حسم ملفي الأرشيف والديون الكويتية ينقل العراق للفصل السادس

نواب عراقيون عدوا تطور العلاقات بين البلدين لصالح العرب

TT

حتى يصل العراق والكويت إلى الخطوة الأولى في علاقة طبيعية بينهما، احتاجا قطع مسافة الألف ميل كاملة. ثلاثة وعشرون عاما قضى العراق ثلاثة عشر عاما منها تحت الحصار في ظل النظام السابق، حيث وضع العراق منذ عام أغسطس (آب) 1990 تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة عندما صدر القرار «661». وبعد سقوط النظام العراقي السابق في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003 كان الحصار قد رفع من الناحية الرسمية، لكن التزامات العراق حيال الكويت بقيت كما هي بوصفها التزامات دولة وليست التزامات نظام.

وإذا كانت القشة التي قصمت ظهر إمكانية البدء في تطوير العلاقات بين البلدين هي قضية الخطوط الجوية العراقية، والأرشيف والديون الكويتية، فإن الزيارة التي وصفت بالتاريخية التي قام بها أمير دولة الكويت إلى العراق أثناء قمة بغداد في مارس (آذار) عام 2012، هي البداية الجادة على المستوى الحكومي للبدء في مرحلة تذليل العقبات. وكانت قد تزامنت مع مسألة الخطوط الجوية العراقية مسألة قيام الكويت ببناء ميناء مبارك الكبير، التي أدت إلى تأزيم حاد في العلاقات بين البلدين إلى الحد الذي بدأت معه بعض الأطراف في البلدين تقرع طبول الحرب من جديد. وفي وقت بدا فيه الطريق سالكا بين البلدين بعد تطورين مهمين؛ وهما القرار الذي اتخذه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بتسوية قضية الخطوط الجوية العراقية من خلال اتفاق ثنائي أخذ طريقه للتطبيق منذ العام الماضي، وإعلان الكويت وقف المرحلة الرابعة من ميناء مبارك الكبير. هذه التطورات مهدت للاتفاق الأخير بين العراق والكويت من خلال الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى بغداد رئيس الوزراء الكويتي جابر مبارك الحمد الصباح، ففضلا عن مجموعة من الاتفاقيات الثنائية في ميادين مختلفة، فإن الاتفاق الأهم هو قيام كل من بغداد والكويت بإرسال رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تتضمن التزام العراق بالقرارات الدولية للخروج من الفصل السابع.

الحكومة العراقية، وطبقا لما كان قد أعلنه لـ«الشرق الأوسط» علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أكدت أن «التطور في العلاقات العراقية - الكويتية يأتي تتويجا للجهود التي بذلها البلدان في مجال حسم الملفات العالقة ومن خلال سيادة مبدأ حسن النية بينهما»، مؤكدا أن «ملف العلاقات العراقية - الكويتية كان شائكا وأصعب من أي ملف آخر، ولكن حرص الحكومة العراقية على طي صفحة الماضي تماما، قوبل باستجابة من الكويت، الأمر الذي أدى إلى تذليل كل الصعوبات المتعلقة بذلك».

غير أن النائب في البرلمان العراقي عن القائمة العراقية طلال الزوبعي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الملفات العالقة بين العراق والكويت لم يكن الفضل في حسمها يعود إلى الحكومة العراقية، بل إلى رئيس البرلمان أسامة النجيفي الذي كان قد زار الكويت ومهد لذلك برلمانيا أول الأمر». وأضاف الزوبعي أن «الحكومة كانت قد فشلت في هذا الأمر لأن البرلمان الكويتي كان معارضا قويا، غير أن النجيفي تمكن من تمهيد الأرضية الملائمة لذلك عندما اصطحب وفدا برلمانيا كبيرا معه وتمكن من فتح كل الملفات الصعبة التي باشرتها فيما بعد الدبلوماسية العراقية».

النائب المستقل في البرلمان العراقي والمفكر المعروف حسن العلوي أكد أن «الحكومة الكويتية السابقة في عهد الشيخ ناصر المحمد الصباح كانت ترغب في إنهاء الإشكالات مع العراق، ولكنها كانت تصطدم ببرلمان قوي ومعارض، غير أن الأمور اختلفت الآن، حيث إن مجلس الأمة الكويتي فيه أغلبية مريحة مؤيدة للحكومة، مما جعلها تقدم على خطوات مهمة على صعيد فتح صفحة جديدة مع العراق».

وكشف العلوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض النواب العراقيين كانوا قد تمكنوا من جمع 60 توقيعا ضد زيارة رئيس الوزراء الكويتي إلى العراق»، مشيرا إلى أن «الدبلوماسية الكويتية في بغداد قد نشطت فسربت أخبارا بأن الزيارة تجيء من أجل إخراج العراق من الفصل السابع، وبالتالي تم سحب المذكرة مع أني أحد الموقعين على الرغم من تعاطفي مع الكويت». وبشأن القرار «833» والجدل الدائر حوله في العراق بوصفه لصالح الكويت، قال العلوي إن «هذا القرار استند إلى اتفاقية تم التوقيع عليها عام 1932 على عهد نوري السعيد والتزمت بها الحكومات السابقة مثل عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر عام 1963 بعد أن كان ألغاها عبد الكريم قاسم». واعتبر أن «هذا القرار دولي منذ ذلك الوقت، ولا يرتب شيئا إضافيا للكويت وموجود جزء منه منذ عهد عصبة الأمم المتحدة التي كان مقرها في جنيف».

من جهته، رأى النائب عن التحالف الوطني في البرلمان العراقي فرات الشرع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التطور في ملف العلاقات العراقية - الكويتية أمر يصب في خدمة، ليس البلدين فقط، وإنما في مصلحة العرب جميعا، لأنه يعطي رسالة اطمئنان واضحة لتوجهات العراق الجديد واستعداده لحسم كل القضايا العالقة».