سيدات الأعمال العربيات يلتقين في لندن لبحث تعزيز دور المرأة في الاقتصادات العربية

ضمن مؤتمر «شراكة دوفيل» المنبثقة عن مجموعة الثماني

جانب من مؤتمر سيدات الأعمال العربيات في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

اجتمعت سيدات الأعمال العربيات في لندن يومي 25 و26 يونيو (حزيران) لعقد مؤتمر رفيع المستوى لتعزيز دور المرأة في الاقتصادات العربية.

جمع مؤتمر «شراكة دوفيل» المنبثق عن مجموعة الثماني، مؤتمر المرأة في قطاع الأعمال الذي أقيم في لانكستر هاوس، مجموعة من السياسيين، وأصحاب الأعمال ومؤسسي المنظمات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية التي تركز على النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويهدف هذا الحدث إلى البحث عن سبل مختلفة لتحرير الفرص أمام المرأة العربية في عالم الأعمال.

ضمت قائمة المتحدثين في المؤتمر شيري بلير، زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ووزيرة الدولة في الإمارات العربية المتحدة الدكتورة ميثاء سالم الشامسي، وعضو شركة «سي آي دي» للاستشارات والفائز بجائزة «سكول» للريادة الاجتماعية، ليلى إسكندر، ووزير الدولة البريطاني لشؤون التجارة والاستثمار اللورد غرين. وقال اللورد غرين «هناك مخزون هائل غير مستغل من المواهب والطاقة يكمن في النساء ولم يعد بمقدورنا تجاهل ذلك بعد الآن». وأضاف «سيكون من الحماقة الاعتقاد أن المرأة لا تواجه تحديات خاصة سيدات الأعمال»، وقالت شيري بلير إن «هذه مشكلة تظهر في كل جزء من العالم، لكن المؤتمر يركز بشكل خاص على التحديات التي تواجهها المرأة في هذا المجال في الشرق الأوسط».

كانت أهمية ريادة الأعمال ودورها في بناء الاقتصاد أحد المواضيع الرئيسة التي سيطرت على المناقشات. وذكر وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية، جاستن غريننغ أن «الاستثمار في المشاركة الاقتصادية للمرأة شيء ذكي، لأن الأمر يتعلق بتحرير الإمكانات الاقتصادية للبلدان، لا سيما في الوقت الذي نشهد فيه ارتفاع معدلات البطالة وتراجع النمو تحت الضغط في العديد من الدول». وأقرت بلير بأن بعض العقبات التي تواجهها المرأة العربية في عالم الأعمال تكمن في الإطار القانوني للبلد، لكنها اعترفت أيضا بأن «الحواجز غير الرسمية غالبا ما يكون من الصعب إزالتها». وأشارت الوزيرة التونسية الوحيدة، سهام بادي، إلى أن قانون المساواة تم تمريره في بلدها في مايو (أيار) 2011. وقالت «وصلت نسبة مشاركة النساء في كتابة الدستور بعد الثورة إلى 28 في المائة، وهذا هو ما توجبه قوانين الانتخابات». وأضافت أن «القوانين في حد ذاتها ليست كافية»، مشيرة إلى ضرورة انتشار «التعليم، وثقافة المساواة وعدم التمييز على أساس الجنس». وتحدثت وداد بوشماوي، أول رئيسة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، عن ريادة الأعمال بين المرأة التونسية. وذكرت أنه على الرغم من وجود عدد كبير من النساء في التعليم العالي في تونس، فإن عددا قليلا من النساء أخذن بزمام المبادرة لإنشاء شركات ومشاريع خاصة بهن. وأوصت بوشماوي بضرورة تشجيع روح المبادرة، وقالت «ينبغي توسيع دائرة التعاون وألا يقتصر على المؤسسات الحكومية والعامة».

وأبرزت ريم بدران، نائبة رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة في كل من عمان والأردن، على أهمية وجود المرأة في مجالس إدارة الشركات والمشاركة في اتفاقيات التجارة الدولية. وقالت «نحن جزء من المجتمع، ولسنا غرباء عنه»، في إشارة إلى الحواجز الثقافية التي كثيرا ما تعوق النساء عن المشاركة في التجارة في منطقة الشرق الأوسط.

