البرازيل تخشى مفاجآت الأوروغواي في نصف نهائي كأس القارات اليوم

منتخب السامبا وجماهيره يتطلعون للقاء وسط مخاوف من شبح نهائي مونديال 1950

TT

رغم الترشيحات الهائلة التي تقف إلى جواره بعد عبوره الرائع لفعاليات الدور الأول لكأس القارات المقامة حاليا بالبرازيل، يدرك المنتخب البرازيلي لكرة القدم أنه سيواجه تحديا قويا وصعبا للغاية عندما يلتقي منتخب الأوروغواي اليوم في الدور قبل النهائي للبطولة.

ويبدو المنتخب البرازيلي أعلى كثيرا في المستوى من منافسه من الناحية النظرية كما يخوض فعاليات البطولة على أرضه ولكن المواجهة لن تكون سهلة على الإطلاق أمام منتخب عنيد صاحب خبرة هائلة وسبق أن أزعج جماهير السامبا كثيرا.

وقال لويز فيليبي سكولاري المدير الفني للمنتخب البرازيلي: «الأوروغواي تملك فريقا متكاملا تطور مستواه كثيرا وبشكل رائع للغاية تحت قيادة المدرب أوسكار تاباريز. لديه أسلوب سيجعل المباراة صعبة للغاية. نحتاج إلى توخي الحذر الشديد».

وفي المقابل، قال تاباريز «سنحاول، مثلما نفعل في كل مباراة، أن نحجم ونقلص قوة المنتخب البرازيلي ونقاط قوته وأن نصنع لهم مشكلة».

وقدم كل من الفريقين طفرة في مستواه ونتائجه ببطولة كأس القارات الحالية.

وأعفي المنتخب البرازيلي من المشاركة في تصفيات قارة أميركا الجنوبية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 حيث يشارك مباشرة بصفته ممثل الدولة المضيفة.

ولم يكن الفريق مقنعا في المباريات الودية التي خاضها في الشهور الماضية ضمن استعداداته لكأس القارات الحالية ومونديال 2014.

وتعرض الفريق من قبل لهتافات معادية وصفارات استهجان شديدة من أنصاره خلال المباراة الودية التي تعادل فيها 2-2 مع تشيلي على استاد «مينيراو» بمدينة بيلو هوريزونتي وهو نفس الملعب الذي تقام عليه مباراة اليوم.

ولكن الأمور تغيرت كثيرا في الأسابيع القليلة الماضية وتحسن الحالي لسكولاري ولاعبيه.

وخلال البطولة الحالية، قدم سكولاري فريقا أكثر قوة وصلابة كما ارتقى مهاجمه الشاب نيمار دا سيلفا لمستوى المنافسة والتحدي ليكون قائدا رائعا لهجوم راقصي السامبا.

وفي الدور الأول للبطولة، تغلب الفريق على نظيره الياباني متواضع المستوى 3/صفر ثم فاز أيضا على منافس تاريخي له وهو المنتخب المكسيكي الذي اعتاد أن يمثل صداعا لراقصي السامبا. كما تغلب المنتخب البرازيلي على نظيره الإيطالي (الآزوري) الفائز بلقب كأس العالم أربع مرات سابقة ليجذب المنتخب الجماهير إليه مرة أخرى ويستعيد ثقتهم في إمكاناته.

وفي المقابل، فاز منتخب الأوروغواي بالمركز الرابع في بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ثم فاز في العام التالي بلقب بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا 2011) بالأرجنتين.

وعلى الرغم من هذا، عانى منتخب الأوروغواي الأمرين على أرض الملعب خلال الشهور الماضية وأصبح مهددا بالغياب عن بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل بسبب النتائج الهزيلة التي حققها الفريق في التصفيات.

وحصد الفريق نقطتين فقط من ست مباريات متتالية في تصفيات القارة ولكنه تغلب على نظيره الفنزويلي 1/صفر في 11 يونيو (حزيران) الحالي قبل القدوم إلى البرازيل للمشاركة في كأس القارات.

