معرض جماعي في مراكش للتوعية بدور التربية في المحافظة على البيئة

أرض تتآكل وخضرة أقل.. ووجه إنسان بلا ملامح

من أعمال حسين آيت
TT

أكدت فعاليات المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية، الذي تحتضنه حاليا مدينة مراكش المغربية، وتختتم فعالياته اليوم الجمعة، أن للتربية دورا فاعلا ومؤثرا في تطور البشرية، بل ذهبت بعض الآراء إلى القول إن تحقيق الأهداف المرجوة، من مؤتمر يربط التربية بالبيئة، يتطلب التوفر على ثلاثة أركان متكاملة، هي التربية والثقافة والقانون.

ويبقى الفن التشكيلي من العناصر التي تشتغل على ركنين من بين الأركان الثلاثة، إذ تحضر فيه التربية والثقافة، بشكل يجعل منه وسيلة مثلى للتنبيه والتحسيس بالمخاطر التي تتهدد البيئة والعالم.

منظمو المؤتمر، الذي يتناول «التربية البيئية والرهانات من أجل انسجام أفضل بين المدن والقرى»، لم يكتفوا ببرمجة 11 موضوعا متخصصا للنقاش والدرس، تناولت في بعضها «الحوار بين الثقافات»، و«التربية الخضراء»، و«الدوافع الخلاقة: الفنون والخيال والفهم العاطفي»، بل برمجوا عددا من الأنشطة المرافقة والموازية، إشراكا لأكبر قدر من المعنيين بأمر التربية البيئية وإلماما بالموضوع من مختلف جوانبه وتقاطعاته.

وشكل المعرض الجماعي التشكيلي المنظم في إطار البرنامج العام للمؤتمر، الذي تناول تيمة التربية على البيئة، وعرف مشاركة مجموعة من الفنانين المغاربة: هم فوزي البصري وعبد العزيز عباسي والحسين آيت أومغار ورشيد أرجدال وإبراهيم أشيبان ورشيد بكار وعبد الرزاق عبدلي، أحد أبرز اللحظات التربوية والثقافية في المؤتمر، التي أكدت الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه الفن، والثقافة بشكل عام، في مجال التربية على البيئة، والتحسيس بالمخاطر التي تتهددها.

وقال البصري، رئيس جمعية «أطياف» للفن التشكيلي لـ«الشرق الأوسط»، إن الجمعية سعت، من خلال مشاركتها، إلى تسليط الضوء على نقطتين أساسيتين، الأولى، كون التشكيليين المشاركين في المعرض هم أساتذة لمادة التربية التشكيلية فهذا يشكل تمثيلا رمزيا لهذه الفئة من المربين الذين لا تخفى عطاءاتهم وقدرتهم على إشاعة مفاهيم الثقافة الجمالية والبيئية ضمن المنظومة التربوية الكونية؛ والثانية، كون المشاركين، هم قبل كل شيء، فنانين تشكيليين، الشيء الذي يتيح لهم الفرصة للتعبير عن مدى تفاعل الفنان مع موضوع البيئة وانخراطه في كل جهد يمكن الأجيال المقبلة من أن تنعم بحياة سليمة ضمن بيئة مستدامة ومفعمة بالجمال والنقاء.

ورأى البصري أن العالم يمر بلحظة أزمة بيئية، صار الكل مطالبا بالانخراط فيها، مبرزا أن مشاركته وطبيعة أعماله تبقى تعبيرا عن لحظة تأثر الكوكب بالفعل السلبي للإنسان الذاهب إلى تخريب مجاله.

وعن أسلوبه، قال إنه غير مغرق في التجريد، وليس تشخيصيا بشكل مباشر، حيث نكون مع الأزرق وهو يميل إلى السواد فيما الفوضى والفراغات والحفر تملأ الكوكب: أعمال تحيل على انفجارات بركانية أو زلازل وطوفان، تجعلنا نتخيل نهاية عالم وقيامة.

من جهته، شدد عباسي على أن على الفن أن «يخرج» لكي «يلتقي» بالناس، ولا يبقى غارقا في عالمه الخاص، بحيث يكون نافعا من جهة انخراطه في الهموم الجماعية وما يرتبط بقضايا الناس ومشكلاتهم اليومية.

وعلى الرغم من الحاجة إلى الجانب الوظيفي والعملي للممارسة الفنية، نبه عباسي إلى شرط أن يوصل الفنان خطابه بأفضل صورة ممكنة، من دون أن يغرق في التقريرية والوثوقية، وذلك حتى يحفظ لعمله قيمته الفنية ولا يرهنه بحدث محدد في الزمان.

وبدوره تحدث آيت أومغار عن توجهه الفني وطبيعة مشاركته في المعرض، من حيث توظيفه لعلب التلفيف، رغبة في تغيير النظرة القدحية التي يعطيها لمثل هذه المواد فور استهلاك محتوياتها، وبالتالي، بدل أن ترسل إلى مطارح الأزبال متحولة إلى نفايات سامة، كان قدرها، هنا، أن تتحول إلى تحف فنية تثير خيال وانتباه عشاق الفن التشكيلي، مربية فيهم حس الاهتمام بالبيئة.

وأبرز آيت أومغار أنه يشتغل وفق مقاربة توظف الجسد كوسيط قوي التعبير. ليس الجسد كما تمرره وسائط الموضة، مثلا، بل نكون مع جسد من دون وجه أو ملامح تحدد هويته، حيث يترك الإنساني مكانه لجملة من العلامات والملصقات والشارات التجارية، كما لو أننا بصدد رغبة في إخفاء قبح المجتمع الاستهلاكي. وأضاف آيت أومغار: «موضوع لوحاتي هو الجسد. الجسد هو أصل التلوث، لأنه يحتاج أن يستهلك الموارد الطبيعية بإفراط، وهو ما يؤثر على البيئة ويساهم في اندثارها، وقد اخترت توظيف علب التلفيف لأنها رمز الاستهلاك».

يدفع آيت أومغار باستعاراته إلى أقصى الحدود، وهو يحكم على أبطاله بالسجن داخل مربع لوحاته، حيث الاختناق، وحركات الأيدي تلخص الحيرة والمعنى التراجيدي للعمل الفني، فنكون مع جسد مأزوم، جراء الأسر الذي مارسته عليه رغباته الاستهلاكية.