افتتاح أول مجمع لدور العرض السينمائي اليوم الجمعة في إسلام آباد

بعدما اختفت جميعها بطريقة أو بأخرى على مدار العقد الماضي

TT

يحتفل الباكستانيون اليوم الجمعة بافتتاح أول مجمع للسينما مع دار خاصة لأفلام ثلاثة الأبعاد في مدينة إسلام آباد. وقد بدا ذلك واضحا أول من أمس لدى زيارة المجمع السينمائي الذي يضم خمس صالات في مركز التسوق الجديد، بقلب المنطقة التجارية الذي أطلق عليه «سنترايوس».

واصطف طابور من السيارات يصل طوله إلى كيلومترين في قلب المنطقة التجارية بالعاصمة الباكستانية، حيث ينتظر ركابها جميعا مشاهدة المركز التجاري الجديد. وكان يتجول الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار، وكلهم شعور بالحماس، داخل ممرات المركز التجاري المكيف الهواء، يشاهدون واجهات العرض التي تحتوي على لعب أطفال وسلع وأدوات وملابس من أحدث الصيحات، وحتى الملابس الداخلية. وفي إحدى الزوايا يقف الشباب وهم ينشدون أغنيات باللغتين الأوردية والهندوسية بأسلوب يحاكي أغاني الكاروكي. وفي زاوية أخرى يرقص الأطفال على أنغام الأغنية الكورية الجنوبية الشهيرة «جانجنام».

لكن الحدث الأكبر في المركز التجاري الأضخم والأحدث والأعلى ارتفاعا بالعاصمة بما يحتوي عليه من محال ومطاعم، يتمثل في افتتاح مجمع سينمائي يضم خمس صالات عرض.

لم يكن هناك أي دار عرض سينمائي في إسلام آباد حتى افتتاح سينتوروس الشهر الماضي، بعدما اختفت جميع دور السينما بطريقة أو بأخرى على مدار العقد الماضي في ظل تصاعد وتيرة التطرف والعنف في البلاد.

وتقول آمنة سيد، التي تدرس إدارة الأعمال: «نحن سعداء حقا بهذه السينما، فنحن نفتقد وسائل الترفيه بشكل كبير في إسلام آباد، ولذا كان افتتاح السينما في المدينة مفاجأة سارة لنا جميعا». وأضافت آمنة التي كانت تستمتع بشرب القهوة مع عائلتها في المقهى الواقع خارج السينما الجديدة: «هذه السينما لا تحمل قيمة ترفيهية فقط، بل لها قيمة إبداعية أيضا».

ويقع مجمع السينما في مركز التسوق الجديد سنترايوس الضخم في أكثر مناطق العاصمة تأمينا، والذي يجعلها أكثر جذبا للعائلات. وأشار أحد مديري السينما لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تقنيات الأبعاد الثلاثية تم تركيبها في جميع قاعات العرض الخمسة، وقال: «يتم التحكم في البرامج في صالات العرض وإدارتها من خلال برنامج قاعات العرض. وكل الأنظمة المستخدمة تتم صيانتها ومراقبتها عن بعد باستخدام نظام كينتون ريموت لتوفير الوقت والتكلفة».

يأتي الهدف من مركز التسوق الجديد، الذي افتتح في فبراير (شباط) 2013 أن يكون أحد عوامل الجذب في باكستان لإقامة الندوات والمؤتمرات الدولية، وأن يكون رمزا لنمو باكستان. وبحسب ما ذكرته مجلة «مظهر» الباكستانية المتخصصة في شؤون السينما، انخفض عدد دور العرض السينمائي من 750 في عام 1995 إلى 139 في عام 2007.

كان حشد غاضب قام بإضرام النار في أقدم مسارح إسلام آباد وهو «ميلودي سينما» التي شيد عام 1966، وذلك أثناء احتجاج ضد مقتل رجل دين مسلم كان يرأس «سباه صحابة (جيش الصحابة) وهي منظمة سنية متشددة محظورة».

أما سينما نيفديك التي شيدت في عام 1974 وتتبع وزارة الثقافة، فقد أغلقتها الوزارة في عام 2005 ثم تم بيعها إلى مستثمر خاص بعد أن اعتبرت عديمة الجدوى من الناحية التجارية.

كما واجهت ثالث وآخر دار عرض سينمائي بالعاصمة «كوسار»، المصير نفسه في العام نفسه. ويقول مدسر إرشاد، وهو موظف حكومي (35 عاما) ويعشق السينما: «افتقدت مشاهدة الأفلام على شاشة كبيرة، وبصوت مرتفع. كل ما في الأمر أنني أعشق ذلك، لكن ليس هناك أي مكان نذهب إليه». كما يقول أفق شاه، وهو مسؤول إداري بالمركز التجاري الجديد: «الناس سعداء إلى حد الجنون بأن يكون لديهم سينما جديدة في مدينتهم».

ويقول أمير حيدر مدير شركة «مانديفوالا إنترتينمنت» صاحبة مشروع مجمع السينما في سينتوروس: «من المقرر افتتاح مجمع السينما الذي يضم خمس دور عرض اليوم الجمعة، وهي تستخدم النظام الرقمي بالكامل، وتتسع لأكثر من 500 متفرج».

وأضاف حيدر أن إحدى الدور تضم 17 مقعدا فقط، وهي مصممة خصيصا للدبلوماسيين وكبار الشخصيات الأخرى. كانت الشركة تقوم في السابق بتشغيل مجمع سينمائي يضم عدة دور عرض في مدينة كراتشي الساحلية اعتبارا من عام 1988، ولكن المجمع تعرض للحريق، بالإضافة إلى ثلاث دور أخرى العام الماضي أثناء احتجاج قام به طلاب معهد ديني إسلامي بعد أن أثار غضبهم تسجيل فيديو نشر على موقع «يوتيوب» الإلكتروني تردد أنه يمثل إساءة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). يقول باراك الله خان وهو موزع للأفلام الهندية في مدينة لاهور، إن صناعة السينما في باكستان كانت «تجارة تدر ربحا قبل الاتجاه بالمجتمع إلى التشدد الممنهج بدءا من أواخر سبعينات القرن الماضي».

وأضاف خان أنه يأمل في أن تعود السينما إلى سابق عهدها بعد أن خفضت الحكومة الضرائب على التذاكر من 150 في المائة إلى صفر في المائة على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة.

وقال أيضا إنه يجب أن تنتعش صناعة الترفيه لكي تواجه «التطرف الديني الذي قضى تماما على كل شيء». وأوضح أن القرصنة على الأفلام قد أضرت أيضا بصناعة السينما.

وقال أمير حيدر: «سيتعين على الحكومة التصدي لظاهرة القرصنة على الأفلام إذا أرادت النهوض بالصناعة التي يمكن استخدامها أداة لمكافحة العقليات المتطرفة».