وفي البطولة الحالية، أكد الفريق استعادة اتزانه ونجح في هز شباك المنتخب الإسباني بطل العالم وأوروبا وإن خسر المباراة 1-2 ثم تغلب على نيجيريا وتاهيتي.

ومن الصعب مقارنة المنتخب البرازيلي بأي من منتخبي نيجيريا وتاهيتي في المستوى، ولكن منتخب الأوروغواي يمكنه الاطمئنان قليلا بعدما استعاد عدد من لاعبيه مستواهم العالي خلال البطولة الحالية.

ويبرز من هؤلاء اللاعبين كل من المدافع دييغو لوغانو قائد الفريق والنجم المخضرم دييجو فورلان والمهاجم الرائع الخطير لويس سواريز.

وستعيد مباراة البرازيل والأوروغواي على ملعب بيلو هوريزونتي اليوم إلى الأذهان المباراة الأسطورية التي جمعتهما في مونديال 1950 في ريو دي جانيرو.

وجرت المباراة الحاسمة في 16 يوليو (تموز) 1950 على ملعب ماراكانا الذي يتسع لمائتي ألف متفرج والذي شيد خصيصا لهذا الحدث.

وبالنسبة إلى كثيرين كان الأمر تحصيل حاصل بالنسبة إلى البرازيل أولا لأنها كانت في حاجة إلى التعادل نظرا لأن الدور نصف النهائي أقيم بنظام الدوري، وثانيا لأنها تغلبت على إسبانيا 6 - 1 وعلى السويد 7 - 1 في حين جهدت الأوروغواي للتغلب على السويد 3 - 2 وتعادلت بصعوبة مع إسبانيا 2 - 2 وثالثا لأنها كانت تضم أفضل لاعبي البطولة وهم زيزينهو واديمير وجاير. وحذر مدرب البرازيل فلافيو كوستا فريقه من مغبة الاستهتار بالمنتخب المنافس وقال بالحرف الواحد: «يملك منتخب الأوروغواي أسلوبا يزعجنا كثيرا وأنا خائف أن يدخل أفراد منتخب البرازيل مفرطين بالثقة الزائدة».

وتابع متوجها بكلامه إلى اللاعبين: «إنها ليست مباراة استعراضية إنها مباراة مثل أي مباراة أخرى قد تكون أصعب قليلا وبالتالي أطلب منكم بذل قصارى جهودكم لأنكم على بعد 90 دقيقة من دخول التاريخ».

أما مدرب الأوروغواي فكان يذكر الجميع بأن منتخبه سبق له أن هزم البرازيل قبل انطلاق بطولة كأس العالم ولا شيء يمنع أن يكرر ذلك.

وبلغت ثقة البرازيليين العمياء بأن الفوز سيكون حليفهم لا محالة برئيس بلدية ريودي جانيرو إلى مخاطبة الجمهور قبل انطلاق المباراة قائلا: «أيها البرازيليون الذين اعتبركم قد فزتم بهذه البطولة، أيها اللاعبون الذين ستتوجون أبطالا لا مثيل لكم في الكون، فأنتم أقوى من جميع منافسيكم وأريد أن أوجه إليكم تحية».

أما صحيفة «أو موندو» فعنونت صبيحة المباراة «هؤلاء هم أبطال العالم» إلى جانب صورة للفريق.

وقد ضاقت المدرجات بالمتفرجين ومعظمهم من البرازيليين الذين جاءوا لمواكبة المنتخب البرازيلي الذي صبت كل الترجيحات في مصلحته بعد النتائج القوية التي حققها في الدور النهائي إضافة إلى كونه يلعب على أرضه وبين جمهوره.

وبدأت المباراة بإدارة الحكم الإنجليزي ريدر وسط هتاف المشجعين البرازيليين «برازيل إلى النصر» وقد سيطر البرازيليون على الشوط الأول من دون خطورة تذكر على حارس منتخب الأوروغواي الذي اكتفى لاعبوه بالدفاع وبناء الهجمات المرتدة وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي.

