زياد بهاء الدين: الحكومة المؤقتة تحظى بدعم كبير

نائب رئيس وزراء مصر للشؤون الاقتصادية: مستعدون للتفاوض مع البنك الدولي عندما يكونون مستعدين

TT

عشية تشكيل الحكومة المصرية المؤقتة في 3 يوليو (تموز)، كانت البلاد تشهد أزمة اقتصادية خانقة نتيجة انخفاض احتياطي النقد الأجنبي بصورة تنذر بالخطر. تراجع السياحة، التي تعتمد عليها مصر، دفعت رئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوي إلى الاستعانة بزياد بهاء الدين لتولي منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية.

يصف محمد العريان، أحد أبرز المستثمرين الأميركيين بهاء الدين بأنه «مستقبل مصر». وقد زارت لالي وايموث مراسلة «واشنطن بوست» بهاء الدين في مكتبه بالقاهرة، وهو يحاول البحث عن حلول للمأزق الاقتصادي.

* كيف ترى الوضع في مصر في الوقت الراهن؟

- الوضع صعب لأننا وجدنا أنفسنا في مرحلة انتقالية أخرى، فقد سئم المصريون من الفترات الانتقالية. لكن الجيد بشأن هذه الفترة الانتقالية الحالية هي أنها توجب علينا التحرك سريعا لانتخاب برلمان ورئيس وإجراء التعديلات الضرورية على الدستور.

* هل أصابتك الدهشة إزاء التغيير الحكومي الذي جرى في الثالث من يوليو (تموز)؟

- كلا، الحقيقة أنني كنت على يقين من أن ما جرى في 30 يونيو (حزيران) سيسفر عن تغيير كبير. وبدا جليا لي أن الرأي العام قد تحول فعليا تجاه الإخوان المسلمين. لقد فقد الرئيس ونظامه شرعيتهم بالمعنى الذي أدركه كل المصريين. وبدا لي استحالة عودته إلى منصبه في ضوء المظاهرات الحاشدة. ومن ثم كان لا بد وأن يحدث شيء ما، سواء كان إقالة الرئيس أو عزله من منصبه أو الدعوة إلى استفتاء مبكر.

* أصيب الغرب بالدهشة نتيجة أحداث الثالث من يوليو (تموز)؟

- أنا مندهش من أن ما جرى كان غير متوقع للصحف والدوائر الغربية. أعتقد أن ذلك كان يعود إلى أن الغرب تجاهل الكثير من المؤشرات الواضحة بوقوع أخطاء. وقد طلبت منهم ألا يحكموا على حجم معارضة محمد مرسي بمتابعة الأحزاب السياسية. وقلت لهم إن المقاومة الحقيقية توجد خارج الأحزاب في الدوائر الاجتماعية والمجتمع المدني، وفي صفوف حركات المعارضة.

* ما طبيعة التنسيق بين الجيش والحكومة المؤقتة؟ هل تضطر إلى الرجوع في كل القرارات إلى الجيش؟

- على الصعيد الشخصي لا، لكن من الناحية الرسمية، فالفريق أول عبد الفتاح السيسي عضو في مجلس الوزراء.

* ما مدى السلطات التي تتمتع بها الحكومة المؤقتة؟

- تم تشكيل الحكومة في ظل ظروف استثنائية، لتكون حكومة تكنوقراط وتحظى بدعم كبير في مصر. لكن السلطات التي يتمتع بها الرئيس أو الحكومة أو الجيش لم تحدد بوضوح.

* هل ستحاول البدء في التفاوض مع صندوق النقد الدولي؟

- يجب على صندوق النقد الدولي التفاوض مع حكومة غير مؤقتة، وأنا على استعداد للتفاوض عندما يكونون مستعدين. ويجب أن يكون هناك فهم أفضل لدى الشعب المصري بشأن الأوضاع الاقتصادية التي قد تترتب على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

* هل تشعر بالقلق من تأثير العنف الجاري على المساعدات والاستثمار؟

- ما من شك في أن الوضع السياسي يؤثر على الاقتصاد من عدة نواح. لعل أحدها هو تأثيره على البلدان الشريكة والبلدان ذات المصالح الاقتصادية. علينا أن نواصل التركيز على الهدف، [وهو] شكل أفضل من الديمقراطية. وأنا أقدر قلق العالم الخارجي تجاه الحالة الراهنة للديمقراطية في مصر، ولكن طالما أن الهدف هو الوصول إلى الديمقراطية مجددا، يتعين عليهم أن يعملوا معنا وتحمل بعض أوجه القصور.

* الوقود والقمح يدعمان بشكل كامل للفقراء والأغنياء على حد سواء، على الرغم من أن 40 في المائة من السكان يعيشون بأقل من دولارين يوميا.

- نحن نسعى إلى استهداف شريحة بعينها وأن يتم إنفاق الأموال المخصصة للدعم بشكل أفضل لتحقيق أفضل نتائج اقتصادية واجتماعية.

