لبنان يركز تحقيقاته في خطف الطيارين التركيين على سائق الحافلة وموظفي المطار

مطالبات سياسية بإطلاق سراحهما.. ونعي رسمي لموسم السياحة

TT

لم تفصح السلطات اللبنانية عن إحراز أي تقدم في نتائج التحقيقات التي تجريها بشأن اختطاف طيارين تركيين من قبل مسلحين مجهولين بعد مغادرتهما مطار بيروت الدولي فجر أول من أمس، في محاولة لحث تركيا على ممارسة دور أكبر في تحرير تسعة لبنانيين محتجزين منذ عام ونصف العام في منطقة أعزاز السورية. وقال إينان أوزيلديز، السفير التركي لدى لبنان، غداة لقائه عددا من المسؤولين اللبنانيين، أمس، إن السلطات اللبنانية لم تعط بلاده أي معلومات جديدة عن التركيين المخطوفين.

وكان مسلحون مجهولون اعترضوا، فجر الجمعة، حافلة نقل لبنانية تقل طاقم طائرة مدنية تركية من مطار بيروت إلى أحد فنادق بيروت، وذلك بعد دقائق من خروجها من حرم المطار، واحتجزوا الطيار ومساعده، فيما تركوا باقي أفراد طاقم الطائرة التابعة للخطوط التركية.

وتجري السلطات اللبنانية تحقيقاتها من أجل جلاء ظروف حادثة الخطف، وتشمل التحقيقات بشكل أساسي سائق الحافلة اللبناني، وموظفين في المطار وبرج المراقبة. وقال وزير الداخلية اللبناني أمس بعد استقباله سفير تركيا «إننا سنستكمل التحقيق في موضوع التركيين وسنسترجعهما عندما نحدد موقعهما»، مؤكدا أن «لبنان يرفض الخطف والدولة تسعى بكل قواها إلى تحرير المخطوفين».

وتبنت مجموعة مجهولة تطلق على نفسها اسم «زوار الإمام الرضا» عملية الخطف، مشترطة تحريرهما مقابل تحرير اللبنانيين التسعة المحتجزين في أعزاز، فيما أكد المتحدثون باسم أهالي المخطوفين أنهم لا علاقة لهم بعملية الخطف، مبدين في الوقت ذاته ترحيبهم بها.

ويعود الترابط بين مخطوفي أعزاز (عددهم 11 أطلق اثنان منهم في وقت لاحق) الذين احتجزوا في حلب، شمال سوريا، لدى عودتهم من زيارة للعتبات المقدسة في إيران في 22 مايو (أيار) 2012، وبين تركيا، إلى دخول الأخيرة على خط المفاوضات لإطلاق سراحهم، بعد أيام من اختطافهم. ففي 25 مايو 2012، أبلغ وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو كلا من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور بأن «اللبنانيين الذين تم خطفهم في سوريا هم بخير وباتوا في تركيا». وأرسل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، الذي بذل جهودا في المفاوضات، طائرة خاصة إلى تركيا لنقل المخطوفين في الليلة ذاتها، فيما عمت المظاهر الاحتفالية في بيروت. لكن تطورات مفاجئة لم يتضح مضمونها حالت دون وصول الطائرة في موعدها المحدد إلى بيروت، على الرغم من توجه المسؤولين والأهالي إلى المطار. وأدى ذلك إلى ردود فعل سلبية في بيروت، حيث أطلق أهالي المخطوفين اللبنانيين سلسلة تحركات مناهضة للمصالح التركية في بيروت، وخطف ما يسمى بالجناح العسكري لآل المقداد مواطنا تركيا تم إطلاق سراحه لاحقا. وباتت تركيا في نظر الأهالي منذ تلك الفترة جهة حاضنة لخاطفي اللبنانيين.

من ناحيته، شدد السفير التركي لدى لبنان، في تصريحات صحافية، على «ثقته في دور السلطات اللبنانية في التوصل إلى إطلاق سراح الطيارين»، نافيا أن «تكون بلاده قد أرسلت أي فريق للتحقيق في حادثة اختطاف التركيين».

ولاقى خطف الطيارين التركيين ردود فعل منددة في لبنان، حيث طلب رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية، من السفير التركي بعد استقباله أمس أن «ينقل إلى المسؤولين الأتراك موقف تيار المستقبل» بـ«إدانة هذه الجريمة، واعتبارها موجهة ضد لبنان قبل تركيا». وقال السنيورة، الذي تداول خلال اتصال هاتفي برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في «مخاطر» هذه «الجريمة»، إنها «لا تمثل لا لبنان ولا اللبنانيين، بل تضر بالاستقرار وهدفها إلحاق الضرر بالعلاقات بين البلدين».

في موازاة ذلك، أطلق وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود صرخة أمس في تصريحات عدة، اعتبر خلالها أن «عملية خطف الطيار التركي ومساعده كانت المسمار الأخير في نعش السياحة». وقال إن «الأثر الاقتصادي والسياسي في موضوع الخطف سلبي جدا ولا يتماشى أبدا مع السياحة»، مشيرا إلى «وجود أكثر من خمسمائة سائح تركي حاليا في لبنان تم اتخاذ إجراءات أمنية احترازية لحمايتهم».

ويسلط تكرار حوادث الخطف وقطع الطريق المؤدية إلى مطار بيروت، والواقعة في منطقة خاضعة عمليا لنفوذ حزب الله، الضوء على أهمية اتخاذ تدابير أمنية مشددة لحماية المسافرين والوافدين إلى لبنان، بعد أن ثبت فشل كل التعهدات التي سبق أن التزم بها كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس البرلمان اللبناني لناحية عدم قطع طريق المطار أو التعرض لسالكيه.

وفي حين طالب رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في البرلمان النائب محمد قباني «الدولة اللبنانية بحماية المطار والشركات التي تستعمله، وشركة الطيران التركية وطواقمها»، قال زميله في كتلة المستقبل النائب محمد كبارة إن «عملية الخطف على بعد أمتار قليلة من حاجز الجيش اللبناني المكلف بحماية حرم المطار تدق أكثر من جرس إنذار، وتطرح أكثر من طلب يعبر عن حق المواطنين اللبنانيين كما حق زوار لبنان، في مطار آمن وأمن لا يتغافل عن إرهاب لصالح إرهاب آخر».

وجدد كبارة في بيان صادر عنه أمس المطالبة بتشغيل مطار القليعات العسكري في منطقة عكار شمال لبنان «لنؤمن للبنانيين وزوارهم من غير الإرهابيين مطارا آمنا، لا سيما بعدما قاربت الدولة اللبنانية على الانزلاق إلى مرتبة الدولة المارقة الداعمة للإرهاب، نتيجة تغاضيها عن ممارسات الحزب الإرهابي»، في إشارة لحزب الله.