فرقة «ما بين النهرين» تجمع الثلاثي الذهبي للموسيقى العراقية الكلاسيكية

قدموا حفلا للموسيقى الكلاسيكية في لندن لإعادة أمجاد مدرسة الموسيقى والباليه

عازف البيانو المايسترو محمد صديق وعازف التشيلو قصي قدوري («الشرق الاوسط»)
TT

يطلق عليهم لقب، الثلاثي في الذهبي للموسيقى الكلاسيكية العراقية، عازف البيانو المايسترو محمد عثمان صديق، وعازف الكلارنيت علي شوقي، وعازف التشيلو قصي حسين قدوري، هؤلاء نتاج مدرسة الموسيقى والباليه العراقية ببغداد يوم كانت هذه المؤسسة الفنية تمنح الموسيقى العراقية خيرة مبدعيها من الخريجين، تخرجوا بتفوق وحصلوا على تعليمهم العالي في الموسيقى. صديق حاصل على شهادة عليا من هنغاريا بالعزف والتأليف على البيانو وقائد أوركسترا، قاد الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية في أوائل التسعينات قبل أن ينتقل إلى عمان لقيادة الفرقة السيمفونية الأردنية (أغلقت مؤخرا لأسباب اقتصادية) ويدير حاليا المعهد الوطني الأردني للموسيقى (مؤسسة جامعية)، وشوقي، تخرج في بداية الثمانينات وأكمل دراسته للعلوم الموسيقية في المعهد العالي للموسيقى في بلغاريا وحصل على شهادته العليا في آلة الكلارنيت من هناك، وبعد عودته إلى العراق عام 1989 عمل كعازف أول كلارنيت في السيمفونية الوطنية العراقية، وحاليا أستاذ الكلارنيت والساكسفون في أحد معاهد هولندا الموسيقية وعازف في موسيقى الغرفة، وقدوري، تخرج من مدرسة الموسيقى والباليه في 1984. ثم ابتعث إلى المجر حيث درس أول الأمر في كونسرفاتوار بارتوك في بودابست لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يدرس التشيلو وموسيقى الحجرة في أكاديمية فرانس ليست للموسيقى لخمس سنوات، وحاليا عازف التشيلو في فرقة المهرجان السيمفونية المجرية.

الثلاثي الذهبي التقو مؤخرا في حفل موسيقي في العاصمة البريطانية لندن حيث قدموا أنفسهم باسم فرقة «ما بين النهرين»، وقال شوقي لدى تقديمه لفرقتهم «نحن نسعى إلى جمع خريجي مدرسة الموسيقى والباليه من الموسيقيين المبدعين لتقديم حفلات موسيقية تعرف بالموسيقى العراقية وإنجازاتها من خلال عزف مؤلفات كلاسيكية معروفة»، مشيرا إلى أنه كان قد أحيا مع عازفة البيانو العراقية نغم حفلا موسيقيا العام الماضي في لندن.

وتحدث شوقي عن العقبات التي تعيق برامجهم «لجمع زملائهم في فرقة وتقديم الأماسي الموسيقية في مدن مختلفة من العالم وفي مقدمة هذه المعوقات عدم وجود دعم مالي لمشاريعهم»، وقال: «تأكدوا أن هذه الجهود ذاتية، فرغم أن كل واحد منا يقيم ببلد بعيد عن الآخر، ولنا التزاماتنا فإننا نبذل ما في وسعنا لنجتمع معتمدين على إمكانياتنا الذاتية لدفع تكاليف السفر والإقامة في هذا البلد أو ذاك».

وأكد شوقي لـ«الشرق الأوسط» أن «أي جهة عراقية أو عربية أو دولية لا تدعم برامجنا الهادفة إلى تقديم موسيقى كلاسيكية عراقية وغربية تعرف بإبداعات بلدنا ومبدعينا، إذ لم تبادر وزارة الثقافة العراقية أو المركز الثقافي العراقي في لندن أو في أي مدينة أخرى بالعالم إلى دعم جهودنا، ولكن هذا لا يعني أن نتوقف عن تحقيق ما نطمح إليه وما نخطط له للتعريف بالموسيقي العراقي الرصين ولطرح البديل الإبداعي عن تراجع الموسيقى العراقية اليوم». وهو يرى أن «الموسيقيين العراقيين من خريجي مدرسة الموسيقى والباليه والذين جابوا بقاع الأرض لينهلوا من العلوم الموسيقية لكي يفيدوا وطنهم وأبناء بلدهم كانت لديهم أحلام وأمنيات كبيرة لم يتمكنوا من تحقيقها».

يقول «رغم الظروف العصيبة التي مرت وتمر بها الموسيقى العراقية، فإنني متفائل بمستقبل أفضل وأجمل للموسيقى في العراق».

وفي كنيسة (رفيرس كورت) بهامرسميث، غرب لندن، عزف كل من صديق وشوقي وقدوري مؤلفات كلاسيكية غربية من تأليف تشايكوفيسكس، وأراتنيان، وفيباخ، ووليمز وبيزالو، إلى جانب تنويعات عربية وعراقية كلاسيكية من توزيع صديق، مستمدة من التراث الغنائي العربي والعراقي، حيث أصغى جمهور نخبوي عراقي في الغالب على مدى ساعة لإبداعات صديق على مفاتيح البيانو، وشوقي على الكلارنيت، وقدوري على آلة التشيلو.

وكان صديق قد وضع مؤلفات عدة يجمع فيها بين الآلات الشرقية والغربية الكلاسيكية، وهذا ما نلمسه واضحا في ألبومه (شرقيات) الذي جمع فيه سبعة من مؤلفاته. وأوضح صديق بلغة فيها الكثير من الاهتمام والانتماء للموسيقى العربية والشرقية، قائلا «هناك خطأ فادح وشائع، وفكرة ظالمة لآلاتنا الموسيقية، تتلخص وللأسف بأن الآلات الموسيقية الشرقية مهمتها مصاحبة أداء المطرب فقط، ومنفذة لمساحات لحنية ضيقة للغاية، وهذه الفكرة تسطح كثيرا من أهمية وعمق الآلة الموسيقية الشرقية».

عازف التشيلو قصي قدوري، الذي واصل العزف رغم جرح إحدى أصابعه بأوتار التشيلو، أعرب عن سعادته بلقائه بجمهور عراقي وعربي حريص على متابعة المبدع الموسيقي العراقي، وهو يرى أن «أن الدراسة والممارسة هما طريق الفنان الموهوب إلى التميز والإبداع»، موضحا أن «تجربته في المهجر أفادته كثيرا، خاصة أنه كان يستثمر جل وقته للدراسة والعزف لساعات طويلة، بهدف الوصول إلى مستوى العازفين المحليين بل والتفوق عليهم». مشيرا إلى أن «الموسيقى الكلاسيكية لم تنتشر في الأوساط العراقية والعربية، وما يزال جمهور الحفلات والعروض الموسيقية الكلاسيكية مقتصرا على نخبة من المهتمين والمتابعين للموسيقى العالمية».