* كيف تخطط للتعامل مع المنظمات غير الحكومية؟

- سوف يتعين أن يتم تسجيلها. ما تحتاجه هو قانون جديد لجعل هذه العملية أكثر شفافية. من ثم، إذا تقدمت بطلب تسجيل منظمة غير حكومية، ولم تلق أية معارضة خلال فترة زمنية معينة، تعتبر المنظمة سارية.

* ألا ينبغي عدم منح عفو للعاملين بالمنظمات غير الحكومية ممن تمت إدانتهم؟

- إن عملية العفو القانونية في القانون المصري تتم إما بموجب مرسوم رئاسي أو في حالة صدور قانون في المستقبل يجعل كل ما فعلوه في الماضي قانونيا. ولم يحدث أي من هذا بعد.

* ما الأضرار الأخرى التي ألحقتها جماعة الإخوان المسلمين بالاقتصاد؟

- أعتقد أن أسوأ الأضرار كان هو شلل البيروقراطية والعجز عن المضي بالأشياء قدما للأمام. بعدها، كانت هناك حالة بلبلة هائلة حول السياسة الضريبية. إنك تطرح ضريبة، وبعد بضعة أيام، تقول إنك ستقوم بإلغائها، لكن تعجز عن إلغائها رسميا، من ثم، لا تكون موقنا مما إذا كانت تلك الضريبة سارية أم لا. ويعتبر الغموض في العمل أكثر الأمور ضررا.

* هل تعتقد أن الإسلاميين بحاجة لأن يتم تضمينهم في حكومة مستقبلية؟

- لا يمكن تضمين أي شخص كان شريكا في أعمال عنف. ينبغي أن تكون هناك مساحة لكل شخص، ولكن في إطار عدم خرق القانون.

* هل تؤيد محاكمة مرسي؟

- ينبغي أن يكون هناك مسار قانوني. فإذا ما كان قد ارتكب جرائم، تجب محاكمته. يبدو من المتأخر الآن إجراء تحقيق في هروبه من السجن الذي تم قبل عامين. لكن هناك جرائم أخرى. كان من المهم توجيه تهمة ما إليه بشأنها. إن موقف إبقائه من دون توجيه اتهامات إليه لم يكن صائبا.

* يقول مسؤولون أميركيون إنهم لم يسمح لهم بمقابلته، ما قولك في ذلك، مع أن حتى حسني مبارك يسمح لأفراد أسرته بزيارته؟

- لا يمكنني بأية حال من الأحوال أن أصف الوضع الذي نحن فيه باعتباره الوضع الصائب أو الديمقراطي - فهو ليس كذلك. ما يهم هو: هل نتجه صوب الديمقراطية أم لا؟

* ما المدة التي تعتقد أننا سنستغرقها للوصول إلى هذا الوضع؟ ستة أشهر؟ تسعة أشهر؟ ومن الذي يقوم بصياغة الدستور؟

- ستتشكل لجنة لمراجعة مادته. كانت اللجنة التي صاغت [الدستور الذي تم تمريره في عهد مرسي] متحيزة تماما. كان غالبية أعضائها من جماعة الإخوان المسلمين. وقد سعوا لإتمام الإجراءات بسرعة مستغلين أغلبيتهم. كان إعلان مرسي نفسه فوق القانون هو نقطة الانفجار. لقد تجاهلوا أية إشارة على الاحتجاج أتت بعد ذلك.

* إذن، هل استحوذ على السلطة بأكملها؟

- أجل. من ذلك الوقت، ارتفع مستوى الاحتجاج بشكل هائل. بحلول أبريل (نيسان)، بدا من الواضح أن ذلك الوضع لن يستمر. فقد تم استبعاد المسيحيين والنساء في الدولة من قبل نظام مرسي.

* هل تشعر بالإحباط من رد فعل الإدارة الأميركية؟ لقد قالوا إن ما حدث لم يكن انقلابا..

- أجل، كان ذلك أمرا جيدا جدا. لا يمكنك أن تقول إنه كان انقلابا. فقد أشعل هذا الادعاء موجة غضب بين المصريين الذين خرجوا للشوارع، ليس فقط يوم 30 يونيو (حزيران) ولكن على مدى عدة أشهر. كانت تخالج كثيرين مشاعر الإحباط من حكومة مرسي. ومن ثم، فإن رد الفعل هذا يعتبر مهينا جدا بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا ضد نظام مرسي.

* هل تعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تعود للعمل السري وتبدأ العنف الأهلي في الوقت الراهن؟

- أتمنى ألا يحدث ذلك. ينبغي أن تتم استعادة النظام العام. لكن ذلك أيضا يجب أن يحدث في سياق القانون وحقوق الإنسان.

* هل تعتقد أن مصر على شفا حرب أهلية؟

- كلا، ولكن ينبغي أن تبدأ عملية مداواة الجروح. الشعور العام بترابط الدولة يشكل أهمية بالغة لجموع المصريين.

* «نيويورك تايمز»