أمين جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية الجديد: موقف بلادنا تجاه الأزمة السورية كان غامضا

بطاطاش يصرح في حوار مع «الشرق الأوسط» أن حزبه نأى بنفسه عن الحديث بشأن مرض الرئيس بوتفليقة

أحمد بطاطاش
TT

رفض أحمد بطاطاش، الأمين الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائري، أقدم حزب سياسي معارض في البلاد، الخوض في مسألة مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو الحديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال بطاطاش في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «جبهة القوى الاشتراكية نأت بنفسها عن الجدل والنقاش الدائر بشأن هذا الموضوع». وبخصوص المشاورات التي تجريها مختلف الأحزاب السياسية من أجل قراءة المشهد السياسي، الذي يلفه الغموض جراء مرض الرئيس، أكد بطاطاش أن «جبهة القوى الاشتراكية غير معنية حتى الساعة بهذه المشاورات». وبشأن مستقبل ومصير لجنة تحضير مشروع التعديل الدستوري، أوضح بطاطاش أن «حزبه أعلن منذ البداية موقفه من الإصلاحات السياسية المعلن عنها من طرف السلطة»، وشدد على أن حزبه «لم يشارك في اللجنة المكلفة الإصلاحات»، وأشار إلى أن «جبهة القوى الاشتراكية طالبت منذ البداية بضرورة انتخاب مجلس تأسيسي يقوم بوضع وصياغة دستور جديد». وأضاف: «حزبنا دعا إلى إيجاد إجماع وطني حول كل الملفات السياسية، بما في ذلك مشروع التعديل الدستوري»، وعن ظاهرة الربيع العربي، قال بطاطاش إنه «لا يمكن إنكار أن هناك شعوبا تحركت ضد واقعها وضد الديكتاتورية، ولكن هناك أجندات داخلية وخارجية عملت على احتواء هذا الحراك، وهذه الثورات خدمة لأهدافها ومصالحها»، وحمل بطاطاش مسؤولية ما يحدث في سوريا إلى «النظام السوري والقوى الإقليمية التي جعلت من سوريا مسرحا للصراعات الإقليمية»، وقال عن الجامعة العربية إنها «أصبحت طرفا في النزاع». وفيما يلي نص الحوار:

* ما هو موقف الجبهة من تعامل السلطة والمعارضة مع مرض الرئيس بوتفليقة؟

- جبهة القوى الاشتراكية نأت بنفسها عن هذا الجدال، لم ندخل في النقاش الدائر حول هذا الموضوع، وفضلنا أن نبقى بعيدا عنه. الرئيس بوتفليقة حسب مسؤولين يتابع شؤون البلد، ويوقع على المراسيم من مشفاه في باريس.

* لكن ما هو موقفكم من هذا الأمر؟

- لن نتحدث إطلاقا في هذا الموضوع، ولن نقحم أنفسنا فيه.

* التلفزيون الجزائري ووكالة الأنباء الجزائرية نقلا صورا للرئيس بوتفليقة بحضور رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ما هي قراءتكم لظهور الرئيس وللصور واللقطات التي تم بثها؟

- قلت بأنني لن أخوض في ملف مرض الرئيس.

* إذن لا مجال إطلاقا للحديث معكم عن مرض الرئيس، وعلاقة ذلك بالانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- مسألة الانتخابات الرئاسية كانت غير مدرجة في البرنامج خلال المؤتمر الأخير، وحينما يحين الوقت الذي نراه مناسبا للحديث عن هذا الموضوع حينها سنتحدث، وسنفتح ملف الرئاسيات المقبلة.

* هناك مشاورات تجري حاليا بين مختلف التشكيلات السياسية حول هذا الموضوع، هل شارك حزبكم في هذه المشاورات؟

- لحد الساعة نحن غير معنيين بهذه المشاورات.

* يقال: إن لجنة تحضير مشروع التعديل الدستوري تواصل عملها بشكل عادي، بعض الأحزاب دعت إلى إيقاف عملها، لأن عمل اللجنة برأيها مرتبط بالرئيس بوتفليقة، ما هو موقفكم من عمل اللجنة هل أنتم مع استمرارها أم إيقافها؟

- هذه اللجنة كانت نتيجة إصلاحات بادرت بها السلطة، ونحن منذ البداية رفضنا هذه الإصلاحات، ولم نحضر اجتماعات اللجنة المكلفة الإصلاحات، ونحن في جبهة القوى الاشتراكية موقفنا واضح من عملية التعديل الدستوري، نادينا في الكثير من المناسبات بضرورة انتخاب مجلس تأسيسي سيد يقوم بصياغة مشروع الدستور، ودعونا إلى ضرورة إيجاد إجماع وطني حول كل الملفات السياسية، بما في ذلك مشروع التعديل الدستوري.

