مجلس الوزراء اللبناني يقرر إجراء الانتخابات في 16 يونيو وفق قانون الستين

ميقاتي: هناك سعي للتمديد لكن الحكومة مصرة على إجرائها

TT

أقرت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في اجتماع عقدته أمس برئاسة الرئيس اللبناني ميشال سليمان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في 16 يونيو (حزيران)، على أساس القانون النافذ الذي تمت الانتخابات الأخيرة بموجبه، أي قانون الستين الأكثري، لتضع الفرقاء السياسيين أمام مسؤولياتهم.

ووافق مجلس الوزراء على تعيين أعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات، التي ينص عليها قانون الستين الأكثري، وتضم كل من سليم الأسطا وخلدون نجا وعثمان مجذوب وعطاالله غشام وغادة حلاوي وخليل الهندي وسيمون حداد، على أن يرأسها نديم عبد الملك. كما أقرت الحكومة سلفة خزينة مخصصة للنفقات الانتخابية بلغت 22 مليار ليرة (أكثر من 14 مليون دولار).

ونقل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق عن الرئيس سليمان قوله خلال الجلسة إن «المطلوب من الجميع بذل الجهود، ولا أحد إلا ويستطيع التأثير في محيطه لأبعاد الفتنة».

وقرار الحكومة اللبنانية إجرائي لا يمنع القوى اللبنانية في مجلس النواب من التوافق على تأجيل موعد الانتخابات أو التمديد «التقني» لمجلس النواب.

وتعود تسمية قانون الستين الأكثري، وهو القانون الذي اعتمد في الانتخابات الأخيرة بعد إدخال تعديلات عليه في اتفاق الدوحة عام 2008، إلى تاريخ وضعه عام 1960، حيث رفع عدد النواب من 66 إلى 99 نائبا. ويقسّم قانون الستين لبنان إلى دوائر انتخابية على أساس القضاء لا المحافظة، باستثناء حالات عدة دُمِج فيها قضاءان معا.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في تصريح، بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء إنه «منذ شهرين كان رئيس الجمهورية مصرا على إقرار كل الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات، والفريق الذي كان رافضا وافق اليوم (أمس)، فرئيس الجمهورية كان محقا بمطالبته منذ شهرين بتعيين هيئة الإشراف على الانتخابات».

وأشار إلى «إننا استكملنا المواضيع القانونية اللازمة لإجراء الانتخابات وفق القانون الساري، ونتمنى لو أن القانون مختلف وأكثر عدالة، لكن الواقع يملي علينا أن نقوم بكل الواجبات لالتزام القانون الساري». وتابع: «سنسير بقانون الستين وهيئة الإشراف، ولكن بصراحة هناك سعي للتمديد بسبب ظروف استثنائية، ولكن هذا الأمر في مجلس النواب، والحكومة مصرة على إجراء الانتخابات».

وشدد ميقاتي على أن «الوضع السياسي يقتضي تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن»، وقال: «أهم شيء أن ترمم سياسة النأي بالنفس التي أوجدتها حكومتنا، ونحن حافظنا على سياسة النأي بالنفس والسلم الأهلي، وهذا كان هدفنا الأساسي». وحول إجراء الانتخابات في طرابلس قال: «إذا لم تجر الانتخابات في طرابلس، وكانت هناك أسباب موجبة، يمكن تأجيلها لأسبوعين أو 3 أسابيع، ونحن كحكومة نقوم بواجباتنا بكل جدية ووضوح».

وكان الرئيس اللبناني قد أعلن على لسان مصادره قبل اجتماع الحكومة اللبنانية عن توجهه «للطعن بكل تمديد للمجلس النيابي إلا إذا كان تقنيا».

وشهدت وزارة الداخلية والبلديات إقبالا أمس على تقديم طلبات الترشيح للانتخابات النيابية المقبلة، على الرغم من الاعتراضات القائمة من كتل عدة، خصوصا المسيحية، على قانون الستين، باعتبار أنه لا يضمن التمثيل المسيحي الصحيح ولا يمكن المسيحيين من إيصال كامل نوابهم بأصواتهم، حيث إن الغالبية غير المسيحية تساهم في دوائر عدة بإيصال النواب المسيحيين.

وفي موازاة تقديم معظم الكتل النيابية ترشيحاتها وفق قانون الستين، فوض حزب الكتائب رئيس الحزب أمين الجميل، الرئيس اللبناني السابق، اتخاذ القرار المناسب بما فيه الإجازة بتقديم الترشيحات التي تولت ندوة المحامين التدقيق بقانونيتها. وتوجه إلى كل الحلفاء وإلى كل الفرقاء السياسيين الحريصين على الشراكة الوطنية أن يمتنعوا عن خوض الانتخابات النيابية على أساس قانون الـ60 الذي سبق لهم أن رفضوه خاصة أن خوض الانتخابات على هذا القانون هو الموقف غير الميثاقي.

