اليونان: مرحلة جديدة من الإضرابات والمظاهرات بسبب إغلاق التلفزيون الرسمي

الحكومة مصرة على إلغاء «إي آر تي».. وأحزاب المعارضة تحذر من أزمة سياسية وتدعو لإنقاذ الحكومة

متظاهرون يرددون شعارات منددة بإغلاق هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية أمام مقر الهيئة في أثينا أمس (أ.ب)
TT

شهدت اليونان أمس إضرابا عاما دعت إليه نقابات عمالية تنديدا بالقرار الذي اتخذته الحكومة لإغلاق مجموعة «إي آر تي» العامة للتلفزيون والإذاعة، وأثار صدمة تهدد بالتحول إلى أزمة سياسية بين أحزاب الائتلاف الحكومي. وتزامنا مع الإضراب، تظاهر الآلاف مجددا أمس أمام مقر مجموعة «إي آر تي» تضامنا مع عمالها المهددين بالتسريح. وحذر مراقبون من دخول البلاد في مرحلة جديدة من الإضرابات والاحتجاجات قد تكون شبيهة بتلك التي شهدتها العام الماضي على خلفية أزمة الديون.

وراهنت الحكومة اليونانية على كسب الوقت بتقديمها غداة إغلاق هيئة «إي آر تي»، مشروع قانون لإعادة تنظيم وسائل الإعلام الرسمية، سعيا منها لمنع تفكك ائتلاف أحزابها بعد نحو عام من تقاسم السلطة بين محافظي رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس وحزب باسوك الاشتراكي وحزب اليسار الديمقراطي المعتدل. ولا شك أن ساماراس الذي يعرض حصيلة أداء حكومته هذا الأسبوع على ترويكا الدائنين الدوليين لبلاده، أراد من خلال إغلاق هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية بشكل مفاجئ ليل الثلاثاء - الأربعاء، أن يثبت تصميمه على التصدي لهذه الهيئة العامة التي وصفها المتحدث باسم الحكومة بأنها تفتقد الشفافية ومتورطة في تبذير المال العام.

ويجري انتقاد مجموعة «إي آر تي» بسبب محسوبيتها وسوء إدارتها والتجاوزات التي تجري فيها، غير أنها تحظى باحترام الأوساط الثقافية لحرفيتها العالية، لا سيما في مجال الأفلام الوثائقية، وعانى موظفو المجموعة منذ بدء أزمة الديون عام 2010 من الاقتطاعات المفروضة على الأجور والتي قدرتها النقابات بـ45 في المائة.

وقال رئيس الوزراء ساماراس في كلمة ألقاها في غرفة التجارة اليونانية مساء الأربعاء في أثينا: «انتهى عهد الامتيازات لـ(إي آر تي) إننا لا نغلق التلفزيون العام، بل سيتم إنشاء محطة جديدة قريبا جدا». ولا يبدو ساماراس مستعدا لتلبية النداء الذي وجهه شريكاه في الحكومة لعقد اجتماع «ثلاثي» و«إعادة فتح» الهيئة والتراجع عن القرار. وصرح زعيم الاشتراكيين إيفانغيلوس فينيزيلوس بأن هناك «أجواء أزمة سياسية» داخل الحكومة، داعيا ساماراس إلى «الحفاظ على وحدة ومستقبل الحكومة» التي تشكلت قبل نحو عام بعد الانتخابات التشريعية في يونيو (حزيران) 2012 في وقت كانت البلاد تعاني فيه أزمة اقتصادية واجتماعية كبرى.

وبالتوازي مع ذلك وإزاء دهشة جميع المشاهدين أمام شاشات التلفزيون «السوداء»، نددت النقابتان المركزيتان للقطاع الخاص والعام بعملية الإغلاق «غير الديمقراطية» التي تمت «في إطار سياسات التقشف» ووصفتا «قرار ساماراس» بأنه «انقلاب».

وتعهدت اليونان لدى دائنيها، أي منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، بإعادة هيكلة قطاعها العام وتسريح آلاف الموظفين بحلول نهاية 2014 بينهم ألفان في مطلع صيف 2013.

وبدعوة من نقابتهم لزم الصحافيون اليونانيون أمس (الخميس) إضرابهم لمدة 24 ساعة قابلة للتجديد، إذ لم تصدر أي صحيفة أمس، كما امتنعت محطات الإذاعة والتلفزيون عن بث نشرات إخبارية.

وتزامنا مع الإضراب تجمع الآلاف من المتظاهرين أمام مبنى الهيئة في ضاحية أجيا براسكفي في أثينا. وقالت متظاهرة تدعى كوستنتينا باباداكي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتظاهر لأن هذه كانت أول إذاعة وتلفزيون في البلاد، إضافة إلى أنني أتضامن مع أسر وعائلات 2700 شخص كانوا يعملون في هذا المبني». وأشارت باباداكي إلى أن الشعب اليوناني ينظر إلى الهيئة بأنها واحدة من رموز البلاد أكثر منها مصدرا للأخبار والبرامج.

وفي بروكسل نأت المفوضية الأوروبية بنفسها عن قرار الحكومة اليونانية، مشيرة في بيان الأربعاء الماضي إلى أن قرار الحكومة اليونانية غلق «(إي آر تي) اتخذ باستقلالية تامة»، مشددة على الدور الضروري الذي يلعبه قطاع الإعلام السمعي البصري العام في الحياة الديمقراطية. وطالب الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون وجمعية الصحافة الدولية التي تضم المراسلين العاملين في بروكسل بإعادة فتح هذه الهيئة التي تعود إلى 60 عاما، والتي تبقى رمزا للديمقراطية في بلاد تعرض فيها الإعلام إلى قمع شديد إبان الديكتاتورية العسكرية (1967 - 1974). وفي قبرص دعت نقابة الصحافيين إلى تجمع احتجاجي أمام السفارة اليونانية في نيقوسيا وسط مخاوف من أن تؤدي الأزمة في الجزيرة أيضا إلى إغلاق قناة الإذاعة والتلفزيون العامة «ريك».