* تعيش الجزائر خلال الفترة الأخيرة على وقع قضايا فساد بالجملة، ما هو موقف حزبكم من استفحال الفساد في الجزائر، ومن تعامل السلطة مع هذه الآفة المدمرة للاقتصاد؟

- من بين أسباب استشراء هذه الظاهرة غياب ديمقراطية حقيقية، وغياب دولة القانون. والفساد في رأينا هو نتيجة طبيعية لهذه المقومات الأساسية الغائبة، هذا فضلا عن غياب القانون وعدم وجود قضاء مستقل، وفي ظل هذا الواقع فإن الفساد يجد له مرتعا خصبا.

* شهدت الجزائر خلال الفترة الأخيرة موجة من الاحتجاجات الاجتماعية في مختلف القطاعات، في رأيكم هل هذه الاحتجاجات فعلا لها بعد اجتماعي، أم أنها مرتبطة بأجندات سياسية؟

- الاحتجاجات الأخيرة لها أسباب كثيرة أهمها أن الشباب يعيش على وقع أزمة بطالة كبيرة، والمستوى الاجتماعي للفرد الجزائري في ترد مستمر، لذلك من الطبيعي أن يثور المواطن على هذه الأوضاع، ويطالب بتحسين أوضاعه الاجتماعية، لذلك يجب احتواء هذا الحراك، من خلال الاستجابة لمطالب المحتجين، قبل أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى احتجاجات ذات مطالب سياسية.

* في ظل هذا الحراك الاجتماعي اتخذت الجزائر أخيرا قرارا بمسح ديون 14 دولة أفريقية إلى جانب مسح ديون العراق واليمن بقيمة إجمالية تصل إلى 1.4 مليار دولار، ما هو موقف جبهة القوى الاشتراكية من هذا القرار؟

- في الحقيقة لم نناقش هذا الموضوع على مستوى مؤسسات الحزب، لأننا كنا منشغلين بقضايا تخص شؤون الحزب الداخلية، لكن كموقف شخصي أقول لو تم تحويل هذه الديون على شكل استثمارات في هذه الدول لكان أفضل، ولسمح هذا الأمر للجزائر بوضع موطئ قدم في هذه الدول، عوض أن تمسح الديون بهذه الطريقة.

* محافظ البنك المركزي اعترف بتراجع عائدات الجزائر من المحروقات، ما هو موقفكم من اعتماد الجزائر الكامل اقتصاديا على عائدات المحروقات؟

- ملف المحروقات في الجزائر ملف معقد وشائك جدا، وهذا القطاع يدار بشكل غامض وغير واضح، رغم أنه ملف جد حيوي مستقبل الشعب الجزائري مرتبط به بشكل مباشر، ونحن في حزب جبهة القوى الاشتراكية رفضنا مناقشة مشروع تعديل قانون المحروقات، ودعونا إلى تنظيم ندوة وطنية حول هذا القطاع ستنعقد هذه الندوة قبل نهاية السنة الحالية، وحينها ستتضح معالم سياستنا أكثر فيما يخص هذا الملف.

* يشهد العالم العربي منذ سنتين ما يسمى «الربيع العربي، هل هذا الحراك نابع فعلا من إرادة الشعوب العربية في صناعة التغيير، أم أنه مجرد مخطط غربي لصناعة الفوضى في العالم العربي؟

- لا يمكن الجزم بأن هناك سببا واحدا لما يسمى الربيع العربي، ونحن لا يمكن أن ننكر رغبة الشعوب العربية في إحداث تغيير حقيقي ضد الطغيان وضد الظلم، نعم هناك شعوب تحركت ضد واقعها وضد الديكتاتورية، ولكن هناك أجندات داخلية وخارجية عملت على احتواء هذا الحراك وهذه الثورات خدمة لأهدافها ومصالحها.

* وهل الجزائر غير معنية بهذه الظاهرة؟

- الجزائر ليست في كوكب آخر، ولكن ليس من مصلحتها خلال الفترة الراهنة أن تخوض تجربة مريرة على غرار ما يجري في بلدان الربيع العربي، التي دفعت ولا تزال تدفع الثمن غاليا، لذلك نحن نطالب بإحداث تغيير سلمي بعيد كل البعد عن كل أشكال القوة والعنف، نعم نحن نريد أن يكون هناك ربيع جزائري، ولكننا نريده فعلا ربيعا جزائريا وليس خريفا أو شتاء.

* ما يحدث في سوريا كارثي بكل المقاييس، ما هو موقف حزبكم مما يحدث في هذا البلد العربي الذي تربطه علاقات متميزة مع الجزائر؟

- بطبيعة الحال يؤلمنا ما يحدث في سوريا، وما يعانيه الشعب السوري الشقيق بسبب الأحداث الدموية، والمسؤولية هي مسؤولية النظام السوري، والقوى الإقليمية التي جعلت من سوريا مسرحا للصراعات الإقليمية.

* وماذا عن الموقف الرسمي الجزائري تجاه هذه الأزمة؟

- الموقف الدبلوماسي الجزائري تجاه الأزمة السورية أو غيرها من الأحداث كان موقفا غامضا.

* وماذا عن دور الجامعة العربية في حل الأزمة؟

- موقف الجامعة العربية موقف مشابه لموقف الدول المؤثرة فيها، الجامعة العربية تقريبا أصبحت طرفا في النزاع.