وأشار إلى أن «مثل هذا الموقف الرافض من شأنه أن يخلق زخما جديدا لوضع قانون انتخابات عادل ولو أدى ذلك إلى تأخير الانتخابات مدة قصيرة».

واختصر رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد المشهد اللبناني والسجال القائم حول إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الستين أم التمديد لولاية المجلس النيابي بالقول إنه «علينا أن نختار اليوم بين السيئ والأسوأ، أي قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي».

وفي الإطار عينه، قال النائب عن كتلة القوات إيلي كيروز إنه «إذا ما انطلقت ديناميّة التمديد فلا يمكن أن يعرف أحد إلى أين من الممكن أن تصل». وقال إن حزبه «ضد التمديد ومع عقد جلسة في الهيئة العامة من أجل التصويت على قانون جديد للانتخابات». ودعا عون إلى «عدم السير بـ(قانون الستين) للانتخابات النيابيّة»، مذكرا بوصفه إياه بأنّه «أظلم قانون عرفه التاريخ».

في موازاة ذلك، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن «سبب إعاقة الاتفاق على قانون انتخابي وتأخر تشكيل الحكومة هو أن هناك في الداخل اللبناني من لا يزال يراهن على إسقاط النظام في سوريا وتغيير المعادلات لأنهم يتحينون الفرصة للانقضاض على معادلة المقاومة». وتابع: «هم يدركون تماما أن اللوائح الانتخابية لحزب الله وحركة أمل تفوز بأي قانون انتخابي إن كان على أساس الستين أو الأرثوذكسي أو المختلط»، موضحا «إننا من موقع الحرص على الوطن والشراكة الفعلية نصر على قانون انتخابي جديد لأننا لسنا طلاب تأخير أو تأجيل لأجل مكاسب حزبية أو مذهبية أو مناطقية بل نتعاطى مع الأمر على أن فيه مصير الوطن».

واعتبر النائب آلان عون أن «تعطيل المؤسسات وتمديد الأمر الواقع يعني تكريس عملية انهيار البلد وإعطاء إشارات لمزيد من التأزم، ونحن مع الإبقاء بحد أدنى على الاستقرار والحياة السياسية الطبيعية». وسأل، في حديث تلفزيوني: «كيف نمدد لأنفسنا سنتين من دون الحصول على تفويض منه وبالتالي مصادرة رأيه؟ ولماذا نعلّق الانتخابات بحسابات ليس لها صلة بلبنان؟».

وأشار إلى أن فريقه كان «الأحرص على تطيير قانون الستين ووحدنا قدمنا البدائل عن إجراء الانتخابات وفقا لهذا القانون». وقال: «لنذهب إلى الهيئة العامة لمجلس النواب من أجل التصويت على القوانين الانتخابية المطروحة لأن ذلك يخدم الديمقراطية وهو المخرج الوحيد، وسنمضي بالاقتراح الذي سيحصل على أعلى نسبة تصويت، حتى لو كنّا ضده لأن إجراء الانتخابات أهم من عدم إجرائها».

ورأى عضو جبهة «النضال الوطني» النائب أكرم شهيب أن «الحديث عن التمديد لمجلس النواب لسنة ونصف يأتي بعد الواقع المعاش والمحاولات الدؤوبة للوصول إلى مشروع توافقي بعد رفض (الأرثوذكسي) ورفض (الستين) وعدم التوصل إلى شيء». واعتبر في حديث إذاعي أن «المشكلة تكمن في أن الكل ذاهب إلى التمديد ولا أحد مقتنع لا بالقانون ولا بالوقت ولا بالحيثيات، والجميع ترشّح على أساس قانون الستين، لكن لا يلغى القانون إلا بقانون».

ودخل كل من المطارنة الموارنة ومفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني على خط الرافضين لتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي. وفي هذا السياق، شدد مجلس المطارنة الموارنة، عقب اجتماعه الشهري برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، على «ضرورة التوصل لقانون انتخاب يكون على قياس الوطن وليس على قياس الكتل من خلال تأمين التمثيل الصحيح لكل مكوناته وتطبيق الدستور وتأمين المناصفة وإجراء الانتخابات في مواعيدها وعدم إقرار أي تمديد للمجلس النيابي»، مطالبين المسؤولين بتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن من أجل الحفاظ على استقرار وسيادة لبنان.

من ناحيته، شدد المفتي قباني على أنه «لا يجوز التمديد للمجلس النيابي الحالي، لمجرد أن الفرقاء لم يتوصلوا إلى اتفاق حول تقاسمهم للمقاعد البرلمانية في المرحلة المقبلة، كما لا يجوز التمديد للمجلس لسنة واحدة أو أكثر»، معتبرا أنه «إذا حصل هذا، فسيفرض على اللبنانيين أن يستمروا في العيش تحت كاهل وواقع التأزم الموجود، ويعطي الأزمة السياسية في لبنان فرصة واعدة لتشتد الأزمة تأزما عليهم، مما يضيق الخناق حول رقبة المواطن اللبناني، ويعرض أمنه لمزيد من التردي».