الأزهر يقود جولة جديدة للتوصل إلى مصالحة وطنية بعد فشل الوساطة الغربية

البرادعي يدعو للقضاء على «الاستبداد».. وبان كي مون يعرب عن «قلقه»

أحد مناصري الرئيس المعزول مرسي يساعد زميلا له على ارتداء خوذته في مظاهرة مؤيده له أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف جولة جديدة أمس من الاتصالات مع مختلف القوى السياسية من أجل التوصل إلى مصالحة وطنية شاملة بين الأطراف المتنازعة في مصر، بعد فشل الجهود الدولية في التوسط بين السلطات الجديدة للبلاد وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي المعتصمين لأكثر من شهر.

ودعا الطيب القيادات السياسية لاجتماع عاجل مطلع الأسبوع القادم عقب إجازة عيد الفطر، لبحث مبادرات الحل، في وقت أعرب فيه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه العميق «إزاء استمرار الجمود السياسي»، بينما قال الدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري لشؤون العلاقات الخارجية: إن «المعركة اليوم هي القضاء على الاستبداد بجميع أشكاله وصوره».

وتابع البرادعي في تصريح له أمس على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلا: إن «ثورتنا قامت لنستعيد عقلنا وقيمنا وإنسانيتنا، ويمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته».

وواصل عشرات الآلاف من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، أمس اعتصامهم المستمر منذ 28 يونيو (حزيران) الماضي في ميدان «رابعة العدوية» شرق العاصمة القاهرة، وأيضا في ميدان «نهضة مصر» في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، للمطالبة بعودة مرسي للحكم ورفض ما سموه «الانقلاب العسكري على الحكم». وقالت مصادر أمنية إن عملية أمنية محكمة ستجري خلال الأيام المقبلة لفض الاعتصامين بـ«شكل قانوني».

وشهدت منطقة «المنصة» بمدينة نصر أمس توافدا للمئات من مؤيدي الإخوان المسلمين لإحياء ذكرى ضحايا الاشتباكات الدامية التي شهدها شارع النصر منذ نحو أسبوعين بين الأمن ومؤيدي مرسي، وسقط خلالها عشرات القتلى.

وبدأت مشيخة الأزهر الشريف اتصالاتها أمس بأصحاب مبادرات المصالحة الوطنية لدعوتهم لاجتماع برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مطلع الأسبوع المقبل، وذلك بعد الاستجابة السريعة لأصحاب تلك المبادرات بعد الدعوة التي أطلقها شيخ الأزهر قبل عيد الفطر.

وكانت الرئاسة المصرية قد أعلنت الأربعاء الماضي «فشل الجهود التي يقوم بها المبعوثون الدوليون الذين يحاولون تسوية الأزمة».

وأعربت مشيخة الأزهر في بيان لها أمس عن تفاؤلها الكبير بنجاح ذلك الاجتماع بعد الاستجابة الواسعة من أصحاب المبادرات والقوى السياسية بمختلف انتماءاتها، بعد دعوة شيخ الأزهر، والذي سيعاود عمله بمشيخة الأزهر عقب إجازة امتدت تقريبا طوال شهر رمضان المعظم.

وقال مصدر بالأزهر الشريف إن الأزهر سوف يدعو أصحاب المبادرات التي قدمت لحل الأزمة الآنية التي تمر بها مصر في لقاء هام بعد عيد الفطر المبارك مباشرة، في حضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وأن هناك بعض المبادرات يمكن أن يبنى عليها لبدء المصالحة الوطنية.

وذكر المصدر أن استمرار تأزم الوضع في مصر ينعكس سلبا على خطوات التقدم الديمقراطي الذي ينتظره الجميع وعلى النهوض بالوضع الاقتصادي للدولة ومواطنيها، ومشيرا إلى أنه «يجب على الجميع إعلاء مصلحة الوطن».

من جهته، قال أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، إن فشل كل جهود الخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد سواء الجهود المحلية أو الجهود الدولية يدل على أن جماعة الإخوان المسلمين هم من يسعون لعدم حل الأزمة.

