إسرائيل تعتزم تهجير 40 ألف عربي من النقب وإقامة 10 بلدات يهودية

بئر السبع تعيش على وقع المظاهرات ودعوات لعصيان مدني فيها

TT

شهدت مدينة بئر السبع أضخم مظاهرة في تاريخها، أمس وذلك بمشاركة الآلاف من أهالي البلدات العربية في النقب (جنوب إسرائيل)، في إطار الاحتجاج على قرار الحكومة الإسرائيلية المعروف باسم «مخطط برافر»، الهادف إلى تهجير نحو 40 ألفا من المواطنين العرب في المنطقة، ومصادرة نحو 800 ألف من أراضيهم، بغرض إقامة منشآت عسكرية و10 بلدات يهودية.

وكانت لجنة التوجيه لعرب النقب قد دعت لإضراب شامل في النقب، وشمل الإضراب أيضا المحال العربية في مدينة بئر السبع وكان هناك تجاوب شامل مع الدعوة. وشارك في المظاهرة أكثر من 6 آلاف عربي، والتي انطلقت من السوق البلدية وجابت شوارع مدينة بئر السبع، واختتمت أمام مباني الحكومة في المدينة ومقر المحكمة اللوائية، حاملين الأعلام الفلسطينية، واللافتات هاتفين بعد شعارات مثل «الشعب يريد إسقاط برافر»، و«بالروح بالدم نفديك يا نقب»، و«بنت النقب بتنادي حرة يا أرض بلادي» و«ألف ألف تحية للجماهير العربية».

المعروف أن «مخطط برافر»، هو مشروع حكومي يستهدف الإجهاز على ما تبقى لعرب النقب من أراضيهم، بحجة «تركيز البدو في حياة حضارية تتلاءم وظروف إسرائيل العصرية». وهو يتضمن، إلى جانب المصادرة والهدم والترحيل، أيضا سلسلة عقوبات للمواطنين الذين يرفضون الرضوخ لأحكامه. ويعتبر المعترضين معادين للنظام ويتيح للنيابة أن تحاكمهم بتهم أمنية كـ«مخربين». وقد حاول قادة عرب النقب التوصل إلى تفاهم مع الحكومة وممثليها من أجل التوصل إلى اتفاق معقول يضمن للبدو حقوقهم ويوفر لهم حياة جديدة عصرية ولكن تأخذ بالاعتبار تقاليدهم وظروف حياتهم، مثل إقامة بلدات زراعية تحتوي على مراع وحظائر للمواشي وغير ذلك، لكن السلطة رفضت هذه الحلول وفرضت حلا من طرف واحد. الأمر الذي جعل المواطنين يرون فيه «نكبة» أخرى.

ولكن هذه النكبة لا تكفي قوى اليمين الإسرائيلية الحاكمة. وبضغط منها قررت الحكومة تأجيل البت في المشروع، لأنها ترى فيه «مخططا يضحي بأراضي الدولة لصالح البدو». وعندما اعترض النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، على هذا المخطط وخاطب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة برلمانية قائلا: «سيدي، إنك تقودنا إلى مواجهة خطيرة لا نريدها. فأنت تضرب عرض الحائط برغبة خمس سكان الدولة»، أجابه نتنياهو: «أنا أواجه معارضة من طرفكم وكذلك من اليمين المتطرف في هذا المشروع».

ولم تبق الحكومة مجالا أمام عرب النقب سوى الخروج إلى هذه المعركة الجماهيرية الواسعة، للدفاع عن حقهم في البقاء. وجاءت المظاهرة، أمس، نقلة نوعية في كفاحهم. ولوحظ أن هذه المظاهرة شهدت مشاركة شبابية ونسائية واسعة ومميزة، كما شارك غالبية النواب العرب في الكنيست وقادة جميع الأحزاب العربية الوطنية. وقد حشدت الشرطة مئات عناصرها وأحاطت المتظاهرين من كل جانب، مما أغضب بعض المتظاهرين فحاولوا اختراق الطوق، إلا أن قيادة المظاهرة منعتهم من ذلك مؤكدة أن الصدام مع الشرطة لن يفيد المعركة الحالية وأن الهدف الأساسي منها الآن هو لفت نظر الجمهور العربي واليهودي إلى معاناتهم وعدم توفير سلاح للسلطة الإسرائيلية للبطش بهم.

وقال محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة للجماهير العربية في إسرائيل، في كلمته أمام المتظاهرين: «لا يمكن أن يمر هذا التخطيط لأن أهلنا في النقب واثقون أنهم سيصونون أرض النقب بدمائهم وأجسادهم، وأهل النقب أعلنوا صراحة أنهم سيمنعون أي محاولة لاقتلاع أهل النقب من أرضهم». وحيا الشيخ حماد أبو دعابس، رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية، في كلمته «المرأة النقباوية الصامدة القوية والمرابطة، والتي شاركت في المظاهرة بألف امرأة وصبية على الأقل». وقال الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية الشمالية، في كلمته: «هذه المظاهرة قامت وستبقى قائمة بصوتها العالي لتؤكد للقاصي والداني وتقول نحن هنا في النقب باقون وارحل يا برافر ارحل يا برافر». وانضم إلى المتظاهرين عضو الكنيست اليهودي، د. دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الذي وعد بتنظيم مظاهرات لليهود أيضا ضد هذا المخطط وقال: «إنني أؤكد لكم، بأننا سنقف إلى جانبكم في الكنيست وفي الشوارع وفي المظاهرات وفي بئر السبع والقدس وتل أبيب وفي كل مكان، حتى النجاح في إلغاء مخطط برافر».

وقال د. أحمد الطيبي في كلمته: «في يوم الأرض خرجت جماهيرنا بعد مصادرة عشرات آلاف الدونمات وفي مخطط برافر سيصادرون مئات آلاف الدونمات ونحن هنا موحدون لنرفع الصوت عاليا وشامخا لا رهبة ولا خوف ولا تردد أن النقب أولا وثانيا وثالثا والويل لبرافر وسيسقط برافر». وقال النائب السابق طلب الصانع، رئيس الحزب الديمقراطي العربي، وهو ابن النقب: «مخطط برافر إلى سلة المهملات لأننا أصحاب الوطن، فنحن لم نأت إلى هذا الوطن بل نحن من هذه الأرض وإليها، ولن نتكلم بل الكلمة هي للشعب، والمسيرة القادمة إلى الزحف إلى القدس».

وقال النائب طلب أبو عرار من الحركة الإسلامية كلمته بتقديم تحية لكل المتظاهرين خصوصا النساء والشباب مؤكدا أن «آلاف الجماهير المتظاهرة حملت رسالة واضحة لبرافر ونتنياهو وللمؤسسة الإسرائيلية أن هذه هي بداية الطريق لنضال منتصر لعرب النقب أصحاب الحق في الدفاع عن أرضهم ووطنهم داعيا الجماهير العربية والنقباوية لاستمرار النضال لنصرة النقب والدفاع عن أرض النقب العربية من أجل وقف سياسة الترحيل ورفض نكبة جديدة».