اتفاق أوروبي على قواعد جديدة للتعامل مع البنوك المتعثرة

إلى جانب موازنة طويلة الأجل للاتحاد

TT

انطلقت أمس الخميس ببروكسل أعمال القمة الأوروبية بمشاركة قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقبل ساعات قليلة من انعقاد القمة، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أن كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي توصلوا لاتفاق أمس بشأن موازنة الاتحاد للسنوات السبع المقبلة، ويأتي ذلك فيما توصل وزراء مالية الدول الأعضاء في التكتل الموحد إلى اتفاق حول طريقة إعادة رسملة أو تصفية المصارف المتعثرة في دولهم من خلال قواعد جديدة للتعامل مع البنوك المتعثرة في الاتحاد الأوروبي.

وفي مؤتمر صحافي ظهر الخميس، قدم مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية الشكر للأطراف التي شاركت في العملية التفاوضية طوال الفترة الماضية، حول الموازنة متعددة السنوات للاتحاد الأوروبي، وهي البرلمان الأوروبي والرئاسة الآيرلندية الحالية للاتحاد، وبإشراف المفوضية بصفتها الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، ووصف باروسو التوصل لاتفاق حول إطار مالي متعدد السنوات بأنه خطوة مهمة، وهي من أجل الاتحاد الأوروبي، والمواطنين الأوروبيين، والاقتصاد الأوروبي.

وانعقدت في مارس (آذار) الماضي، مفاوضات بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي في محاولة لتفادي أزمة ظهرت في أعقاب إقرار قمة بروكسل التي انعقدت في السابع والثامن من فبراير (شباط) الماضي لموازنة متعددة السنوات، لا تلقى قبولا من جانب البرلمان الأوروبي، وهو المؤسسة التشريعية العليا في الاتحاد الأوروبي، ولاقت انتقادات من مؤسسات أوروبية أخرى.

المفاوضات جاءت بعد أسبوع من جلسة مناقشات حول نتائج القمة بحضور هرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد، وباروسو رئيس المفوضية، وتعرض فان رومبوي لانتقادات وهجوم حاد من جانب أعضاء في البرلمان الأوروبي بسبب مقترحات للموازنة المتعددة السنوات التي أقرتها القمة، وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إن التوقعات كلها تشير بوضوح إلى أن هناك الكثير من العمل المطلوب والتحديات الكبيرة، وأن النقاش حول مستقبل الاتحاد النقدي والاقتصادي الأوروبي يجب أن لا يقتصر على القضايا المؤسساتية، وإنما يجب التركيز وبالحماس نفسه على النمو وخلق فرص العمل والقدرة التنافسية للصناعة الأوروبية.

ويأتي ذلك فيما توصل وزراء مالية الدول الأعضاء في التكتل الموحد إلى اتفاق حول طريقة إعادة رسملة أو تصفية المصارف المتعثرة في دولهم من خلال قواعد جديدة للتعامل مع البنوك المتعثرة في الاتحاد الأوروبي. وقال وزير المالية الهولندي، وهو في الوقت نفسه رئيس مجموعة اليورو: «في حال تعثر أحد البنوك سيكون هناك الآن مجموعة من القواعد في جميع أنحاء أوروبا تحدد من يتحمل الخسائر». وجاءت تصريحات الوزير الهولندي بعد الاجتماع الذي استضافته بروكسل، وأوضح الوزراء في تصريحات مختلفة أن هذا الاتفاق سيساهم في عدم المساس بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين: «وهناك هامش من الحرية لكل دولة عضو لإدارة أزمات مصارفها»، ويتمحور الاتفاق حول عنصرين، هما إجبار الدول على أن تطلب من المفوضية الأوروبية الحصول على إذن سلفا باستخدام أي أموال عامة، وضمان بأن دافعي الضرائب لن يسددوا فاتورة إفلاس المصارف سوى كملاذ أخير وبشكل منظم.

وبموجب الاتفاق سيكون هناك نموذج واحد على المستوى الأوروبي لإنقاذ البنوك، حيث ستحمى الودائع التي تقل عن مبلغ 100 ألف يورو بشكل كامل، كذلك لن تتأثر الودائع الأخرى للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلا بعد استنفاد الركون إلى جميع الدائنين الآخرين. كما ستجبر صناديق إنقاذ المصارف على مستوى كل دولة على وضع ضمانات مالية تناهز 1 في المائة من ودائع جميع المصارف على امتداد عشر سنوات على الأقل. كما ستجبر المصارف أيضا على المساهمة بشكل سنوي في رأس مال هذه الصناديق.

وأعرب مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الخدمات والسوق الداخلية ميشال بارنييه في بيان عن سعادته لتوصل وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي واسع النطاق حول القواعد المستقبلية لكيفية إعادة هيكلة وحل مشاكل البنوك المتعثرة. وقال بارنييه إن «هذه القواعد مهمة لحماية دافعي الضرائب من الاضطرار إلى إنقاذ البنوك في المستقبل». وأشار إلى أن «المودعين سيتمتعون بالحماية الكاملة لودائعهم التي تكون قيمتها أقل من 100 ألف يورو حتى عندما يتعرض البنك لضائقة مالية». وأضاف أن «القواعد الجديدة ستعرض على البرلمان الأوروبي لكي يوافق عليها».

من جهته قال وزير المالية الآيرلندي مايكل نونان الذي توسط في الاتفاق في الاجتماع غير العادي مع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، في بيان: «خلال الأزمة المالية لم يكن هناك أي خيارات متاحة للدول الأعضاء للتعامل مع البنوك المتعثرة وتفاوتت ردود الفعل في جميع أنحاء أوروبا». والاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد عدة جولات من المفاوضات خلال الفترة الماضية، واعتبارا من يناير (كانون الثاني) 2014 ستكون البنوك في الاتحاد الأوروبي أقوى، بعد أن صوت أعضاء البرلمان الأوروبي منتصف أبريل (نيسان) الماضي على مجموعة من الإجراءات تتضمن وضع حد لمكافآت المصرفيين ومخاطر المضاربة وزيادة رأس المال لمساعدة البنوك على التعامل بشكل أفضل مع الأزمات مع تشديد الرقابة المصرفية.