يتولى القضاء أن يكون مسلما كامل الأهلية ولائقا صحيا، وأن يكون من مواطني دول مجلس التعاون، فإن لم يوجد فمن مواطني الدول العربية، وأن يكون حاصلا على إجازة في الشريعة الإسلامية أو الحقوق من إحدى الجامعات المعترف بها أو ما يعادلها، وأن لا يكون أدين بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة وإن رد له اعتباره، وأن لا يقل عمره عن 25 سنة إذا كان التعيين في المحكمة الابتدائية، وعن 38 سنة إذا كان التعيين في محكمة الاستئناف، واشترط مشروع النظام فيمن يعين قاضيا بالمحكمة العليا أن يكون قضى في وظيفة رئيس في محكمة الاستئناف 5 سنوات على الأقل، ويشترط فيمن يعين نائب رئيس بالمحكمة العليا أن يكون قضى في وظيفة قاض بالمحكمة العليا 5 سنوات على الأقل.

وتكون ترقية القضاة على أساس الأقدمية في الدرجة ثم في الخدمة القضائية ثم الأكفأ ثم الأسن، ويشترط في الترقية إلى الوظيفة الأعلى أن يكون تقدير الكفاية الأخير للمرشح للترقية بدرجة فوق المتوسط على الأقل، وتحديد الكفاية بناء على تقارير التفتيش القضائي على أعمال القضاة.

وأجاز مشروع النظام التعيين من خارج السلك القضائي في وظائف القضاة عددا من الفئات منهم قضاة المحاكم السابقون، وأعضاء النيابة العامة (هيئة التحقيق والادعاء العام)، والمشتغلون بعمل شرعي أو قانوني نظير للعمل القضائي في الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى والهيئات والمؤسسات العامة، والمحامون، وأعضاء هيئات تدريس الشريعة أو القانون في الجامعات المعترف بها.

ولا يجوز للقاضي بغير موافقة المجلس الأعلى للقضاء أن يكون محكما بأجر أو بغير أجر في نزاع مطروح أو غير مطروح على القضاء، ويجوز بعد موافقة المجلس ندب القاضي ليكون محكما عن الحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة أو إذا كان أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة.

ويجوز بموافقة المجلس الأعلى للقضاء إعارة القاضي بعد موافقته إلى الحكومات الأجنبية أو الهيئات الدولية ويصدر بالإعارة مرسوم ولا تزيد مدة الإعارة عن 4 سنوات متصلة.

وحددت المادة 64 سن التقاعد للقضاة بـ70 سنة، وإذا قدم القاضي طلب التقاعد عند بلوغه سن 60 سنة، فيكون الطلب مقبولا بعد شهر من تاريخ تقديمه للمجلس، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء مد خدمة القاضي إلى ما بعد بلوغه سن التقاعد لمدة لا يتجاوز مجموعها 5 سنوات على أن يتم التجديد سنويا.

ويأتي «مشروع النظام» تحقيقا لأحد أهداف النظام الأساسي لمجلس التعاون المتمثل في وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، إذ عملت دول مجلس التعاون على التقريب بين أنظمتها وقوانينها في مختلف المجالات وصولا إلى توحيدها، وعلى تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية، وإعداد مشاريع الأنظمة (القوانين) الموحدة، وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها، ودرجاتها، وإجراءاتها.

ومنذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، نجحت دول الخليج في وضع اتفاقيات لتوحيد أنظمتها القانونية والقضائية، ومنها اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لدول مجلس التعاون، ووثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون، ووثيقة الدوحة للنظام (القانون) الجزائي الموحد لدول مجلس التعاون، ووثيقة الرياض للنظام (القانون) الموحد للإجراءات الجزائية لدول مجلس التعاون، ووثيقة أبو ظبي للنظام (القانون) الموحد للأحداث لدول مجلس التعاون، ووثيقة المنامة للنظام (القانون) الموحد للمحاماة لدول مجلس التعاون، ووثيقة المنامة للنظام (القانون) الموحد للإجراءات المدنية (المرافعات) لدول مجلس التعاون، ووثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للإثبات لدول مجلس التعاون، ووثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للتسجيل العقاري العيني لدول مجلس التعاون، ووثيقة الدوحة للنظام (القانون) الموحد لأعمال كتاب العدل لدول مجلس التعاون، ووثيقة أبوظبي للنظام (القانون) الموحد للتوفيق والمصالحة لدول مجلس التعاون، ووثيقة الكويت للنظام (القانون) الموحد لرعاية أموال القاصرين ومن في حكمهم، ووثيقة أبوظبي للنظام (القانون) الموحد لمكافحة الاتجار بالأشخاص لدول مجلس التعاون، والنموذج الاسترشادي لاتفاقيات التعاون القانوني والقضائي لدول مجلس التعاون، ووثيقة الكويت للنظام (القانون) الموحد للتعاون القانوني والقضائي الدولي في المسائل الجزائية لدول مجلس التعاون، ووثيقة الكويت للنظام (القانون) الموحد للتفتيش القضائي لدول مجلس التعاون، ووثيقة الكويت للنظام (القانون) الموحد لأعمال الخبرة أمام القضاء لدول مجلس التعاون، ووثيقة الكويت للنظام (القانون) الموحد لتنفيذ الأحكام القضائية لدول مجلس التعاون.