وتحدثت وزير التنمية الاجتماعية الأردنية ريم أبو حسان عن ارتفاع نسبة التعليم العالي في الوقت الذي انخفض فيه معدل مشاركة النساء في مجال العمل في بلادهن. واعترفت أيضا بحدوث تطورات إيجابية في إنشاء صندوق لدعم إجازة الأمومة في الأردن وإدخال تعديل على قانون الأحوال الشخصية بما يضمن المزيد من الحقوق للمرأة في الأسرة. وشددت على أن «واقع حياة العديد من النساء يتطلب أن يكون هناك تدخل من قبل الدولة، وإلا فإن الأعراف والتقاليد الثقافية لن تسمح أبدا للنساء باستغلال قدراتهن».

وركز اليوم الثاني من المناقشات حول دور المرأة العربية في مجال التجارة والاستثمار. وافتتحت البارونة سيمونز ووزيرة دولة الإمارات العربية المتحدة، الدكتورة ميثاء سالم الشامسي، الجلسة. وطالبت الدكتور الشامسي الوفود المجتمعة بضرورة «دعم تطلعات المرأة في منطقة الشرق الأوسط».

وأبدى المؤتمر نجاحا في توفير منتدى للتواصل بين سيدات الأعمال العرب من مختلف أنحاء الشرق الأوسط. لكن لم يبد حتى الآن ما إذا كانت القضايا التي نوقشت ستترجم إلى تغيير حقيقي على أرض الواقع أم لا. وقد أحرزت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية «يوبيل أفضل امرأة صاحبة مؤسسة في العالم العربي» التي تمنحها «شراكة دوفيل» لمجموعة الثماني، التي تترأسها حاليا المملكة المتحدة، والمخصصة للنساء العربيات اللاتي برزن بمساهمتهن في التنمية الاقتصادية لبلدانهن وقدراتهن على التأثير والإبداع. وقد تم تنظيم حفل تسليم هذه الجائزة يوم الخميس 26 يوليو (تموز) 2013 في لندن على هامش ندوة «دور النساء العربيات في مساندة الاقتصادات المفتوحة والتنمية الشاملة» المنعقدة في إطار «شراكة دوفيل» مع البلدان العربية التي تشهد مراحل انتقالية، يومي ألأربعاء والخميس الماضيين بالعاصمة البريطانية. وتهدف هذه الجائزة إلى تكريم النساء صاحبات المؤسسات اللاتي تميزن بقدراتهن القيادية سواء في المؤسسات الاقتصادية أو المنظمات والهياكل والجمعيات التي تعنى بالشأن الاقتصادي، من حيث حسن التصرف والحوكمة، ونشر ثقافة المؤسسة، والمواطنة، وقدرتهن على التأثير في محيطيهن والتعبئة على كسب التحديات والنجاح.

وقد تميزت وداد بوشماوي من بين نساء عربيات أخريات في ميدان الأعمال تقدمن لهذه الجائزة.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» عبرت وداد بوشماوي عن فخرها بهذه الجائزة قائلة «إن هذا التكريم يدفع نساء تونس إلى مزيد من الإصرار على المساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي التي تعيشها البلاد وفي كسب التحديات التي تواجهها، في هذه الظروف الصعبة خاصة في ميادين الاستثمار والتشغيل والتصدير» مضيفة أن المرأة التونسية «لن تفرط في مكاسبها وستواصل الدفاع عن المكانة التي وصلت لها وفي خدمة الشأن العام» وتترأس وداد بوشماوي منذ شهر مايو 2011 الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف التونسية) الذي شهد مرحلة عاصفة على غرار باقي المنظمات والجمعيات التونسية إبان 14 يوليو 2011. وقد نجحت هذه المرأة، المتخرجة في كلية للاقتصاد والتصرف بتونس منتصف الثمانينات، في قيادة هذه المنظمة خلال هذه الفترة الصعبة إلى عقد مؤتمرها في 17 يوليو 2013، حيث أعيد انتخابها على رأس اتحاد الأعراف، لتكون أول امرأة تترأس نقابة لأصحاب المؤسسات في العالم العربي. وهي من عائلة من الجنوب التونسي معروفة في مجال الأعمال، وتنشط بالخصوص في قطاعات النفط والنسيج والخدمات.