وحمل ماهر، في بيان له أمس جماعة الإخوان تعقيد الأزمة السياسية في البلاد والسعي للتصعيد عبر طرح مطالب وصفها بـ«التعجيزية»، لافتا إلى أن إصرار الجماعة على المطالبة بعودة مرسي إلى الحكم أمر غير ممكن التحقق، ويتجاهل قيام ثورة في البلاد، في إشارة إلى المظاهرات الحاشدة التي خرجت للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

وعزل قادة الجيش مرسي عقب مظاهرات 30 يونيو، ووضع خارطة مستقبل للبلاد بمشاركة قوى سياسية ورموز دينية، تضمنت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وتعديل دستور البلاد المثير للجدل.

وحذر ماهر من أن استمرار ما وصفه بالعناد، وعدم الاعتراف بالواقع أو «بكراهية» الشعب للإخوان المسلمين سيؤدي لنتائج وخيمة ليست في صالح الجماعة بالمرة، على حد قول البيان، مشددا على أن «كل تأخير سيزيد الفجوة بين جماعة الإخوان والمجتمع وسيقلل من فرص التئام الجرح».

وفي إطار الجهود الدولية، أعرب بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه العميق إزاء استمرار الجمود السياسي في مصر، داعيًا السلطات المصرية وجماعة الإخوان المسلمين إلى «ممارسة القيادة والمسؤولية في القيام بكل ما يمكن القيام به، لمنع مزيد من فقدان الأرواح في صفوف الشعب المصري».

وقال الأمين العام، في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه إنه «بينما تقترب عطلة عيد الفطر من نهايتها، أشعر بقلق عميق إزاء استمرار الجمود السياسي في مصر، وعلى الزعماء المصريين في كلا الجانبين ممارسة القيادة والمسؤولية في القيام بكل ما يملكون، لمنع مزيد من فقدان الأرواح في صفوف الشعب المصري».

وأضاف: «الشعب المصري رفع صوته عاليًا في يناير 2011، عبر سلسلة من المظاهرات الحاشدة والسلمية، والتي أحدثت تغييرًا ونقاشًا غير مسبوقين حول مستقبل مصر».

وأثنى بان كي مون على شجاعة والتزام الشعب المصري، خلال تلك الفترة بممارسة حقوقه في التجمع السلمي وحرية التعبير، مؤكدًا أن الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة بدعم مصر بشكل كامل.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، جميع الأطراف في مصر، من هم في مراكز السلطة ومن يحتجون في الشوارع، إلى الإسراع بإعادة النظر في أفعالهم وأقوالهم، لا سيما في ضوء التوترات الحالية ومخاطر اندلاع أعمال العنف.

وفي غضون ذلك، تلقى أمس وزير الخارجية المصري نبيل فهمي اتصالا هاتفيا من نظيره الفرنسي لوران فابيوس، تبادلا خلاله الرأي حول العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في مصر. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إن «الوزير الفرنسي أعرب خلال الاتصال عن قلقه إزاء حالة الاستقطاب القائمة في الشارع المصري، مطالبا بضرورة تحقيق الانضباط الأمني بما يحقق الأمن لكافة المواطنين».

وأضاف أن «فابيوس تطرق إلى الجهود والمساعي الحميدة التي تبذل من أجل وقف العنف وتخفيف حالة الاستقطاب، معربا عن أمله في أن تنجح مصر في الخروج من الأزمة الراهنة بالوسائل السياسية والسلمية»، مؤكدا استعداد بلاده المساهمة بأية إجراءات أو خطوات تعيد البلاد إلى المسار السياسي الديمقراطي الذي يجمع كافة القوى السياسية.

من جهته، قال نبيل فهمي وزير الخارجية، إن الحكومة المصرية ملتزمة بمعالجة القضايا القائمة من خلال الحوار وبالطرق السلمية «كلما أمكن ذلك»، مؤكدا أن الحكومة متمسكة بالتنفيذ الكامل لخارطة الطريق التي تشمل جميع المصريين بتوجهاتهم السياسية المختلفة دون إقصاء.