وفي الشوط الثاني وبعد مضي دقيقة واحدة استطاعت البرازيل أن تتقدم بهدف سجله فرياكا كان كافيا بخروج الجمهور عن صمته وإطلاق العنان لهتافاته. لكن فرحة الجمهور لم تدم طويلا فقد سجل خوان ألبرتو سكيافينو أحد نجوم المباراة والدورة هدف التعادل للأوروغواي وسط قلق الجماهير على نتائج المنتخب البرازيلي الذي أظهر بعض الضعف في الدفاع.

وفجأة وجد حارس البرازيل باربوسا الذي كان ضيف شرف طوال الدقائق السبعين الأولى نفسه مدعوا إلى الدفاع عن عرينه ببسالة. حتى كانت الدقيقة 80 حين سجل غيغيا هدف الفوز للأوروغواي وسط ذهول الجميع الذين لم يصدقوا ما تراه أعينهم.

وقال غيغيا لاحقا: «ثلاثة أشخاص فقط أسكتوا 200 ألف شخص في ملعب ماراكانا: فرانك سيناترا والبابا يوحنا بولس الثاني وأنا».

وما إن أعلن الحكم انتهاء المباراة حتى تحول ملعب ماراكانا إلى ساحة نحيب بعدما كان لساعة خلت مهرجانا كرويا في حد ذاته. وهرب كل المسؤولين الرسميين من المنصة ولم يبق سوى رئيس الاتحاد الدولي «فيفا» الفرنسي جول ريميه، فيما خرج مدرب البرازيل فلافيو كوستا وسط حراسة مشددة خوفا على حياته.

وأصبح الحارس باربوسا كبش فداء، ولم يحمل ألوان البرازيل سوى مرة واحدة بعد ذلك، وكثر الحديث عن حالات انتحار تلت المباراة.

قال نلسون رودريغيز الكاتب البرازيلي حينها: «كل دولة لها كارثتها الوطنية، مثل هيروشيما. لكن كارثتنا كانت الخسارة أمام الأوروغواي عام 1950». ورفع القائد أوبدوليو فاريلا الكأس وعادت إلى مونتيفيديو بعد 20 عاما علما بأن الأوروغواي، التي نالت استقلالها من البرازيل عام 1828، لم تدافع عن لقبها عام 1934 وتغيبت عن النسخة الثانية عام 1938. وحاول البرازيليون الرد على كارثة «ماراكانزو» المؤلمة، فأطلقت مسابقة في ريودي جانيرو من قبل صحيفة «كوريو دي مانيا» لإعادة تصميم قميص المنتخب الأبيض اللون.

وفاز الدير غارسيا شلي (19 عاما آنذاك)، المولود على قرية جاغوارو الحدودية ومشجع منتخب الأوروغواي في صغره، بتصميم القميص الجديد الأصفر بالإضافة إلى الأخضر والأزرق نسبة إلى العلم البرازيلي والمعتمد حتى اليوم.

وثأرت البرازيل نسبيا من الكارثة الوطنية في نهائي كوبا أميركا 1989 على ملعب ماراكانا، عندما سجل روماريو هدف الفوز.

وعلى الرغم من أن سكولاري كان طفلا لم يكمل عامه الثاني عندما أقيمت هذه المباراة، فإن المدرب الكبير أكد أن الأوضاع تغيرت كثيرا وليس هناك مجال للحديث عن سقوط جديد قد يطلق عليه اسم «مينيرازو». وعودة لمباراة اليوم، من الناحية النظرية، حصل المنتخب البرازيلي على راحة ليوم أكثر من منافسه لكن منتخب الأوروغواي أراح الكثير من عناصره الأساسية في مباراته الأخيرة بالدور الأول التي تغلب فيها على تاهيتي المتواضع 8/صفر. وقال جوليو سيزار حارس مرمى المنتخب البرازيلي «أوروغواي تعرف كرة القدم البرازيلية بشكل جيد للغاية.. هذه المباريات تكون صعبة دائما وتحسمها بعض التفاصيل».