واشنطن تخفف القيود على الصادرات من «المناطق السورية المحررة»

مستشارو الأمن القومي يقدمون توصياتهم بشأن مساعدة المعارضة للإدارة الأميركية

TT

تبحث الإدارة الأميركية خياراتها للتعامل مع الوضع السوري المتأزم وتتناقش مع عدد من الحلفاء الأوروبيين والإقليميين في الخطوات المختلفة لمساندة المعارضة السورية. وبعد استيلاء القوات السورية الحكومية على مدينة القصير الاستراتيجية (وسط) بمساندة من مقاتلي حزب الله اللبناني، وتراجع قوات المعارضة، إضافة إلى تزايد الأدلة على استخدام الأسلحة الكيماوية، عكف كبار مستشاري الأمن القومي للرئيس باراك أوباما على بحث الخطوات التي يمكن للولايات المتحدة القيام بها لمساعدة المعارضة السورية.

وقدم مستشارو الأمن القومي توصياتهم في اجتماع أول من أمس ضم إلى جانب وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل، الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة، بينما لم يشارك فيه الرئيس أوباما الذي كان يقوم برحلة إلى ولايتي ماساتشوستس وفلوريدا.

واستبعدت مصادر بالبيت الأبيض أن يصدر قرار بتسليح المعارضة خلال الأسبوع الحالي. وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الأميركية أعلنت بوضوح أنها تريد تجنب التورط عسكريا في سوريا، وأكدت أنها لن ترسل قوات عسكرية إلى سوريا. وترغب الإدارة الأميركية في أن تقوم بالتنسيق بشكل أكبر مع الحلفاء الدوليين وبحث ما يمكن للولايات المتحدة أن تقوم به في تنسيق إمداد المعارضة بالسلاح والأموال من دول أخرى، إضافة إلى بحث خيار قصف أهداف عسكرية سورية محددة.

ومن المتوقع أن يفرض ملف الأزمة السورية نفسه في قمة دول الثماني الأسبوع القادم، حيث يناقش الرئيس أوباما مع زعماء بريطانيا وفرنسا وروسيا تداعيات ونتائج قرار تسليح المعارضة السورية وسبل تقديم الدعم الدولي لهم. وتريد إدارة الرئيس أوباما دفع روسيا للضغط على الأسد لاتخاذ خطوات جادة بإرسال وفد إلى محادثات السلام في «جنيف2». وسيبحث الرئيس أوباما مع نظيره الروسي إمكانية أن يكون الوفد السوري المشارك في المحادثات على استعداد للتفاوض على ترك الأسد للسلطة. لكن هناك شكوكا كبيرة على موافقة الأسد على اتفاق سلام ينطوي على رحيله، خصوصا مع الانتصارات العسكرية التي حققتها القوات الحكومية ومقاتلو حزب الله في القصير.

وتخشى الإدارة الأميركية من عواقب كثيرة إذا قررت تسليح المعارضة السورية، ومنها زيادة اتساع إطار الصراع مع تدخل عدد من الدول العربية والأوروبية والإقليمية، بينما تتزايد مطالبة المعارضة السورية بسرعة إمدادها بأسلحة نوعية، منها مضادات صواريخ ومضادات طائرات لمواجهة التقدم المتزايد للقوات الحكومية في مقابل نقص المال والسلاح لدى المعارضة.

وأكد مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة لمساعدة المعارضة السورية لتشكيل قوة قتالية أكثر تنظيما، مشيرا إلى استمرار المشاورات عن كثب مع المجلس العسكري السوري وقيادات المعارضة، وقال: «هيئة الأركان المشتركة تواصل المشاورات مع قادة المقاتلين، وتواصل التخطيط لمجموعة من الخيارات الممكنة».

وفي خطوة لزيادة الدعم للمعارضة السورية، قررت الولايات المتحدة تخفيف القيود المفروضة على الصادرات من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية. ووقع كيري تنازلا محدودا في إطار «قانون محاسبة سوريا»، ويسمح التنازل للشركات الأميركية بالتقدم بطلبات لتصدير برمجيات وأجهزة تنقية مياه وأدوات زراعية ومواد بناء إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية. وقالت وزارة الخارجية: «أولويتنا هي مساعدة السوريين وضمان أن المواد الغذائية والإمدادات الطبية يمكن أن تصل إلى السوريين المتضررين من الصراع الدائر، وندرك أن إعادة بناء سوريا تتطلب المساعدة في الحفاظ على التراث الثقافي للبلاد، ونريد أن نضمن أن العقوبات لا تعوق هذا الجهد».

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن القرار يهدف إلى تمكين شركات عالمية من التعاون مع المعارضة السورية لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة والخاصة بإنتاج النفط وخطوط الأنابيب (حيث توجد حقول النفط في الجزء الشرقي وبالقرب من مدينة حمص) والمعدات الزراعية ومعدات توليد الطاقة وإمدادات المياه والصرف الصحي.

وأضاف المسؤول الأميركي أن تخفيف القيود لا يسري على تصدير الأسلحة لسوريا. وفي الوقت نفسه أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية بيانا دعا فيه الشركات الأميركية بالتقدم للحصول على تراخيص للقيام بأعمال تجارية في المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة، مشيرا إلى أن القيام بأعمال تجارية سيعود بالنفع على المعارضة السورية.

في غضون ذلك، لمح وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ خلال اجتماعه مع نظيره الأميركي بواشنطن أول من أمس إلى إمكانية قيام بريطانيا بتقديم مزيد من الدعم للمعارضة السورية، لكنه لم يقدم تفاصيل، وأشار إلى أن الأمل في التوصل إلى حل سلمي يتضاءل في ظل التصعيد الميداني. وقال هيغ خلال مؤتمر صحافي بالخارجية الأميركية: «لقد اجتمعنا عدة مرات لتنسيق جهودنا والجهود الدبلوماسية لدعم المعارضة، ويتعين علينا أن نكون مستعدين لبذل المزيد من الجهد لإنقاذ الأرواح والضغط على نظام الأسد للتفاوض بجدية ومنع نمو الإرهاب والتطرف إذا نجحت الجهود الدبلوماسية».

من جانبه، قال كيري: «الأسد يجعل من الصعب على الولايات المتحدة وحلفائها التوصل إلى حل سلمي للصراع». وأضاف: «ليس لدي أي شيء أعلنه حول هذه النقطة (تسليح المعارضة السورية)، ونحن في طريقنا لتقييم كيف يمكننا مساعدة المعارضة لتكون قادرة على التعامل». وأشار إلى اتفاقه مع نظيره البريطاني على استمرار الجهود لعقد مؤتمر جنيف الثاني لإيجاد مخرج سلمي للأزمة السورية وتشكيل حكومة انتقالية تحقق تسوية سلمية لإنهاء الصراع.