اتهامات متبادلة بالضغط على المجلس الدستوري في قضية التمديد للبرلمان اللبناني

مرجع قانوني: تمديد البرلمان يصبح نافذا إذا لم يتخذ قرار بشأنه بعد شهر من تقديم الطعن

TT

تتجه الأنظار إلى الجلسة المقبلة للمجلس الدستوري اللبناني المقررة الثلاثاء المقبل بعد تعذر انعقاده مرتين بدعوى عدم اكتمال النصاب للنظر في طعنين مقدمين من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، بشأن تمديد ولاية المجلس النيابي 17 شهرا.

ولا يبدو أن هذه الجلسة ستختلف عن سابقاتها لناحية افتقادها النصاب، الأمر الذي يجعل قانون التمديد نافذا بدءا من 20 يونيو (حزيران) الحالي. وبعد أن اتهمت قوى سياسية لبنانية التحالف «الشيعي – الدرزي» بممارسة الضغوط على المجلس الدستوري من خلال المرجعيتين السياسيتين اللتين ينتمي إليهما الأعضاء الثلاثة الذين تغيبوا، ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط اللذان يؤيدان بدورهما قانون التمديد بذريعة الظروف الحالية التي تمنع إجراء انتخابات نيابية في لبنان، وهذا ما سبق لبري أن أعلنه بوضوح، معتبرا أن موقف الأعضاء الثلاثة في المجلس الذين تغيبوا عن الجلسة ينطلق من الحرص والتزام القانون والدستور، «درءا لوقوع الفتنة».

ورأى القانوني حسن الرفاعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن لأعضاء ينتمون إلى هيئة ذات صفة قضائية كبرى أن يتغيبوا عمدا ومن دون أي عذر عن الجلسات لتعطيل سير العدالة، لا سيما أن هؤلاء هم قضاة في الأساس، ويعلمون جيدا أن قانون العقوبات يقضي بمعاقبة كل فرد يعرقل سير القضاء والعدالة، فكيف إذا كان المعطل قاضيا؟». واعتبر الرفاعي أنه كان يجب على النيابة العامة التمييزية ووزير العدل التحرك لإنذار هؤلاء، وإذا استمروا بغيابهم هذا غير المبرر فعلى المجلس النيابي والسلطة التنفيذية القيام بتعيين بدلاء عنهم. ورأى الرفاعي أنه عندما يصل لبنان إلى هذه الدرجة من تعطيل مصالح الدولة، أي تعطيل القضاء وسلطة عليا متمثلة بالمجلس الدستوري، فهذا يعني أن الدولة مهتزة بأكملها. وعن مصير قرار الطعن إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، يقول الرفاعي: «إذا قضت المهلة المحددة بشهر واحد كحد أقصى، بعد تقديم الطعن، من دون أن ينجح المجلس الدستوري في اتخاذ قراره بشأنه، فعندها يعتبر القانون نافذا». وعلق الرفاعي على ما قاله الرئيس بري بأن غياب الأعضاء هو لدرء الفتنة، بالقول: «هذا كلام غير مسؤول، لأن العدالة هي السبب الأساسي لدرء الفتنة وتعطيل الأولى هو الذي يشرع الباب أمام الثانية».

لكن ومن جهة أخرى، اتهم النائب هاني قبيسي في كتلة الرئيس بري خصومه السياسيين بممارسة ضغوط على المجلس الدستوري للقبول بالطعن، وبالتالي إجراء الانتخابات، قائلا: «ما حصل في موضوع المجلس الدستوري يؤكد أن هناك ضغوطا على المجلس كي يقبل الطعن، وهذا أمر مخالف لكل الاعتبارات السياسية والقانونية ويشكل حالة من الضغط على المجلس النيابي وعلى قانون أصدره النواب».

وأشار إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري عمل على وأد الفتنة وتخفيف مستوى الخلاف على مستوى كل الأطراف»، وأضاف: «ما نخشى منه ليس الانتخابات النيابية إنما هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على الرئيس بري أن ينقذ لبنان لجعله يصر على أننا يجب أن نفكر مليا كيف نتجاوز هذه المرحلة».

في المقابل، أشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري، المحسوب على رئيس الجمهورية، إلى أن «غياب 3 أعضاء من المجلس الدستوري من أصل 7 يشكل غيابا بنسبة 30 في المائة، أي عدم تأمين النصاب»، معتبرا أن «ما جرى ضربة للحياة الديمقراطية والدستورية في لبنان»، موضحا أن «رئيس الجمهورية ضغط لإقرار قانون انتخابات بينما الأفرقاء السياسيون أطاحوا بكل المهل الدستورية لإقرار قانون انتخابي يحظى بإجماع ليعودوا ويحملوا في ما بعد كل التبعيات لرئيس الجمهورية».

كما حذر النائب بطرس حرب من أن ما يحصل اليوم من تعطيل لدور المجلس بسبب قرار ثلاثة من أعضائه مقاطعة الجلسات، لإفقاد النصاب القانوني لانعقاده، يشكل «الضربة القاضية لهذا المجلس وللنظام الدستوري القائم في البلاد».

وفي كتاب مفتوح وجهه إلى رئيس وأعضاء المجلس الدستوري، ذكر حرب بأن «إنشاء المجلس الدستوري يشكل أحد أهم الإنجازات الإصلاحية في نظامنا السياسي، باعتباره يفترض أن يضم العلماء والحكماء والنزهاء، بحيث يتمكن من منع الانزلاقات السياسية والقانونية المتعارضة مع أحكام الدستور، ولكي يحمي صحة العمليات الانتخابية التي تنتج السلطة في البلاد».

وأقر حرب بأن السلطة السياسية لم تنجح في وضع الآلية الجديدة لتعيين أعضاء المجلس الدستوري «لكي لا يدينوا لأي زعيم أو حزب أو مسؤول باختيارهم، ولكي يكونوا الحراس الحقيقيين للنظام وقيمه». وإذ أكد النائب حرب أنه وافق على قانون تمديد ولاية مجلس النواب لمدة سبعة عشر شهرا، تسهيلا للتوافق على كيفية مواجهة مخاطر المرحلة الدقيقة التي تجتازها المنطقة والبلاد، ومع معرفته أن اجتماع المجلس الدستوري قد يؤدي إلى إبطال القانون الذي ساهم في إقراره، لفت إلى أن «مبدأ الرقابة على دستورية القوانين، وبالتالي المحافظة على المجلس الدستوري، يتجاوز مناورة منع المجلس الدستوري من إبطال قانون ما، ولا سيما وأن مجلس النواب قادر، في حال أبطل القانون قبل انتهاء ولايته، على إقرار قانون آخر لتمديد قصير للولاية لكي تتمكن الحكومة من إجراء الانتخابات، وفي حال لم تتغير الظروف الاستثنائية، وبقي إجراء الانتخابات متعذرا، كما هي الحال الآن، يمكن للمجلس النيابي الممددة ولايته لمدة قصيرة، أن يمدد مرة أخرى الولاية بحكم الظروف الاستثنائية المستمرة».